غياب الوعي لدى الكثير من الناس في كل المجتمعات دون إستثناء، ساهم ولا زال يساهم في إنتهاك حقوق الطفل، فللطفل حقوق عديدة كحقه في التعليم واللعب وفي ألا يعامل معاملة البالعين في معظم المجالات، وألا تستغل طفولته وبرائته، أيضاً هناك حقوق لها علاقة بالتصوير وظهور الطفل في وسائل الإعلام والصحافة، يجهلها أو يتغاضى عنها الكثيرون من أولياء أمور الأطفال، وكذلك العاملين في مجال الصحافة والإعلام بشكل عام وخاصةً من المصورين الذين يزاولون المهن الإعلامية والصحفية أو المصورين الذين يحترفون فن التصوير والهواة أيضاً، وسواءً كانت هذه الإنتهاكات بقصد او دون قصد، فهي إنتهاكات لحقوق الطفل.
وبإتساع رقعة إنتشار مواقع التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا، زاد إنتشار هذه الإنتهاكات، فاليوم أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تضج بالصور وبمقاطع للأطفال التي تنتهك خصوصيتهم وتستغل برائتهم وتؤثر على نفسيتهم، كالتعليق بسخرية إزاء المقاطع والصور المتداولة، والتي يظهر فيها الأطفال بمواقف مضحكة وتندرج تحت مسميات ونعوت مثل “أغبى طفل، طفل يستهبل، اضحكوا على هذا الطفل ههههه”.
هذا لا يضع اللوم على مواقع التواصل والسوشيال ميديا فقط فهناك الكثير من الصحف ووسائل الإعلام التى تقدم للمشاهد مواد من نفس هذه النوعية والتي بها إنتهاكات صارخة لحقوق الطفل، فلقد شاهدنا عبر السنوات الماضية الكثير من البرامج التلفزيونية التي تقدم مقاطع من نفس النوع تحت مسمىيات عدة، واليوم نرى الكثير منها كما نرى الكثير من الصور في الصحف الورقية والإلكترونية.
الأمر الذي يعد أكثر خطورة وأشد إنتهاكاً وللأسف أكثر رواجاً، هو إستغلال الطفل للعب على وتر العاطفة لدى البالغين، سواءً كان الغرض منه دعائياً يهدف الترويج التجاري لمنتجات أو خدمات أو حتى لبرامج و علامات تجارية، أو دعائياً يهدف الترويج والتوجيه والتوظيف السياسي، كما يحدث في المظاهرات والحملات الإعلانية للبرامج والدورات والإجتماعات، وكما يحدث في تغطية الأنباء والأخبار والحوادث والحروب، والتي تستخدمها هذه الوسائل لإظهار الضعف لديهم أو كصورة لنيل الشفقة، أو لإظهار الرعب والترويع الذي يعتريهم.
علينا أن نبدأ بأنفسنا كمصورين وكصحفيين وكإعلاميين بأن نحترم الطفل وخصوصيته وعدم إستغلاله لإرضاء مشاعر الكبار أو اللعب بها وتوجيهها، علينا أن نقتنع بأن الطفل مخلوق ضعيف لا يمكن أن يدافع عن حقوقه، علينا أن نحترم أخلاقيات التصوير بأخذ الإذن من أولياء أمر الطفل لإلتقاط صور أو مشاهد له، كما علينا أن لا نجعل من الطفل محط سخرية، كما نفعل بعدم إلتقاط صوراً لذوي الأمراض العقلية، علينا أن لا نظهر ضعفه في حالات التسول وحين يتم إستغلال الكبار له في العمل الشاق، بالضبط كما لا نظهره حينما يستغل جنسياً، إلا لو كان الهدف منه أنهاء هذه الظواهر والقضاء عليها. أو إن كانت لأسباب إنسانية تهدف لمعالجة الخلل.
علينا أن لا نظهر ضعفه في حالات الحوادث والحروب لإستذرار العطف والتوظيف السياسي أو لإشعال نار الغضب والحقد والفتن.
طه الكريوي
20-08-2016