أصبحت البريطانية كاري موليغان ( 30 سنة) في السنوات الخمس الأخيرة إحدى أكثر الممثلات الهوليووديات الشابات رواجاً. وتضم قائمة أفلامها بعض العناوين التي ستدخل تاريخ الفن السابع، غير أنها شخصياً تتمتع بموهبة درامية فذة تجعلها جديرة بالحصول على أكبر الجوائز في التمثيل، لا سيما جائزة الأوسكار، حلم جميع الممثلات في العالم.
«تربية» و«عار» و«غاتسبي الرائع» و«أخوة»، وخصوصاً «درايف»، تلك هي عناوين الأفلام أو على الأقل فئة منها، التي حولت موليغان بين العام 2010 واليوم نجمة سينمائية تغازلها كبريات شركات الإنتاج، ويسعى أشهر المخرجين لاختيارها لأفلامهم. وآخر فيلم أدت الفنانة الشابة بطولته عنوانه «بعيداً عن الحشد الثائر» وينتمي إلى اللون الرومانسي وتدور أحداثه في إنكلترا في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر. الفيلم مأخوذ عن رواية شهيرة تحمل العنوان نفسه ألفها البريطاني الراحل توماس هاردي، والإخراج للدنماركي توماس فينتربرغ.
زارت موليغان باريس للترويج للفيلم فالتقتها «الحياة» وحاورتها مراعية رغبة المسؤولة عن العلاقات العامة بعدم توجيه أي سؤال إلى النجمة بخصوص انتظارها مولودها الأول من زوجها الموسيقي ماركوس مامفورد، الأمر الذي فسر فستانها الطويل وخصوصاً الواسع جداً.
> حدثينا عن فيلم «بعيداً عن الحشد الثائر»؟
-يروي الفيلم حكاية امرأة إنكليزية شابة، ريفية، ورثت بيت والدها والأراضي المحيطة به وتتولى العناية بهذه الممتلكات وحدها رافضة الارتباط بأي رجل ومفضلة استقلالها والعمل الشاق على الخضوع لغيرها باسم الحب أو لمجرد احترام القواعد الاجتماعية المفروضة على المرأة في الزمن إياه. وتجد هذه الشخصية نفسها موضع صراع حاد بين ثلاثة رجال من طبقات مختلفة يسعى كل منهم إلى الزواج منها وإلى ترويضها، لكن من دون جدوى، على الأقل إلى حين يدق قلبها فجأة من أجل أبسط واحد فيهم على الصعيد الاجتماعي وبالتالي المادي.
> يختلف هذا الفيلم في نوعه عن أعمالك السابقة الأكثر درامية ربما، أليس كذلك؟
نعم ولهذا السبب بالتحديد وافقت على المشاركة فيه. أنا تخصصت منذ البداية ومن دون أن أختار ذلك شخصياً، في الأعمال المأسوية، مثل «تربية» و»أخوة» و»عار»، وأنا لا أشكو إطلاقاً من هذا الموضوع فهو الذي فتح أمامي باب الشهرة والنجاح والترشيح من أجل حصد أفضل الجوائز العالمية في التمثيل، غير المحلية البريطانية التي حصدتها، لكنني من ناحية ثانية أرغب في تقديم الدليل على قدراتي المتنوعة وبالتالي عندما عثرت على فرصة المشاركة في فيلم «بعيداً عن الحشد الثائر» المختلف إلى أبعد حد عن أفلامي المذكورة، وافقت بلا تردد، خصوصاً أن السيناريو أقنعني بشدة فور أن قرأته. وكنت قد قرأت رواية توماس هاردي التي تنتمي إلى الأدب الكلاسيكي العالمي غير أنني شاهدت الفيلم المصور في السبعينات من القرن العشرين والمأخوذ عن العمل ذاته، والذي أدت فيه النجمة جولي كريستي الشخصية التي مثلتها أنا في الفيلم الجديد. وأعتقد بأن أهل المهنة سيفكرون هكذا في المستقبل في منحي أدواراً تختلف عن بعضها البعض، وهذا حلم كل ممثلة بطبيعة الحال.
> هل تتخيلين نفسك في فيلم فكاهي مثلاً؟
-ولمَ لا، فأنا معروفة في محيط أصدقائي بروحي الفكاهية العالية، فما الذي يمنعني من ممارسة هذه الموهبة أمام الكاميرا؟
> حدثينا عن نفسك وبدايتك في المهنة الفنية؟
-أنا إنكليزية، كبرت وتعلمت الرقص الكلاسيكي وفن الدراما وأيضاً الغناء في لندن، وفي العشرين من عمري عثرت على فرصة الظهور في مسلسل تلفزيوني عرف الرواج، ومن بعده في مسرحيات كلاسيكية لكبار المؤلفين، قبل أن تمنحني هوليوود أحد الأدوار النسائية الثانية إلى جوار جوني ديب في فيلم «أعداء عموميون». وعلى رغم نجاح العمل المذكور فهو لم يطلقني إلى سماء النجومية ولم يحدث ذلك إلا عندما منحني المخرج نيكولاس ويندينغ ريفن بطولة فيلمه «درايف» إلى جوار النجم الصاعد حينذاك ريان غوسلينغ. وأتم «درايف» ما كان قد بدأه الفيلم البريطاني «تربية» في شأن لفت انتباه أهل المهنة السينمائية إلي وإلى قدراتي، في أوروبا وهوليوود على السواء.
