01/07/2012
“أيوب سعدية” من شيوخ المصورين الضوئيين الصحفيين
بدايته كانت مع الريشة واللون والزيت فعمل مدرساً لمادة التربية الفنية في سورية والمملكة العربية السعودية بين عامي 1964- 1974، قبل أن يستسلم لإغراء الكاميرا التي يعتبرها أكثر صدقاً في نقل الحقيقة، حيث نشر أولى صوره في مجلة “هنا دمشق” منتصف السبعينيات، وانطلاقاً من إدراكه لأهمية الصورة في جذب القارئ وتوريطه في قراءة التحقيق أو التقرير الصحفي بات يفكر بعين المصور الصحفي الذي يسعى دائماً للربط بين الكلمة والصورة، فهو لا يعتبر الأخيرة ترفاً أو عنصراً جمالياً يمكن الاستغناء عنه بل يؤكد أنها من أهم عناصر العمل الصحفي إن لم تكن الأهم.
عناوين معارضه التي أقامها وتنقل بها في معظم المحافظات السورية تدل على سعيه الجاد لقول كلمته من خلال نقل صورة حضارة وعراقة هذه الأرض بكل ما تحمله من تراكمات عبر التاريخ، نذكر منها: “دعوة لحماية دمشق القديمة 1980” “الرقة تاريخاً وحضارة 1981″ حمص التاريخ والعصر 1984″ صور من بلادي 1984″ المرأة في تراثنا الحضاري 1989” وغيرها من المعارض، كما أصدر كتباً مصورة باللغتين العربية والانكليزية منها “كتاب دمشق الشام” “حمص أم الحجارة السود” “لاذقية العرب”، وفاز بجوائز عديدة على مستوى الوطن العربي في مجال التحقيق المصور كان آخرها جائزة مجلة العربي الكويتية المعروفة.
ورغم تقدمه في السن لا يزال “أيوب سعدية” يشاكس بعدسته بين الفينة والأخرى فيأتي بلقطات لزوايا او أماكن قد تكون قريبة منك ولكنه يجعلك تشعر وكأنك تراها للمرة الأولى، وهو الذي قال لنا مع انتشار كاميرات الديجيتال: «نوعية الكاميرا ليست بتلك الأهمية، المصور هو الأساس، يجب أن يكون فناناً، وليس كل من حمل الكاميرا أصبح مصوراً».
وكان سعدية قد عرض العديد من لوحاته التشكيلية في مرحلة السبعينيات، ثم أولى اهتماماً متزايداً بالتصوير الضوئي، حيث سعى ومنذ سنوات طويلة لإيجاد القوة الإيحائية لعناصر الصورة أو اللوحة الضوئية عبر تجاربه المتواصلة والمتفاعلة في أحيان كثيرة مع المشاهد الأثرية والحضارية. فالبحث عن الماضي الحضاري كان يهدف لإيجاد ثوابت وارتباطات بالأمكنة القديمة المثبتة في لوحاته بلحظات خاطفة التقطتها عدسته في خطوات الوصول إلى جمالية تعكس مؤشرات التفاعل مع الحلم الشرقي ملامح حضارية، ففي لوحاته الضوئية التي عرضت تحت عنوان «معالم دمشقية» في صالة المركز الثقافي العربي بالمزة، تضمنت مجموعة متنوعة من لوحاته الفوتوغرافية الآتية من المشاهد الأثرية التي تنتمي إلى روح الحضارة القديمة. هو الذي ظل ولسنوات طويلة ينقب في ذاكرة المدن السورية الأكثر حميمية، حتى لتبدو لوحاته وكأنها تقدم صورة بانورامية عن بقايا الإشارات الحضارية القديمة في مشاهدات القناطر والعقود والمقرنصات والزخارف الهندسية والأشكال المجسدة عبر إيقاعات الفسيفساء الشرقي القديم، ولاسيما فسيفساء الجامع الأموي الذي يشكل مدخلاً حقيقياً لدراسة التفاصيل المشكلة بألف لون ولون.