تستضيف المصور الفوتوغرافي السوري الفرنسي عمار عبد ربه بمناسبة معرضه الباريسي “حلب الخالدة” يقدم فيه صورا التقطها بين عامي 2013-2014 في حلب عاصمة شمال سوريا والذي عنونه “حلب لهن ولهم السلام” في “غاليري يوروبيا” على هامش شهر التصوير في العاصمة الفرنسية باريس.
أبحث دائماً عن لحظات فيها شاعرية… وأيضاً بعض الجنون
في ربيع 2013، تمكَّنت أخيراً من الذهاب إلى سوريا ورؤية ما يجري حقيقة على الأرض، وأنا كصحافي ومصوِّر كنت بحاجة إلى الذهاب والتأكد بنفسي مما يجري على أرض الواقع. وأهم ما يحدث على الأرض بغض النظر عن الأطراف المتصارعة، هو مقاومة الناس وكيف يتابعون حياتهم اليومية في ظل هذه الظروف، وهو حقيقة أكثر ما يثير الدهشة اليوم في ظل الكارثة التي يعشها هذا الشعب. كما أن استقبال الناس لي كان دوماً رائعاً ومؤثراً، إذ غالباً ما يكون لديهم ما يحكوه وقد شجعوني على تصويرهم ونقل ما يعيشونه”.
من واجبنا الذهاب إلى سوريا بالرغم من المخاطر لأننا نستطيع تقديم الصورة الحقيقية
هذا المعرض مكرَّس لحلب لأنها هذه المدينة أصبحت رمزاً، كما يمكننا اعتبارها مختبراً لما يمكن أن تكون عليه سوريا الغد. أي أنه يمكننا أن نحكي عن معاناة الحياة اليومية لكل السوريين أينما كانوا عبر حديثنا عن حلب. كل صورة فيها رسالة، كل صورة فيها فكرة، وأهم فكرة موجودة في الصور كلِّها هي ضرورة ألاّ ننسى حلب وأهلها. إلاَّ أن حلب ليست فقط الدمار، ليست فقط الجوع والقصف والعطش… إنها أيضاً حلب القلعة، حلب الأبدية. من واجبنا كصحفيين وكمصورين الذهاب إلى سوريا وتسجيل هذه اللحظات على الرغم من المخاطر، وذلك لأننا نحن من نستطيع تقديم الصورة الحقيقية لما يجري هناك، ولهذا السبب تحديداً أصبح الصحفيون والمصورون مستهدفين بشدة من مختلف أطراف الصراع”.
الصورة بحد ذاتها لغة…
من أول ما احترفت التصوير، كان هناك شيء سحري إذ أن الصورة التي ألتقطها اليوم في باريس، من الممكن أن تُنشر بعد يومين في اليابان أو في أي مكان آخر في العالم عبر وكالات الأنباء. وهكذا أدركت في وقت مبكر أن هناك توزيع كبير للصورة في العالم، لا يمكن أن يحظى النص بنفس هذا التوزيع وذلك طبعاً بسبب عائق اللغة، في حين أن الصورة ليست بحاجة إلى ترجمة، الصورة بحد ذاتها لغة. لقراءة صورة والاستمتاع بها، لسنا بحاجة إلى لغة ولا إلى شهادة، وهذا السحر الخاص بالصورة هو ما شدني إلى احتراف التصوير. إلاَّ أننا ننحدر للأسف من ثقافة لا تحترم المصوِّر الفوتوغرافي كثيراً، أما في فرنسا هناك تقدير كبير للمصوِّر ولعمله، ووجودي في باريس هو ما أعطاني الحرية وفتح لي كل هذه الآفاق، وهو شيء لا يُقدَّر بثمن”.
لست نادماً على أي صورة أخذتها في حياتي!
ما يصنع الصورة الناجحة هو الأمانة والعفوية، وأكثر ما يهمني هو إبراز الناحية الإنسانية لدى من أصوِّرهم، لأن الناحية الإنسانية لدى من أصوِّرهم، لأن الناحية الإنسانية هي التي تضمن أيضاً أن يوماً ما في حال ارتكب هذا الشخص جرائم أو خرج عن القانون، سيكون بإمكاننا محاكمته لأنه مجرد إنسان في النهاية، وهذا ينطبق أيضاً على الزعماء وعلى القادة السياسيين. أنا لا أندم على أي صورة أخذتها في حياتي، ومستعد لأن أدافع عن كل ما التقطت عدستي هنا أو في أي مكان في العالم. هذا هو أيضاً سر الخطاب مع المتلقي الغربي، إنه الأمانة والوضوح والشفافية، يجب ألاَّ نخجل من حالنا وما نحن عليه في بلادنا. كمشرقيين لسنا شريرين ولا خبثاء، كل ما نريده هو حياة أفضل لنا ولأولادنا، وقد تساهم الصورة في الوصول إلى هذا الغد الأفضل”.
سيرة ذاتية
ولد عمار عبد ربه في دمشق عام 1966، وعاش في ليبيا ولبنان ثم في فرنسا منذ العام 1978. عمل كصحفي ميداني في العديد من الأماكن المشتعلة، مثل العراق ولبنان والبوسنة، وغطى مهرجانات سينمائية وعروض أزياء كما أن صوره وجدت طريقها إلى أغلفة عدد من كبريات المجلات العالمية، مثل «باريس ماتش»، «التايم»، «البيزنس ويك»، «لوبوان»، «لاكسبرس»، «دير شبيغل»، بالإضافة إلى العديد من المجلات العربية، مثل «لها» و«المجلة». تضمن عمله التقاط لحظات خاصة بعدد من القادة العرب كبشار الأسد وعبد الله الثاني بن الحسين وأسرته، أو كرئيسة وزراء الباكستان الراحلة بنظير بوتو.