> ماذا عن فيلم «عار» الجريء الذي ساهم جدياً في انطلاقتك الفنية والذي مثلت فيه إلى جوار الممثل المعروف مايكل فاسبندر؟
– اتصل بي السينمائي البريطاني ستيف ماكوين مخرج فيلم «جوع» ذي الصيت العالمي والحاصد أكبر الجوائز أينما عرض، طالباً مني إجراء اختبار أمام الكاميرا لفيلمه الجديد حينذاك «عار». كنت في هوليوود عندما تسلمت العرض ووافقت حتى من دون أن أسأل نفسي عن مدى كيفية الجمع بين إنهاء عملي في أميركا والسفر إلى لندن لإجراء الاختبار. وبت لا أفكر في شيء سوى الطيران من أجل لقاء ماكوين والوقوف أمام عدسته. وفعلت ذلك في أسرع وقت مدعية أمام الشركة المنتجة الهوليوودية أنني مضطرة إلى الغياب لمدة يومين بسبب تدهور صحة أحد أكثر المقربين مني. وأنا الآن بعد مرور الزمن على هذه الحكاية أقول أنني كنت فاقدة الرشد كلياً، فكيف كان بإمكان ممثلة شبه مبتدئة مثلي لا تزال بين السماء والأرض، أن تتصرف على مثل هذا النحو مجازفة بالثقة المكتسبة حديثاً من ناحية هوليوود، ومع ذلك فالمهم بالنسبة لي كان أن ستيف ماكوين اتصل بي، ولم يعد الباقي يعنيني. فأنا لو كنت قد كرست وقتي للتفكير الجدي في ما كان سيحدث لي عندما سافرت إلى لندن لما كنت التقيت ماكوين أصلاً. أنا مدينة لجنوني بحصولي على بطولة «عار» النسائية إلى جانب مايكل فاسبندر، ولاحقاً إلى فرض نفسي كممثلة جادة وجريئة في آن، وذات قدرات درامية ملموسة.
> ما هي اهتماماتك غير التمثيل؟
-القراءة، وأنا أقضي معظم وقتي في اكتشاف مؤلفين ثم إعادة قراءة الأعمال الكلاسيكية التي سبق وقرأتها مرات ومرات. أنا لا أشبع من القراءة أبداً.
> كيف تصفين شخصيتك؟
-أنني امرأة هادئة ورصينة، فأنا أعشق العزلة والقراءة أو سماع الموسيقى وأنا وحدي. لست من النوع المتسرع في الحياة اليومية ولا أبالي بكوننا في عصر يحبذ السرعة في كل شيء، من العمل إلى الهوايات إلى العلاقات مع الآخرين، من عاطفية ومهنية وحتى في الصداقات. أعير الوقت أهمية بالغة وأؤمن بأن الشيء المبني ببطء وعلى أساس من التفكير المنطقي هو الوحيد القادر على عبور المراحل الزمنية والبقاء فترة طويلة، وأنا في النهاية لست متأقلمة مع العصر الذي أعيش فيه لكن هذا الشيء لا يضايقني.
تقولين أنك مدينة بنجاحك لجنونك، أليس هناك بعض التناقض بين تصريحاتك إذاً؟
-ربما يكون الأمر كذلك، لكن الجنون الذي تكلمت عنه يتعلق فقط بحدث واحد هو سفري من أميركا إلى لندن كي ألتقي ستيف ماكوين الذي أبدى رغبة في مقابلتي ومنحي بطولة فيلمه «عار». صحيح أن هناك بعض المواقف في الحياة التي تتطلب عدم التفكير العميق فيها قبل اتخاذ القرار المناسب في شأنها وإلا تفوتنا فرصة تحقيق إنجاز مهم. أنها حالات نادرة، وأنا لا أتصرف أبداً في كل يوم مثلما فعلت في ذلك الوضع بالتحديد. أعتقد في النهاية بأن جنوني كمن في كوني آمنت في إمكانية فوزي ببطولة الفيلم على رغم قلة خبرتي السينمائية، أكثر مما هو تلخص في عنصر السفر إلى لندن في حد ذاته. لنقل إذاً أنني بالتالي نصف مجنونة ونصف رصينة.
> هل أنت متأثرة بالتوقعات عنك في الإعلام والتي تضعك في المرتبة الأولى بخصوص استحقاق جائزة أوسكار أفضل ممثلة في 2016؟
-أنا أسعى إلى عدم التأثر بهذه الأقاويل خصوصاً أن الإعلام لا يعلم بحقيقة ما يدور في عقول أفراد لجنة التحكيم الخاصة بمنح جائزة أوسكار أفضل ممثلة أو أفضل فيلم أو الجوائز الأخرى. وعلى العموم فأن المنافسة قاسية على مثل هذه الجوائز، ومهما كنت أنا موهوبة سأجد نفسي فوق قائمة تضم أسماء أكبر ممثلات هوليوود اللاتي شاركن بدورهن في أفلام ممتازة. أنا إذاً أحاول عدم شغل بالي بمثل هذه الأمور وأتركها تحدث أو لا تحدث بينما أركز جهودي على عملي وأدواري المستقبلية.