صناع الخزف السوريون يتحدون موهبتهم في ملتقى الخزف الأول بقلعة دمشق
السبت 23/03/2013
يستمر ملتقى الخزف الأول في المعهد التقاني للفنون التطبيقية بقلعة دمشق حتى نهاية الشهر القادم ليقدم في نهايته الفنانون المشاركون بالإضافة لعدد من الطلاب الشباب نتاج عملهم الفني ضمن معرض خاص.
ويأتي هذا الملتقى في وقت صار من الضرورة بمكان دعم هذا الفن التاريخي الذي اشتهرت به سورية منذ مئات السنين وشكل ذاكرة الحضارات التي مرت على أرضها وكان رسالة فنية وتراثية مهمة للأجيال المتعاقبة.
ويسهم هذا الملتقى في نشر المعرفة بهذا الفن الراقي الذي يجب أن نميز فيه ما بين الفن الخزفي التشكيلي كقيمة فنية والفن الخزفي التطبيقي الذي يدخل في مختلف مجالات الاستخدام المنزلي لاسيما أن الاطلاع على فن الخزف يكاد يكون معدوماً في مجتمعنا حتى لدى المثقفين والمهتمين بالفن التشكيلي عموماً.
وقال طارق السواح مدير معهد الفنون التطبيقية: إن فكرة الملتقى جاءت من كوننا امتلكنا عدة تقنيات جديدة في التعامل مع الخزف في المعهد وكوننا الوحيدين الذين ندرس مادة الخزف بشكل أكاديمي ولرغبتنا في نقل هذه التقنيات للخزفيين السوريين ككل ولتسليط الضوء على هذا الفن المهم انطلقت الفكرة وأصبحت حقيقة على أرض الواقع.
وأضاف السواح في حديث خاص لوكالة سانا: أن فن الخزف هو أحد أهم الفنون التي برزت في وطننا منذ مئات السنين وهذا ما أثبتته اللقى الأثرية الطينية في سورية مبيناً أن تسمية الملتقى بالحوار جاءت من كون الطين هو أصل الانسان والحوار بين الفنان والطين يشكل فضاء جديداً ينتج عنه ارتباط فني وعضوي بين الخزفي والطين الذي يعتبر مادة نبيلة.
وأوضح مدير معهد الفنون التطبيقية أن أهمية إقامة الملتقى في المعهد داخل قلعة دمشق تتيح المجال لطلاب قسم الخزف للمشاركة والتجريب والاطلاع على تقنيات وأساليب عمل المشاركين مما يغني عندهم الحس البصري والمعرفي ويعطيهم خبرة لا يمكن أن يكتسبوها من خلال الدراسة وتلقي وجهة نظر أستاذ واحد فقط.
وكانت إدارة الملتقى أعلنت قبل شهر عن قبولها لنماذج عن الأعمال التي ينوي الخزفيون الراغبون بالمشاركة بأن ينجزوها في الملتقى وبدون شروط عن العمر والتحصيل العلمي سوى أن يفوق حجم العمل 110 سم مع خبرة بسيطة بالتعامل مع الخزف وهذا جاء لإثبات قدرة الخزفي على تشكيل أعمال نصبية كبيرة ومعاصرة بعيداً عن الأعمال الصغيرة والتطبيقية التي ألفها الناس في الخزف.
وقال سواح المشارك في لجنة اختيار الأعمال المشاركة: تقدم للملتقى نحو ثمانية وعشرين خزفيا للمشاركة وتم اختيار اثني عشر فناناً منهم من قبل لجنة تشكلت من اتحاد الفنانين التشكيليين ووزارة الثقافة ومديرية الفنون الجميلة ومعهد الفنون التطبيقية مبيناً أن طلاب المعهد وعددا من خريجي مركز وليد عزت يشاركون في الملتقى كمساعدين للخزفيين المشاركين ليكتسبوا الخبرة العملية ويطوروا إمكاناتهم الخزفية.
وأشار السواح إلى أن عددا من الطلاب المشاركين أبدوا رغبتهم في المشاركة بأعمال خاصة بهم فتمت إتاحة الفرصة لهم وتأمين الخامات والمستلزمات للعمل لافتاً إلى أن نتاج الملتقى الذي سيستمر حتى نهاية الشهر القادم سيعرض في معرض خاص مع توزيع شهادات على المشاركين بالإضافة إلى مكافآت مالية لكل خزفي.
وسيتم توزيع الأعمال التي سينجزها الخزفيون المشاركون على كل من دار الأوبرا ومكتبة الأسد ليتم عرضها بشكل مستمر لجميع الناس حيث تكون هذه المبادرة في عرض أعمال خزفية نصبية في أماكن عامة هي الأولى في سورية والوطن العربي.
وقال السواح إن الحصار الاقتصادي المفروض على سورية أثر حتى على استيراد خامة الطين الخاصة بالعمل الخزفي ما اضطرنا للاعتماد على الطين المحلي الذي عالجناه في مخابر المعهد وأثبت جدارة تفوق الخامة الايطالية مبيناً أن المعهد جاهز لاطلاع أي جهة راغبة على النتائج المبهرة التي تم التوصل إليها مع الطين المحلي كخامة ممتازة لفن الخزف.
بدورها قالت الفنانة صريحة شاهين التي تشارك بعمل تعبيري يقترب من طير أسطوري: إن محبتي لفن الخزف تفوق لهفتي لكل أنواع الفن التشكيلي رغم عملي بالتصوير الزيتي مبينة أهمية هذه الفرصة للخزفيين ليقدموا تجاربهم ضمن ملتقى يجمع عدة أجيال ومن تجارب مختلفة.
