المسـرح في مدينة حمص المسـرحــي فرحان بلبل
العدد:
14861
التاريخ:
الاثنين, أيار 22, 2017
«أعطني مسرحاً أعطك شعباً» وكيف يكون هذا المسرح إذا وجد في مدينة صغيرة عرفت بلطف أهلها وظرافتهم, كمدينة حمص واسطة العقد السوري, مدينة الفن والموسيقا والشعر..
الأستاذ المسرحي فرحان بلبل ألقى في مقر فرع اتحاد الكتَّاب العرب في مدينة ابن الوليد. محاضرة بعنوان: تاريخ المسرح في مدينة حمص. حيث لا تاريخ للمسرح في سورية بشكل خاص في مرحلة ما قبل القرن التاسع عشر.
تحدَّث عن بداية نشأة المسرح منذ عام 1860 فقد قدَّم الحاج سليمان صافي في حديقة بيته عروضاً لشخصين أو ثلاثة, فكان يلبس الشباب لباس البنات للقيام بالأدوار المسرحية.
توقف المحاضر عند الشيخ عبد الهادي وفائي وما قدمه ما بين عامي1870م و 1880م وقد تحدث بإعجاب عن حياته, وخاصة عن علومه التي تلقاها عن والده حيث انعكست على تواصله الثقافي مع الآخرين, أضف إلى ذلك ضلوعه بالعزف على الناي.
وأهم مسرحياته ( نسيم ـ رعد ـ كوكب الإقبال ـ درغام ـ أبو حسن ) .
وقد أقبل عليها أهل حمص إقبالاً شديداً, وريعها كان يذهب إلى المشاريع الخيرية وغيرها.ما يميِّز مسرحياته أنها كانت تقدَّم باللهجة المحلية, هذا مما يدفع بالجمهور البسيط لحضورها, وكذلك الممثلون لديه كانت ثقافتهم محدودة, هذا مما جعل الناس يحبون مسرحياته, ويتابعونها.
ثم عرَّج المحاضر عند داود قسطنتين الخوري. الذي ولد في مدينة حمص, أخذ من والده اللغة العربية وآدابها, وتعلَّم الموسيقا ودرَّسها , وعمل في دمشق موظفاً, مما فسح له المجال للالتقاء بالقباني, فكان سببا في دفعه للاتجاه نحو المسرح.
فقد كتب مابين 1890م و1891 سبع مسرحيات أهمها ( اليتيمة ـ عمر بن الخطاب والمرأة العجوز ـ الابن الضال ) وقد مثلت جميعها. نراه يمثِّل حالة اكتمال المسرحي العربي بما يمتلك من صفات, هو شاعر ومؤرِّخ وأديب وموجه أخلاقي.
أما يوسف شاهين فلم يكن له باع طويل في المسرح. ومن أشهر المسرحيات التي أنجزها مسرحية الملك كورش ووضع ألحانها داود قسطنتين الخوري .
كما تحدَّث المحاضر عن محمد خالد الشلبي, وبيَّن أنه من أهم الكتَّاب الذين عرفتهم حمص, كما يعتبر من الأوائل الذين اتجهوا بالمسرح نحو السياسة, فقد خاض المعركة الوطنية ضد الاحتلال العثماني. بعدما كانت موضوعات المسرح تقتصر على الموضوعات الاجتماعية فقط.
أوضح المحاضر كيف تعرف الشيخ خالد على المطرب محمد الشاويش, وانضمامهما إلى تلاميذ القباني, حيث كان صاحب صوت جميل إضافة لما يملكه من علم في الأنغام والإيقاع, هذا ما وفَّر له شهرة واسعة. من أهم مسرحياته ( نجم الصباح ـ الخلان الوفيان ـ جابر عثرات الكرام ـ سليم وسلمى ) .
وقد سافر إلى مكة لحضور أحد المؤتمرات, فمرض ودفن هناك.
أما المرحلة الواقعة ما بين عامي 1918ـ 1925م فقد كان المسرح الحمصي مستمراً مقارنة بالمسرح الدمشقي الذي توقَّف في هذه الفترة.كانت المرحلة تتسم بالمواقف السياسية, الوقوف ضد الاستعمار الفرنسي حيث قاتل فيها المسرحيون السوريون الاحتلال الفرنسي بالكلمة كما كان الثوار يقاتلونهم بالسلاح, أما غاية المسرح فلم تكن غاية تثقيفيَّة بل كان هدفها يتجه نحو مقاومة الاستعمار الفرنسي.
الشاعر حنا الدمشقي, وفرقته السياسية. فرقة الشباب نشأت في تنظيم سري وذلك بعد دخول الفرنسيين إلى سورية,
ومن أهم المسرحيات التي قدمتها تلك الفرقة: مسرحية ( خالد بن الوليد) ومسرحية (روميو وجولييت).
ـ أما عن حضور المسرح في تلك الفترة فكان مقتصراً على الذكور فقط, وكان رياض السباعي ممهداً للدراما وخالق لغة المسرح التي تعتبر أهم من لغة توفيق الحكيم.
لم يعترف أحد بالمسرح, ولا أحد كان يقتنع بأن يأخذ شاباً دور فتاة, وأوَّل من قام بهذا الدور المرحوم مراد السباعي.
المسرح العربي والسوري رافقا عصر النهضة في نهوضهما, فلم يكن هناك نموذج لبطل مسرحي يمثل المسرح العربي كما في أوربا كشخصية أوديب الاسطورية مثلاً. والسبب هو أننا كنا منشغلين في محاربة الاستعمار, فكتَّاب المسرح اتجهوا نحو إبراز الشخصيات التراثية كصلاح الدين مثلاً., كذلك ليس في تراثنا أساطير كاليونان, بذلك لم يستطع المسرح العربي أن يولد البطل الدرامي, فهوية المجتمع العربي تختلف عن هوية المجتمع الغربي, كما أن المسرح لم يكن من أولوياتنا ومطالبنا, لذلك لم يشكِّل أساساً في هويتنا.
ويرى المحاضر أن المسرح العربي اليوم يوازي المسرح العالمي.
وقد تمَّ الحديث عما يسمَّى منزول آل الجندي, هذا المنزول كان الحاضنة للثقافة وللأسف لا توجد وثائق عن هذا المنزول.
مما أثارته المحاضرة من نقاش, فهناك من اقترح أن يكون لدينا شخصيَّة مسرحيَّة مميزة, وهي شخصية القبَّاني لما يمتلك من مزايا تؤهِّله لذلك.
وهناك من تساءل: ألم تلعب العادات والتقاليد في عرقلة مسيرة المسرح, وقد تجلَّى ذلك في اقتصاره على حضور الرجال له, وعدم دخول المرأة في مجاله.
إن أهمية المحاضرة تكمن في أنها بمثابة صفحة توثيقيَّة لتاريخ المسرح في مدينة حمص, هذا التوثيق المهم يعطي المدينة حقها في رفع راية المسرح منذ ولادته, ودفع مسيرته نحو الأمام, وقد مثله خير تمثيل, وأرسى قواعده الهامة العلم المسرحي المميز والذي مولده في مدينة حمص: الأستاذ فرحان بلبل..
الكاتب:
سريعة سليم حديد