(1)
انتظــرني ، والــدي !
الحرب العالمية الثانية, ذروة الجنون الغربي الذي خلف وراءه في الاحصائيات 60 مليون نسمه في نحو 6 سنوات فقط, حينها كان من النادر ألا تجد نفسك متورطاً في تلك الحرب اللعينة حتى و لو بعدت مسافات شاسعة عن ذروة المعركة في أوروبا.
أبناء مقاطعة “كولومبيا البريطانية” في كندا, من كان يظن منهم انه من الممكن ان يتخلى عن طموحاته ليخوض غمار الحرب مدافعأ عن أرض بولندا ضد المحتل الألماني !, هذا ما حدث حين أصدرت العاصمة الامر لأبناء المقاطعة للاحتشاد في تكوين فيلق حربي في 26 أغسطس 1939, و ما هو عام حتى اعلن البرلمان الكندي الاشتراك في جبهة الحرب على ألمانيا التى أحتلت بولندا بالفعل منذ ساعات قليلة في الأول من أكتوبر 1940.
حينها كان المصور كلود ديتولف Claude P. Dettloff يصور لقطة للفيلق الكندي و هو متوجه للقطار للذهاب الى غمار الحرب في أوروبا, و صورة الطفل ويتي Whitey يهرع نحو والده في اللحظات الأخيرة, صارخاً, انتظرني والدي..
(2)
الترتيل الاخير
انها فنزويلا في 1960..
و أخيراً تمت الاطاحة بالديكتاتور العسكري ماركوس بيريز. ولكننا كما نقول, في الديكتاتوريات العتيقة, لا يتوقف الأمر على شخص, بل على شبكة مصالح كبرى ترعرعت في ظل هذه الأنظمة.
ومع بداية الحكم الجديد, لم ترد الأطياف التوسط في اقتسام كعكة الحكم, فاستأثرت القوي البرجوازية و رجال الأعمال و الكنيسة الكاثوليكية و بعض القادة العسكريون بمكاسب الحكم, و تم الاقصاء الكامل للقوي الشيوعية و اليسارية التي لعبت الدور الأكبر في اقصاء ماركوس, و حينها بدأت حركات تمرد واسعة اختلطت فيها الشهادات الي يومنا هذا و ضاعت الحقيقة بشأنها..
و في الصورة التي نبهت العالم لما يحدث في فنزويلا, كان القس لويس باديللو Luis Padillo, يلقن أحد الجنود المصابين على وشك الموت, التراتيل الأخيرة في وسط الاشتباكات.
(3)
صورة واحدة .. تكفي !
كيفين كارتر, الشاب الأبيض الجنوب افريقي, الذي ظل ضميره يحاربه طوال عمره بسبب ما يتعرض له السود – الأبناء الأصليين للوطن- من قبل بني جلدته البيضاء, حتى أنه نفر من الجيش بسبب دفاعه عن رجل أسود نال بسببه ضرباً مبرحاً من رفاق الجيش, جعلته يتجه للتصوير الصحفي بعدها بفترة.
حتى كان العام 1993 حين كان يشارك في توثيق المجاعة السودانية في قرية “أيود”, حين سمع انين طفلة سودانية ضمرت عضلاتها بسبب الجوع الشديد و قد أنهكها الجوع فرقدت الى الأرض في وضع السجود و كأنها على مشارف الموت, و قد وقف بالقرب منها نسر افريقي مشتهر بتقبله لأكل الجيفة (لحم الميتة), الغريب أن المصور لم يرد أن يفسد النسر مشهد الطفلة, فأنتظر نحو 20 دقيقة ليتمكن من التقاط الصورة دون النسر, حتى يأس من طيران النسر فالتقط الصورة بوضعها المعروف بعد ذلك, و بعدها باعها فوراً الى النيويورك تايمز التى انطلقت منها واحدة من أكثر الصور الصحفية انتشاراً في العالم الى يومنا هذا..
و بعدها بفترة تعلن جائزة بولتزر للصور باسم كيفين كارتر, الذي وجدوه بعدها بأقل من ثلاثة أشهر منتحراً بنسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون من محرك السيارة تاركـاً وراءه رسالة مؤلمة تلخص قصة حياته التى انتهت لانتحاره:
أنا مكتئب … بدون هاتف … مال للإيجار … مال لإعالة ونفقة الطفل … مال للديون … مال !!! … أنا مطارد بذكريات حية من عمليات القتل والجثث والغضب والألم … لأطفال يتضورون جوعاً أو جرحى، من المجانين المولعين بإطلاق النار، من الشرطة في كثير من الأحيان، من الجلادين القتلة … لقد ذهبت للانضمام إلى كيـن إذا كنت محظوظاً لتلك الدرجـة
و كأن حياته كلها كانت من اجل صورة واحدة, التقطها, هزت العالم, و حافظت على اسمه من الضياع.
