المصور العربي .. مسافر بلا ميناء
تطرقت في الجزء الأول للمؤسات الفوتوغرافية العربية والتي حسب ما ذكرت أنها تمثل قاعدة الهرم وفي الجزء الثاني انتقلت مباشرة إلى رأس الهرم والذي يمثله مجازاً إتحاد المصورين العرب .. وذكرت أيضاً أن ما بين القاعدة ورأس الهرم وهو جسم الهرم مساحة كبيرة يحتلها المصور العربي وجهات ذات مسؤوليات مختلفة (التشكيل الهرمي وتوزيعه بهذا الشكل تعبير مجازي قائم على المسؤوليات) ولكن لو أردنا تقسيمه حسب الأهمية فسيكون المصور هو الأساس أو القاعدة له والمؤسسات بجميع أشكالها ورمزيتها تشكل باقي جسم الهرم .. وفي هذا الجزء سنبحث عن بواطن الضعف في حركة التصوير في الوطن العربي رغم مرور سنوات طويلة على إنتشارها ووجود ثورة تكنلوجية في عالم التصوير ساهمت بشكل كبير في نشر التصوير وثقافته لدى سائر فئات الشعب. المصور العربي .. مبتديء .. هاوي .. محترف .. فنان . أشير هنا إنه ليس هناك تعريفات واضحة لهذه المسميات في أنظمة مؤسساتنا الفوتوغرافية العربية .. ولقد تطرقت إلى هذه النقطة في الجزء الثاني بسؤالي الذي كان موجها إلى إتحاد المصورين العرب .. فعدم وجود تعريفات و تصنيفات واضحة تعتبر مؤشر خطير ودال على عدم إهتمام تلك المؤسسات باللبنة الأساسية لها وهو المصور .. ولكن علينا الإعتراف كذلك أن تلك المؤسسات يقوم عليها أشخاص في الحقيقة هم أصدقاء لنا ومن أبناء جلدتنا ولم يأتوا من العالم والفضاء الخارجي وبالتالي نجد أن تلك المؤسسات وما تعاني هي حالة مشتركة وتعكس شخصية المصور .. فإذا كان المصور يعاني فإن تلك المؤسسات تعاني بنفس المقدار لأنها إنعكاس لحالة المصور ووضعه .. التغيير مطلوب على جميع أجزاء الهرم. البعض يقيس نجاح المؤسسات الفوتوغرافية العربية بالمعارض أو المسابقات أو الرحلات والندوات التي تقيمها .. ونعم إن هذه الأمور من أسباب النجاح الواجب تقديمها إلا أنه لا بد أن نسأل .. كم عدد المصورين العرب الفاعلين والمهتمين في تلك النشاطات بشكل عام ؟ لا بد أننا جميعاً كانت لنا علاقة تربطنا بمؤسسة ما جمعية أو نادي أو صالون فوتوغرافي .. ولا بد اننا حاولنا المشاركة في عدة فعاليات آملين الفائدة .. ولكن ربما لاحظنا وبشكل مثير للجدل إن أغلب المتواجدين في تلك النشاطات دائماً وجوه متكررة ومعدودة الأشخاص بشكل ملفت .. وكأن تلك المؤسسات تأسست لعدد محدود مغلق .. ولو سألنا إدارتها عن عدد أعضائها لأصابتنا الدهشة حين نكتشف أن عدد الأعضاء أضعاف مضاعفة للمتواجدين .. ولكن أين هم .. وما اسباب عزوفهم عن التواجد في الجمعيات التي أنشئت وتأسست لهم ؟ مخطيء من كان يعتقد إنني ساصب اللوم جميعه على تلك المؤسسات .. فكما ذكرت ان تلك المؤسسات يقوم عليها اشخاص يحاولون جهودهم لتقديم ما لديهم وحسب قدراتهم على العطاء .. ولكن إذا كنا نعتبر أنهم الأفضل وأن لا دور للآخرين في تصويب ودعم أفكارهم وتوجيههم للأفضل فستكون تلك مصيبة حقيقية .. على الجميع تقع المسؤولية وليست على أشخاص محدودين .. فمن يسيطر اليوم على الإدارة لن يكون مخلداً وإن كان على خطأ .. فعلى كل مصور تقع المسؤولية للتصويب .. ولكن قبل كل شيء علينا أن نتعلم لغة الحوار الهادف وتقبل رأي الآخر وإحترامه والإبتعاد عن الأنا التي تسيطر على روح كل مسؤول وصل إلى سدة إدارة أي مؤسسة فوتوغرافية.. فيا عزيزي المسؤول أنت لست الأفضل بإنتخابك رئيساً أو عضواً إدارياً ولكننا وضعنا بك الآمال كي تقود أحلامنا وطموحاتنا وليست احلامك وطموحاتك الخاصة. إذاً هناك أحلام وطموحات وأهداف يجب تحقيقها من وراء إنشاء مثل تلك المؤسسات الفوتوغرافية في وطننا العربي الكبير .. وهذه الأحلام والطموحات والأهداف ليست مرهونة بأي شكل بأشخاص مهما كانت توجهاتهم وقدراتهم .. وعليهم يقع جزء من المسؤولية في تحقيقها .. لكن المسؤولية الكبيرة تقع على من صوت لهم ليقوموا بذلك الدور. نعم أيها المصور العربي .. أنت المسؤول الأول والأخير عن كل ما يجري حولك .. أنت السبب الرئيسي للترهل الإداري والفساد الذي يحيط بك .. أنت صاحب السلطة الأولى وبيدك القرار لإختيار من تراه مناسباً ومسائلته إذا قصر في أداء واجبه ودوره المناط به … لا تعطيه ظهرك إذا أساء الأمانة التي أولويته إياها فحينها ستكون أنت المسؤول لأنك بذلك تعطي له الحق وفق النظام ليتمادى وربما سيبعدك عن طريقه بكل الوسائل كي تصبح المؤسسة تتماشى مع مصالحه الخاصة هو وأعوانه ليكون رسمياً من يمثلك ويمثل بلدك رغماً عنك … أليس هذا إختيارك أنت ؟. من أطباع شعبنا العربي الطيبة والكرم والتسامح والنخوة ولهفة المظلوم والثقة بالغير … ولكن مثل هذه الصفات تصبح سلاح فتاك بيد من لا اخلاق لهم أو تسيطر عليهم نزعة حب الذات .. لأنها وسيلة لإستغلال الآخرين وإستعطافهم والظهور بمظهر الملائكة أمامهم .. وهم على قناعة تامة أن هناك من سيدافع عنهم ممن يتحلون بتلك الصفات الطيبة بحسن نية إذا وقعت الواقعة وتم كشف ألاعيبهم وفسادهم .. البعض يستغلون الطيبة ويعتقدونها غباء .. لا تعطهم المجال لإستغلالك. لنعطي لأنفسنا بعض الخيال ولنحاول الغوص قليلاً في مشاهد اقرب للمفاهيمية لمحاكات واقعنا .