15 سنوات كاملة مضت على انطلاقة مسابقة (أفلام الإمارات)، 10 سنوات مضت على انطلاقة فكرة كانت مجرد حلم، تلقفته قلوب تؤمن بالأمل، وعقول منفتحة على الغد، وقدرات كامنة تبحث عن وسيلة للتعبير عن نفسها.. بدايات بسيطة كانت هي اللبنة الأولى للمسابقة التي ولدت في ،2011 ونضجت الآن وباتت مكوناً رئيساً من مكونات مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي. ورغم بساطتها استطاعت المسابقة الوليدة في ذاك الوقت، أن تتحول إلى قبلة لكل الموهوبين ولكل من سحرت عقولهم الشاشة الفضية واستحوذت على عقولهم غواية الكاميرا.
بين جدران المجمع الثقافي في وسط العاصمة أبوظبي بدأت (أفلام من الإمارات) كتظاهرة صغيرة تحتضن حلماً كبيراً، وحدثت المفاجأة، نجحت التظاهرة وتحولت في العام التالي إلى مسابقة جادة، وبوتقة تتجمع فيها طاقات محبي الفن السابع، منتجة أعمالاً قد تكون متواضعة في ذاك الوقت من الناحيتين الفنية والتقنية، ولكن هذه المحاولات شكلت بذرة سليمة أنبتت الآن جيلاً من صناع الأفلام الإماراتيين والخليجيين أيضاً، حيث حرصت «أفلام من الإمارات»، على ان تفتح ذراعيها لأبناء دول الخليج وتستقبل ما لديهم من إرهاصات فنية في وقت كان الحديث فيه عن صناعة سينما محلية يؤخذ على محمل الجد من كثيرين.
وجوه كثيرة لشباب صغار يتلمسون البدايات، يتناثرون في كل ركن وزاوية من المجمع الثقافي، مخرجين ومصورين وكتاب سيناريو وصحافيين ونقاد، دائماً ما تراهم منخرطين في حوارات جادة عقب كل فترة عرض يتضمنها برنامج المسابقة، يحللون الأفلام ويتبادلون الآراء ويستمعون لنصائح واقتراحات بعضهم بعضا باهتمام، لم يكن هناك خجل من الأخطاء بقدر ما كانت هناك رغبة في التعلم واكتساب الخبرة، فالكل في البدايات وليس هناك مجال للتعالي أو التقليل من شأن الآخرين، الإعلاميون أيضاً كانوا يشعرون انهم جزء من هذه الأجواء الحميمية، لم يكونوا يتعاملون مع «أفلام من الإمارات» باعتبارها «مهمة عمل» يجب القيام بها، بقدر ما كانت فرصة للالتقاء بوجوه صديقة توطدت علاقتها بالإعلاميين عاماً بعد عام. أسماء عديدة كانت صاحبة حضور دائم في المسابقة، صار أصحابها الآن نجوماً تستقبلهم المهرجانات العربية والعالمية وتحتفي بأعمالهم، وهم كثر من بينهم سعيد سالمين وخالد المحمود ووليد الشحي وهناء الشاطري وفاضل المهيري وأحمد زين وعبدالله حسن وهاني الشيباني، إلى جانب نواف الجناحي الذي يتزامن الاحتفال بمرور 10 سنوات على المسابقة مع عرض فيلمه «ظل البحر» الذي يعد أول انتاج إماراتي لشركة «ايميجنيشن».