(4)
كم قدم هناك ؟
انها رواندا 1994..
ماذا يحدث لو كنت أنت الاغلبية الساحقة و اسمك “الهوتو”, و تضايقت من تواجد أقلية قبلية بجوارك في نفس الوطن و اسمها “توتسيي” ؟ .. الحل سهل للغاية هناك, أطلق المدافع الرشاشة بكل بساطة و أصنع الخوف بقلوبهم !
و لكن تعبير “اصنع الخوف” هذا صدم العالم بأكمله لدرجة انه حين تم السيطرة على تلك الأمور, تم الزج بـ100 ألف شخص في السجن لمحاكمتهم !! .. الرقم صحيح, هناك على الأقل 100 الف متورط فيما حدث, لانهم ببساطة خلفوا وراءهم 800 ألف قتيل في نحو 100 يوم فقط.
و لكن الرقم كان كبيراً لدرجة ان هناك من شكك فيه قبل دخول لجان الاغاثة الدولية للم أشلاء الأحداث, الى أن ظهرت هذه الصورة لكمية أقدام أطفال و شباب ملطخة بالدماء يحاولون تسلق السور للهروب, حيث كانت طريقة الابادة تقضي بالزج بعشرات الأطفال و الصبية في أمتار قليلة,حتى أن أحدهم ليجد موضع قدم للوقوف بالكاد, و من ثم اطلاق النيران في كل الاتجاهات بغزارة كثيفة, و ما هي دقائق حتى تخلف وراءك جثث رأت الموت أكثر من مرة في لحظات قبل ان ينالها الموت الرحيم ليخلصها من العذاب !
(5)
أخيراً !
ربما تنفذ منك الكلمات و انت تحاول تصوير فرحتك بمناسبة معينة لشخص غريب عنها, و لأن أغلبنا تخونه التعبيرات المناسبة, ربما نفشل في توصيف الشعور بشكل مناسب.
ولكن صورة واحدة استطاعت أن توفر عناء الوصف عن الشعب النمساوي ليجسد للعالم معاناة دولة, سقطت في الحرب العالمية الأولى لتخضع مساحتها الى ترسيم حدودي دولي, ثم يحتلها “هتلر” و يجبر جنودها أن يحاربوا مع ألمانيا التي سقطت بنهاية المعركة و خسرت النمسا بدورها كل شئ تقريباً.
و رغم ان الحرب وضعت اوزارها رسمياً في العام 1945, لكن النمسا لم تبدأ في وضع أوزار حربها الا في العام 1946, و كانت من الانهاك لدرجة ان قصتها ضاعت بين ملايين القصص الخرى, حتى جاءت تلك الصورة لطفل نمساوي يتيم حصل على زوجي حذاء جديدين.
عليك أن تنظر لامتنان الطفل لحذاءه, لتعلم كم كان الحصول عليه ضرباً من الخيال في النمسا !
(6)
الأذن تعشق قبل كل شئ !
هذه اللقطة كانت مثار اعجاب الملايين حول العالم, و أرخت لاسم للمصور جاك برادلي, و هي لتعبير وجه طفل يستطيع السمع لأول مرة منذ ولادته بعد نجاح تركيب سماعة بدائية تمكنه من التمتع بهذه الحاسة. التأثير نفسه يدعى باسم Harold whittles, و من يومها اهتم الكثير من المصورين حول العالم بتوثيق ذلك التعبير الذي سيرتسم حول كل شخص سيتمكن من السمع لأول مرة ..
(7)
قرار مصيري
الى الآن تطرح هذه الصورة في المسابقات, و يتم السؤال بعدها للجمهور, ماذا تتوقعونه قد حدث ليسبب هذه الفوضى المرورية ؟!
المشكلة بإختصار تتعلق باليوم 3 سبتمبر 1967, حيث كان اليوم المقرر لتحويل نظام القيادة الى اليد اليمنى بدلاً من اليسرى كما كان معتاداً في السويد, حاولت الحكومة فرض سياسات و اجراءات تلافي الأضرار الناشئة عن تعود السائقين لنظام عجلة القيادة الى اليسار, و لكنها خلفت فوضي مرورية, تم ادراكها لاحقاً, و لكنها خلفت أيضاً ذكرى سنوية للشعب السويدي, عرفت فيما بعد باسم Dragon H