العرجان نجم فوتوغرافي يضيء سماء الفن حاملاً قناديل ( الزمان والمكان والإنسان )
– بقلم : فريد ظفور
مقدمة :
في مسيرة الفنانين ينسج الماضي خطوات الحاضر ويشكل التاريخ والظروف معدن الإرادة ومدى صلابتها ..ومن منعطف فصل الربيع وأزهار اللوز يخرج علينا فنان رفيع الشأن والقيمة ..تخرج صوره وأعماله بصحوة الجمال ويزدهر الإصرار على الجديد والإستفادة من الماضي ..لنتعرف على مذاق الفن الضوئي ونلتمس بعض الإبداعات والقيم والمثل الفنية والثوابت من تجاربه الرحبة فتعالوا نتعرف على نجم عربي فوتوغرافي إردني صاحب مجلة العرجان الفوتوغرافية..
إنه الفنان المبدع عبد الرحيم العرجان ..
ثلاثة أزمنة يشطرها طموح عبد الرحيم العرجان ودائماً تطرح أسئلته المصيرية نفسها ..والقادم أجمل ..ليزرع عندنا جرعة الأمل بغدٍ أفضل وبإنتاج مستقبل أجمل متحدياً الذات والظروف رغم كل الصعوبات والعوائق المادية والمعنوية..
ولعل الدخول إلى عوالم الفنان الضوئي الإردني عبد الرحيم العرجان ..هو دخول إلى عوالم الفن التشكيلي والفن الضوئي والى عالم الماضي حيث الآثار والأوابد التاريخية التي ينقب عنها بعدسات كاميراته ..مقدماً لنا على الدوام المفاجأة تلوى الأخرى عن ممالك قديمة أو تحفة أو آبدة تاريخية تركها لنا أجدادنا مدفونة تحت رمال وتربة الإردن الحبيب ..ولعمري بأن العرجان الذي يحمل ثلاثة بطيخات بيد مبدعة واحدة ..قد أوصل لنا رسالته المعرفية وأسئلته المنطقية وسلط الضوء على مكتشفاته وأظهرها للمهتمين بالشأن السياحي والأثري ..وهذا شيء نادر جداً مانجده عند فنان ضوئي ..وهو بذلك يذكرنا بالفنان السوري الراحل الدكتور مروان مسلماني الذي قد سبق العرجان وحمل المثلث المتساوي الأضلاع بالفن الضوئي والتشكيلي والآثار ..والذي ترك لنا إرثاً وكنزاً معرفياص وحضارياً وضوئياً قلما نجد نظيره في العالم وهو أربعة ملايين صورة ضوئية عن الآثار التي رصدتها عدسته في بلاد الشام ( دمشق والمدن السورية والآوابد المنسية ) ..وأما الفنان العرجان ..فيقدم عوالمه الثلاثة من عالم الحب والبساطة والضحكة الدافئة ..عالم الإنسان الإردني العادي أو النشامة ..بمخزونه الثري من المعرفة ..الواضح والمعقد والعميق ..ليرسم لنا عبر صوره الضوئية الجريئة في طموحاته الأزلية بالإستقرار والهناء عبر أسئلة مصيرية تُطرح بلغة بصرية محببة وشعبية ..لكن الإجابة عليها قد تستغرق سيرورة حياة بأكملها .لآنه يضع الأجيال التي تليه في مواجهة صعبة مع قيم تكنلوجيا العصر القاسية التي دخلت متسللة الى حياتنا عبر وسائل الأنترنت والإتصال الحديثة من فيس بوك وغيره..
يقدم لنا العرجان ثلاثة أزمنة ضوئية بمشهدية غرائبية ..حاملاً معه تجربته الثقافية الضوئية والفنية التشكيلية والمعرفية بالتاريخ القديم ..ثلاثة أزمنة يشطرها إبداع العرجان ..زمن أيام فيلم وتصوير الأبيض والأسود والورق الناشف والمات واللميع.. يرسمه بعشقه الى اللون الأحادي وتدرجاته الرمادية ورائحة الأحماض من المظهر والمثبت والغسيل والتنشيف والتكبير والطبع والتأطير وغيرها من الزمن الغابر للأبيض والأسود..
وزمن ثان يمثله حبه للألوان الطيفية السبعة وعشقه لتصوير الشرائح الموجبة ( السلايد ) ..وهو عشق مركب يبحث عن زمنه في الربع الأخير من القرن الماضي …أو بالأحرى عن مواصفات وملامح يرجرجها وصول عالم الديجيتال الى منطقتنا العربية ..وهو عشق يحاول أن يلتقي بزمانه في أغوار مابعد الحداثة بكل مافي هذا الأمر من عبثية وقسوة ..بل بلغة أوضح الغزو الثقافي الذي إجتاح منطقتنا وأضحى عصرنا.. عصر الأنتر نت والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعية ..وهي التي تتربع عرش الميديا وأضحت الصورة بلغتها العالمية تحتل المساحة الأكبر في ساحة المنطق عند المشاهدين وعند هواة التصوير ومحترفي الفن الضوئي وغدت الثورة الرقمية في زمنها الثالث من كاميرات ديجيتال ووسائل إتصال ذكية كاجهزة الموبايل المزودة بالكاميرات تدخل كل منزل وفي متناول كل أفراد الأسرة ..صغيرها قبل كبيرها ..ليشكل الأفراد والجماعات منظومة التأثير والتأثر بالصورة الرقمية وفعلها الإيجابي والسلبي ..ودخل العالم في حرب الميديا التي أصبحت الكاميرا أو لنقل الصورة الثابتة والمتحركة التلفزيونية والسينمائية واحدة من أهم أسلحة الدمار الشامل الفتاكة للعقل البشري والتأثير النفسي على شرائح المجتمع المختلفة بشتى أصقاع المعمورة ..وأيضاً غدت الصورة تبنى الحضارة الإنسانية ..ولا أدل على أثر الصورة والميديا مما فعلته القنوات والمؤسسات الإعلامية بما يدور حولنا من توظيف الصورة لأغراض سياسية وتسويقية وحربية في عالمنا العربي..
