رمضان … في اللغة والأدب
العدد:
3594
أفرد الأدب العربي لشهر رمضان شهر المغفرة والرحمة صفحات جمّة ، فكما أفرد لأغراض متعددة مساحات واسعة كذلك حظي شهر رمضان باهتمام الشعراء والأدباء حيث تناولوه لغةً ومعنى ، شعراً ونثراً وما من كتاب يتحدث عن تاريخ الأدب العربي إلا وتجد ماقيل عن شهر رمضان الكثير الكثير لأنه شهر الصيام وأصل الصوم في كلام العرب : الإمساك ، ويقال : صام النهار إذا قام قائم الظهيرة ، وصامت الخيل إذا وقفت قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي ” وقال عليه الصلاة والسلام : ليس في الصوم رياءٌ . والصائم من الخيل : القائم الساكت الذي لا يَطْعَم شيئاً ، ومنه قول النابغة: خَيْلٌ صِيَامٌ وخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ تَحْتَ العَجَاجِ وأخْرَى تَعْلُكُ الُّلجُمَا وقال غيره : الصَّوْمُ في اللغة : الإمساكُ عن الشيء والترك له . وقيل للصائم صائم ، لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح . وقيل للصامت : صائم ، لإمساكه عن الكلام . وقيل للفرس : صائم ، لإمساكه عن العلف . مع قيامه . ويقال : صام النعامُ : إذا رمى برقه ، وهو صومه . وصام الرجل : إذا تَظَلَّلَ بالصوم ، وهو شجر. صامت الرِّيح : إذا ركدت ، وصامت الشمس عند انتصاف النهار : إذا قامت ولم تبرح مكانها . وبكرةٌ صائمة : إذا قامت فلم تدُر ، وقال الراجز : شَرُّ الدِلاء الْوَلْغَةُ المُلاَزِمَة والبَكَراتُ شَرُهُنَّ الصائمهْ ويقال : رجل صَوْمٌ ، ورجلان صوم ، وقوم صوم وامرأة صَوْم ، لا يُثنى ولا يُجمع لأنه نُعت بالمصدر ، وتلخيصه : رجل ذو صوم ، وقوم ذوو صوم ، وامرأة ذات صوم . ورجل صَوَّام : إذا كان يصوم النهار ويقوم الليل . ورجال ونساء صُوَّمٌ وصُيَّمُ . وصُوَّامُ وصُيَّام . كل ذلك يقال ومَصَامُ الفرس : مقامه . هذا ماجاء في معاجم اللغة أما ماجاء على لسان الشعراء فهذا الشاعر أبو بكر سهل بن مالك الغرناطي يذكر في شعره شهر رمضان شهر الصوم والعبادة بأن الإنسان لايبلغ مناله وغايته إن لم يصون صومه وبذلك تحفظ لهُ كرامته فهو يقول : لا تجلعنْ رمضانَ شهر فكاهةٍ تُلهيك فيه من القبيحِ فنونُه واعلم بأنّك لا تنال قبولَه حتَّى تكرِّمَ صومَه وتصونُه ويقول أيضاً في موضع آخر : إذا لم يكنْ في السمع منّي تصاونٌ وفي بصري غضٌ وفي منظري صمْتُ فحظّي إذن من صومي الجوعُ والظما وإن قلت إنّي صمتُ يوماً فما صُمْتُ ومن طريف الشعراء أن شُبَيل بن وَفَاء أدرك الجاهليّة وأسلم إسلامَ سَوءِ، وكان لا يصوم شهرَ رمضان، فعذَلتْهُ ابنتُه في ذلك، فقال: تأمرُني بالصَّوم لا دَرَّ درُّها وفي القَبر صومٌ يا تَبالَ طويلُ قال بعضهم في ذكر فضل رمضان في التقوى والإيمان : إذا حاولتَ صومَ الدَّهر فاقصدْ صيام ثلاثةٍ من كلّ شهرِ وشهرَ الصبر إنَّ الصوم فيه يكفِّرُ كلَّ معصيةٍ ووِزْرِ ويجزي الربُّ فعل العبد فضلاً ولطفاً منه واحدةً بعشرِ وهذا أبو تمام يقرن بعد الأحبة ورمضان فكما شهر رمضان يكون فيه الصيام كذلك فراق الأحبة فيقول في ذلك : وَأَصومُ بَعدَكَ عَن سِواكَ وَأَغتَدي مُتَقَلِّداً صَومَينِ في رَمَضانِ وقول الشاعر لسان الدين ابن الخطيب متنياً ألا ينقضي شهر الخير والبركة فيقول : تلقّيْتَ شهْرَ الصّومِ بالبِرِّ والتُّقى تودُّ بأنْ لا ينْقَضي ذلِكَ الشّهْرُ وقول شاعر آخر في شهر رمضان فهو شهر الشكر والدعاء : سقيا لشهرِ الصومِ من شهرٍ عندي لهُ ما شاءَ من شُكرِ وقول آخر يصف شهر رمضان بالطائر الميمون وهو الذي ينتظر البدر شوقاً وترقباً حتى يعود كالعرجون : وافاك شهر الصوم يخبر أنه جارٍ بأيمن طائرٍ ميمون ما زال يمحق بدره شوقاً إلى لقياك حتى عاد كالعرجون أما من طرائف ابن الرومي وهوايته للخمر فأنه يذكر شهر رمضان بأنه طويل بطيء في سيره وحركته فيقول : شهر الصيام وإن عظمت حرمته شهر طويل بطيء السير والحركة يمشي رويداً فأما حين يطلبنا فلا السليك يدانيه ولا السلكة وأنشد يعقوب بن الربيع: أظلَّكَ شهر الصوم فاطلب مساعداً على الراح فيه وانتهاك المحارم فإنك لا تدري أتُدرك فَطرَهُ وأنت سليم فيه أو غير سالم أما ماورد في كتب الأدب العربي عن المراسلات والتهاني بقدوم شهر الخير والبركة وبإقبالِ شهر رمضان حيث تضمنت التمنيات بالبركة والدعاء لنيل أكبر قسط فن فضل هذا الشهر فورد مايلي : ساقَ الله إليك سعادة إهلالِه، وعرّفك بركة كمالِه، أسهم اللّه لك في فضله، ووفَقك لفرضه ونفله، جعل الله ما أظلك من هذا الشهر مقروناً بأفضل القبول، مؤذناً بدرَكِ البُغيةِ والمسؤول، مشعراً عن نجح المأمول. لا أخلاك اللَهُ في هذا الشهر المبارك من بِر مرفوع ودُعاءً مسموع، قابل الله بالقبول صيامك، وبعظيم المثوبة قيامك، عرّفك الله من بركة هذا الشهر ما يُرْبي على عدد الصائمين، ووفقك لتحصيل أجر المتهجدين والمجتهدين، أعاد اللهُ لمولاي أمثالَه، وتقبل فيه أعماله وأصلح له في الدين والدنيا أعماله، وبلَّغه منهما آماله. الفرات : خالد جمعة