الكاتب: رؤوف الشيخ
إحدى الأشياء التي أعلمها لطلابي في ورشة تعليم التصوير للمبتدئين جملة مهمة – كن جريئاً وصوّر من قريب لأنّ الصورة القريبة لها أفضليات كثيرة. الكثير من الطلاب يفضلون أخذ الصور من مسافة بعيدة أو يصورون الهدف بمساعدة استعمال التقريب في العدسة (الزوم) وبهذا الأمر ينهون التصوير وبذلك يحافظ المصور على بعد ومسافة من الهدف بدلاً من الاقتراب منه. باستخدام هذه الطريقة يعتقد الطلاب بأنهم كسبوا أمرين: أولاً أنهم حصلوا على صورة “قريبة” دون الحاجة للاقتراب من الهدف. ثانيا أنهم نجحوا في التقاط الصورة بدون أن يشعر أو يحّس بهم أحد. هذه غلطة شائعة حسب رأيي!
مثال على ذلك مجموعة من طلابي قامت بزيارة لتصوير حي يقطن به أحد المشتركين، أراد فرد من المجموعة تصوير بعض الأولاد وهم يسيرون في شارع الحارة من مسافة 5-7 أمتار. وقف ثم التقط الصورة بعدسة 135 ملم وبهذه الطريقة أنجز العمل وصوّر الأولاد، على الرغم أنه كان بمقدوره أن يقترب أمثر من الأولاد، لكنه فضّل التصوير من بعيد. الصور ظهرت بنتيجة مقبولة ومناسبة.
طلبت من الطالب أن يصوّر مرة أخرى وأن يقترب أكثر من الأولاد أي من على بعد متر ونصف، وفعلاً اقترب وصوّر الأولاد وبهذا حصل على نتائج أفضل.
عدسة الزوم هي اكتشاف رائع وخاصة عند تصوير الحيوانات والطيور في الحياة البريّة أو عند توثيق الأحداث الرياضية حينها لا يوجد لك مفر سور التصوير عن بعد.
عندما تصوّر عن قرب تحصل على نتائج مثيرة للاهتمام!
الأجزاء الدقيقة في العنصر المصوّر تكثر وتبرز بشكل رائع على الرغم بأنك تملك عدسة بجودة عالية وكون جهاز الإحساسsensor كبير. عندما تصوّر عن قرب سوف تكون الصورة الملتقطة “غنيّة” بالمعلومات والتفاصيل وسيكون من السهل عليك التركيز على الجسم المراد تصويره بدون أن تحتوي الصورة على عناصر أخرى لا ترغب بها.
صورة البقرة التالية اتقطتها في المرعى عن بعد متر, عندما كنت قريباً من البقرة أصابني بعض الخوف لكنني توكلت على الله ونفذت العمل. لو أنني التقطت الصورة من بعيد لفقدت أزهار عصا الراعي وأجزاء أخرى دقيقة داخل إطار الصورة.
أنظر لصورة الرجل بعدسة 50 ملم التقطتها عن قرب، كان يجلس في قهوة بقريتي، عندما صورتها لم أفكر كثيراً، بدأت التصوير بحس وجرأة ومن زوايا مختلفة، كنت جالساً على نفس الطاولة ونحتسي القهوة وكلي إصغاء لحكاياته الرائعة. بورتريه من قريب لشخص برؤية مختلفة. أحببت الصورة كونها تحتوي على كثير من العناصر القريبة من المحيط الذي أعيش به – اللباس التقليدي, كفة اليد والسيجارة، علامات الشيخوخة، تعابير الوجه، الماضي والحاضر.
نصيحة
في المرة القادمة كن جريئاً واقترب من مكان الموضوع الذي ترغب بتصويره، وتذكّر أنّ التصوير عن قرب له أفضليات كثيرة حيث ستكون الصورة الملتقطة غنية ومليئة بالتفاصيل الدقيقة التي قد لا تنتبه لها عند النظر إليها بالعين المجرّدة لكنك ستلحظها وتتمعّن بها عندما تكون ضمن الصورة.