وكيف لنا أن نمتلك التكنلوجيا الحديثة للإتصالات والتواصل مع القوة الفاعلة ..دون أن تهرسنا عجلاتها وتفقدنا ذاك الصفاء الداخلي وذلك الإنسجام الفريد مع الأرض والإنسان ومع النقاء والعطاء .وكيف لنا أن نمتلك الإثنين معاً وهذا مايحاول العرجان تحقيقه بإستخدامه تقنيات الديجيتال والإتصالات الحديثة ..ليغوص في صفاء الإنسان والطبيعة والآثار المادية ..حيث إستطاع أن يوفق بين البساطة والعمق بنسيج فني بصري متماسك..
– وحيث توازنت فيه القيم الجمالية لصوره ولقطاته الضوئية المرهفة الإحساس والشاعرية مع مدلولات فنية عميقه ومعبرة ..حيث تجوب الكاميرا بعذوبة على تفاصيل حضارة الماضي التي تنبع من أرض ثقافية خصبة وندية من مجريات الحياة الضوئية اليومية المعاشة ..لينقل لنا رسائله المعرفية الفنية التشكيلية والضوئية والتي تعلن يصمت حنون عن إنحياز فناننا العرجان لعالم الصدق والبساطة ..لزمن التاريخ الغابر والأرض الطيبة والإنسان النشمة..
ولم تشكل صور عبد الرحيم بصمة بلون واحد وإنما إعتمد النموذج البيئوي المتفاعل مع الزمان والمكان..حاملاً تجاربه وخبراته ومواصفاته الشخصية لصوره العادية والملونة والرقمية ..وسيلة تمايز وإبداع ..مما يعطي أعماله الضوئية قيمة جمالية دافئة تنبع من خبرات أعمق في مجال الفوتوغرافيا التي نضجت لديه في معين وقدر مدارس الفن التشكيلي التي تحدثنا بلغة منمقة ..وتلك المواصفات تنبع تفاغله مع الذين حولنا …ليتحول المشاهد أو المتلقي لأعماله إلى شخص ضمن كوادره الضوئية وتتحول لوحاته الفوتوغرافية إلى أعمال شديدة الواقعية رغم مافيها من خيال جامح ورمزية أشبعت لقطاته الضوئية بمدلاولات إجتماعية وثقافية جريئة..
ثلاث أزمنة وخيارات وفق بها عبد الرحيم العرجان لتنفيذ السيناريو الحياتي المرهف ..بدء من الأبيض والأسود ثم الملون ثم الديجيتال ..وبذلك مزج الأزمنة الثلاثة مع نمطية البناء التراثي والصحراوي مع متطلبات الكاميرا وإيقاع عدساتها وفلاشاتها ..ليحصد المشاهد أو المتلقي أو المتتبع لأعماله في مجلته العرجان أو عبر مواقع التواصل على الشبكة العنكبوتية كالفيس وأنستغرام وغيرهما..أو ليشتم رائحة رمال صحراء حضارة البتراء ..ويتلمس دورة الحياة فيها ..وقدجسد بضراوة باهرة اعماله الصعبة بطريقة يحس معها المشاهد ويصبح على علاقة مع العمل المعروض ..وقد كانت بعض أعماله تقف بتوازن على حبل إبداعه بين القديم والحديث بين الدعة والسكون و الإنطلاق والجموح ..لترسم بأمانة شخصيته الفنية والتقنية التي يمتلكها بإبداع وتألق ..علاوة على إنتشار أعماله في الكثير من الدول العربية والأجنبية ..وإضافة على الإمكانيات الفنية والتقنية التي يمتلكها والقادرة على إدارة كاميراته التي حولت لغة الضوء إلى صور فنية متماسكة وخصبة في التعبير البصري والدرامي الحياتي ..وهو مايدعونا إليه دوماً لصنع زماننا بدراية وإبداع وعلم وحب وفن ..وبالقادم الأحلى الذي دوماً يقدمه لنا عبر رسائله الضوئية في مجلته عروس الضوء التي تدخل عامها السابع وهي مجلة العرجان ..التي يديرها بإقتدار ويرسم لنا عبر ملامحها ثقافة ضوئية بصرية فنية عالية المستوى تؤسس لجيل عربي وعالمي مثقف وواعي لبناء غد وجيل معرفي فني ضوئي مبدع..
ـــــــــــــــــــــــــ ملحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