مراحل مختلفة
صعوبات الإنتاج، وعدم وجود جهة مختصة تهتم بصفة رسمية بإقامة صناعة أفلام إماراتية، وتتبنى المواهب الشابة، كانا هما أكبر العقبات التي كانت تواجه «أفلام من الإمارات» وشبابها، ومن رحم المسابقة، ولأن الحاجة أم الاختراع كما يقولون، خرجت فكرة المجموعات الفنية والسينمائية إلى النور مثل «فراديس» و«الرؤية السينمائية» وغيرهما، حيث وجد فيها صناع الأفلام وسيلة ناجحة للتغلب على صعوبات الانتاج، وتوحيد جهودهم بدلاً من الاعتماد على الجهد الفردي، فعمدت كل مجموعة من الشباب لتكوين فريق عمل يتولى أفراده التعاون في تنفيذ أفلامهم، فمخرج هذا الفيلم، هو أيضاً المصور في فيلم عضو آخر في الفريق، وقد يكون مسؤول الإضاءة في فيلم ثالث، والممثل في رابع، وهكذا، وهو ما يسهم في تخفيض نفقات الإنتاج، بالإضافة إلى تعاون أعضاء الفريق ماديا لتوفير معدات التصوير. هذه المجموعات الفنية شكلت خطوة جديدة ومهمة لدفع مسيرة صناعة أفلام إماراتية.
مثل الحياة وكل ما فيها من أشياء، لم تخل مسيرة «أفلام من الإمارات» من صعوبات ومشكلات، انتصارات وهزائم، لقاءات وفراق، ولحظات توهج وأخرى للخفوت. ففي عام 2007 انفصل عنها مؤسسها السينمائي الإماراتي مسعود امرالله، وفي عام 2008 انضمت المسابقة إلى مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي (مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي حالياً)، وتزامن مع ذلك مضاعفة قيمة جوائزها المادية، وتولى المخرج عبدالله البستكي إدارتها، وفي هذا العام اقيمت دورتين للمسابقة، ولكن صاحبهما شعور السينمائيين الشبان بأنهم على هامش المهرجان وليس جزءا أصيلا منهم، في ظل استئثار النجوم الكبار والعروض العالمية باهتمام الجمهور، بينما انزوت عروض المسابقة بعيداً في المارينا مول.
في عام ،2010 بدأت مرحلة أخرى من المسابقة التي أصبح اسمها (أفلام الإمارات)، مع انضمامها إلى مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي لتصبح واحدة من مسابقات المهرجان الرسمية، لتلتحق بمبادراته الأخرى الرامية إلى توفير مخرجي الخليج والعالم العربي بمنصة دولية، وتسليط الضوء على الثقافة السينمائية في المنطقة.
مبادرة جديدة
كما انتقلت إدارة المسابقة إلى المخرج والفنان علي الجابري الذي عاصر انطلاقتها منذ البداية، وكان شاهداً عن قرب من موقعه كسكرتير عام المسابقة منذ ،2001 على تاريخ المسابقة، قريباً من احلام زملائه صناع الافلام الإماراتيين والخليجيين وأفكارهم، ولذا حرص الجابري من البداية على جذب الانتباه للمسابقة والمشاركين فيها، وهو ما تحقق مع قيام ادارة المهرجان بتكريم الفائزين في مسابقة «أفلام الإمارات» في الحفل الختامي للمهرجان إلى جوار نجوم السينما العالمية وأمام حشد كبير من وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.
في هذا العام، يراهن مدير مسابقة أفلام من الإمارات علي الجابري على نوعية الأفلام المشاركة في المسابقة التي يبلغ عددها 45 فيلماً تم اختيارها من اجمالي 177 فيلما تقدمت للمسابقة، وعلى نزوع كثير منها إلى الجرأة وطرح قضايا مهمة ولها علاقة قوية بالمجتمع والعلاقات الاجتماعية والانسانية القائمة فيه.
وقال الجابري لـ«الإمارات اليوم» إن الاحتفال بإكمال المسابقة لعامها الـ10 سيشهد الإعلان عن مبادرة جديدة لدعم أفلام الشباب من أصحاب المواهب الواعدة، وسيتم الكشف عن تفاصيل المبادرة وعدد الأفلام التي ستستفيد منها خلال الدورة الحالية من المهرجان، كدليل على ادراك الجميع لأهمية المسابقة والدور الذي تقوم به.
مؤكداً أن المسابقة كان لها تأثير واضح وكبير في خلق بيئة حاضنة لصناعة الأفلام في الإمارات والخليج، وهو الدور الذي تتمسك به، خصوصاً أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين السينمائيين الشبان والمسابقة استمر لسنوات وسيتواصل في المستقبل.