وأضافت: أنه لا يوجد الاهتمام المناسب بفن الخزف لدى الجمهور السوري المتذوق للفن التشكيلي ما يتطلب نشر ثقافة التعرف على هذا الفن ومراحله المتعددة والصعبة موضحة أن الاهتمام بالخزفيين يعتبر الخطوة الأولى لنشر هذا الفن في المجتمع وإخراجه من حيز الأواني الخزفية المنزلية.
ويشارك الفنان بشار قوبا ضمن الملتقى بعمل تركيبي على عدة اسطوانات بحيث يحوي عدة وجوه إنسانية تعبيرية تحمل هموم الإنسان السوري في الوقت الحاضر مع الأمل بالمستقبل ويقول عن هذا الملتقى: إن عدم وجود الاهتمام والرعاية الكافية لفن الخزف لدينا ناجم عن فقر الثقافة تجاه هذا الفن التاريخي والمهم والذي عرفت به سورية عبر العصور.
وأضاف: أن الملتقى يشكل نقلة بالاتجاه الصحيح من قبل وزارة الثقافة لدعم فن الخزف وتعريف الناس به إلى جانب استفادة الخزفيين من تجارب بعضهم البعض مبيناً أن تسخير إمكانات وزارة الثقافة في معاهد الفن التشكيلي ومعهد الفنون التطبيقية بالإضافة لإمكانات كليات الفنون الجميلة يسهم بقوة في دعم هذا الفن الراقي.
كما يشارك الفنان خالد فروج في الملتقى بعمل تعبيري يحوي انحناءات مع تكوين فراغي من قطعة واحدة بارتفاع 120 سم يعتمد على تقنية بناء الشرائح ويرى هذا الفنان أن الملتقى فرصة كبيرة لكل الخزفيين من كل السويات الفنية وأيضاً لطلاب المعهد ليطلعوا على تجارب من سبقوهم في هذا الفن وهذا يختصر عليهم الكثير من الوقت مبيناً أن مشاركته في هذا الملتقى تعتبر تحدياً لموهبته وقدرته على التعامل مع الطين بأحجام كبيرة وتحمل الكثير من الصعوبة والمخاطرة في مراحل العمل المختلفة لعدم الوثوق التام بالنتيجة النهائية.
وأوضح الفنان فروج أن قدرة الخزاف على تكييف الخامة الطينية لتعطيه ما يريده منها يعتمد على خبرته وتجربته وهذا ما شاهدناه في هذا الملتقى من خلال التعامل مع الخامة المحلية التي تحتاج لتطوير ومعالجة لتكون مطواعة وسلسة.
من جهتها قالت الفنانة رزان حسن المدرسة السابقة لمادة الخزف في معهد الفنون التطبيقية: إن فكرة الملتقى كانت مطروحة منذ عدة سنوات لكنه لم ير النور في حينها بسبب عدم توفر الإمكانات اللازمة لإقامته بحكم أن الخزفي يحتاج لمكان عمل مغلق والمواد لها خصوصية.
وأضافت حسن التي تعمل لأول مرة على تكوين تركيبي يعتمد على فكرة البيت الطيني وبارتفاع مترين: إن الفائدة الكبرى من هذا الملتقى تكمن بالاطلاع على تجارب الخزفيين المشاركين من ناحية طريقة عملهم وتقنياتهم المتنوعة.
وأوضحت أن اللون هو ما يميز فن الخزف عن غيره من الفنون التي يدخل الطين كمكون أساسي فيها الى جانب لهب الألوان بالطبقة الزجاجية الخارجية مبينة أنها عملت على دراسة تكوين العمل الذي تشارك فيه حيث انه سيمر بمراحل لها حساسية خاصة لينتج في النهاية عمل فني جميل كما تخيلته.
ورأت حسن أن دعم فن الخزف في سورية يجب أن يكون معتمداً على إقامة ملتقيات دورية للخزفيين السوريين مع مشاركات لخزفيين أجانب بالإضافة إلى ضرورة المشاركة بالملتقيات الخزفية الخارجية لما تحققه من اطلاع على آخر ما توصل إليه فن الخزف من تقنيات جديدة ومتطورة.
أما الفنانة الشابة ناديا ناصر خريجة مركز وليد عزت للفنون والتي باشرت بعملها الخاص في الملتقى الى جانب كونها مساعدة لأحد الخزفيين المشاركين فقالت: إن مشاركتي في الملتقى تساعدني على اكتساب خبرة في التعامل مع خامة الطين بشكل أكبر والتعرف على تقنيات جديدة غير التي درستها مبينة أن هذا الملتقى يشكل فرصة للعمل على تطوير الموهبة بالنسبة للفنانين الشباب المبتدئين.
وقال مصطفى أنطاكي طالب تخرج في قسم الخزف بالمعهد.. إن مشاركتي كمساعد في الملتقى أتاحت لي فرصة التعرف على البعض من أهم الخزفيين السوريين بالإضافة إلى الاطلاع على تقنيات جديدة خاصة فيما يتعلق بطرق التعامل مع الطين في الأحجام الكبيرة للأعمال والتي لا يتم التعامل معها أثناء الدراسة في المعهد مبيناً أنه تشجع على إنجاز عمل خاص به بارتفاع 120 سم بعد أن لاقى التشجيع من قبل المشاركين على هذه التجربة.