داليا عبد الكريم
للحجر فلسفته عند “حسام الدين نزهه”
لم يكن الحديث مع النحات “حسام الدين نزهه” مجرد حديث عابر عن فن النحت، وإنما كان حديثا غصنا من خلاله إلى أعماق الحجر، لنجده ينطق ويتكلم ويحدثنا عن التاريخ الغابر. لمعرفة مزيد من التفاصيل حول هذا الحديث الشيق رافقونا في زيارتنا إلى قرية النحات “نزهه” وهي “الصفصافة” حيث بدأ حديثه يخبرنا عن تجربته مع الحجر قائلا:
«أعتبر نفسي كائناً مولوداً من رحم حجر البازلت الذي عمل أجدادي على بيعه وعملت أنا على فهمه وإيصال ما فهمته إلى المتلقي».
ما يثير الغرابة ويبعث في النفس الدهشة في فن السيد “نزهه” هو كيفية تعامله مع الحجر الذي يراه كائناً حياً يكاد ينطق ويتابع: «أنا أجلس مع الحجر لساعات وربما لأيام أسأله ألف سؤال ما هو عمرك؟ من أين أتيت؟ كيف تشكلت؟ ماذا تريد أن تصبح؟ أجل أنا أعيش مع الحجارة وأجد فيها كل ما ينقصني في التعامل مع البشر، لست نحاتاً وإنما أضيف بعض الرتوش على شكل الحجر ليصبح ما يريد أن يكون».
وتابع: «أعشق الطبيعة الريفية والشخص البسيط، وهما محور أعمالي إلى جانب التراث وكل ما يرتبط بالماضي الجميل، والشخص الذي يراه كل الناس هو ما أحب أن أشكله وأنحته أريد أن يفهم أعمالي السيد والسيدة والأستاذ وأم إبراهيم وأم محمد وأم
علي …الخ من الناس، باختصار يجب أن يفهم أعمالي كل الناس ولو اختلفت تفاسيرهم ورؤيتهم لها المهم أن يجدوا فيها شيئاً يلامس شخصيتهم وحياتهم اليومية بتفاصيلها الصغيرة».
ويتابع الفنان “نزهه” يخبرنا عن مضامين أعماله قائلاً: «أحب أن أعمل الشيء ونقيضه وكل حجر لابد وأن أقسمه نصفين، واحد يعبر عن الخير والثاني يعبر عن الشر أي مثل الطبيعة البشرية خير وشر، والذي تودين أن تظهريه يظهر وما تغفلينه يموت تماماً كالحجر ولذلك أنا أتعامل مع الحجر على أنه ذو طبيعة حساسة وليس مجرد قطعة بازلت».
وأكمل يخبرنا عن بداياته قائلاً: «أول قطعة نحتها كانت المرأة العاملة صانعة الخبز فهي تؤثر في صميمي لأنها رمز المرأة المضحية الكادحة المرأة الحقيقية، ولا تحمل شيئاً من الزيف الذي يحاول العالم الآن أن يشوه به مظهر المرأة، فهي ليست مجرد جسد وحلي ومكياج وعري وحتى هذه اللحظة ومنذ أن كنت
في المدرسة لا يبارح مخيلتي منظر المرأة صانعة الخبز وأنا عائد من مدرستي».
وأردف يحدثنا عن الشيء الثاني الذي أثر به قائلاً: «المجتمع الريفي البسيط الطيب المندفع المحب المعطاء الذي يمثله الفلاح هو من أكثر المضامين التي أحب تجسيدها على الحجر، وأنا لم أنحت يوماً إلا تحت هذه “البلوطة” _مشيراً بيده إلى شجرة البلوط التي نجلس بفيها_ ولها تأثير كبير فيّ لا أعرف لماذا».
وفي جوابه لسؤالنا له عما إذا كانت هوايته هي مهنته أيضاً أجاب الفنان “نزهه”: «أعمالي الفنية هي فلذات أكبادي ليست للبيع هل تستطيعين بيع ولدك؟ وإنما هي للمستقبل وللتذكير بهذه الحضارة الرائعة التي وباعتقادي ستندثر (يقصد البيئة الريفية) ولكن هناك من يطلب مني نحت بعض الأشكال فأبيعها له وأيضاً أصنع تذكارات للسياح فهل يعقل أن يزور سائح ما “الصفصافة” دون تذكار وهذه التذكارات هي عبارة عن علّاقات مفاتيح تحوي جاروشة “الحنطة”
“الرحا” وهي تذكر بالبيئة الريفية وتتحدث عنها، فهذا يعتبر بحق تذكار من بلدي سورية».
وفي ختام حديثنا معه أخبرنا عن جديده في مجال النحت قائلاً: «أعد حالياً لوحة من الحجر بعنوان “الطريق إلى الله” اعتمدت فيها على مبدأ حب الله كما تريد وبالطريقة التي تراها مناسبة المهم أن تحب الله وتخلص له».
التي تصلح لأنحت فيها مدخل لأحد البيوت .
كان علي أن أقسم الحجر الى أربع أقسام المرحلة الأولى .
أقسم الحجر الى قسمين .وحينها دار حوار بيني وبينها .
حوار الصم بلغة البكم….إحدى القسمين سوف يكون بعد فصلهما
أخوين متوازيين متلازميين .وهذا التوأم أحدهم يربط اليمين
والثاني يربط اليسار ويتعامدا مع الارض
أما القسم الثاني فقد حير صمتي .فأحدهم
سوف يلتحف الأرض وتغيب عن العين أركانه
وبالكاد أن ترى وجهه وسوف تقع عليه أقدام البشر
وهو الأساس وهو البعيد عن النظر
وأما آخاه فقد إعتلى رأس اليمين واليسار
وهو ملفت للنظر وسوف تمر من تحته رؤوس البشر