مؤكدة أن الأنسان أهم ما يجب تصويره.
المصورة الفوتوغرافية تهاني الأيوب: في الحروب يعجز الإعلام عن نقل ما هو خلف الجدران
توثيق التجمعات الأسرية جعل منها هاوية لكن توثيق أحداث غزو الكويت صنع منها مصورة محترفة، على أثرها لقبت الكاميرا الخاصة بها بالكاميرا المدفع، وعلى الرغم من ذلك إلا أن التصوير العائلي هو الأقرب لقلبها، تؤمن بأن الموهبة تحتاج لصقل، وأن الربح لا يقاس بالمردود المادي حينما يتعلق الأمر بالتعليم.
المصورة الكويتية تهاني الأيوب تعود مع عربيات لمحطات مختلفة في حياتها، بدءً من أول كاميرا اقتنتها، مروراً بالتصوير الصحفي والإبداعي، ووصولاً لدورات التصوير التي تقدمها مجاناً على الشبكة العنكبوتية.
كيف كانت بدايتك مع التصوير؟
بدأت علاقتي مع الكاميرا أثناء تجمعات الأسرة ورغبتي في تخزين اللحظات الثمينة لتبقى معي العمر كله، لم أجد من يقوم بتخزين هذه اللحظات أو توثيقها سوا الكاميرا، ومن هذا الباب “باب الذكريات” دخلت التصوير بهدف التوثيق وكان عمري في ذلك الوقت 11 عاماً، وكنت استخدم في تلك الفترة كاميرا رخيصة وغير احترافية.
ما هي قصة أول كاميرا احترافية اقتنيتها؟
في السادسة عشر من عمري امتلكت أول كاميرا احترافية “نيكون إف جي” وعدستها ٥٠ مم حيث أنني قمت بتجميع “العيدية” التي حصلت عليها من أسرتي بمناسبة عيد الفطر وكنت في لندن ذلك الوقت، وطلبت من أخي أن يختار لي كاميرا احترافية وبالفعل ذهبت معه واختارها لي، لكن لارتفاع سعرها طلبت منه اختيار واحدة أقل سعراً، سألني يومها إن كنت اعرف الطريق لمقر إقامتنا هناك، وحينما أكدت له إنني لا اعرف خيرني بين شراءها وبين تركي في المكان بمفردي، ووعدني أنني لن أندم وبالفعل لم أندم على اختيارها.
البعض يرى أن التصوير موهبة، بينما يرى البعض إنه مهنة تحتاج لتعليم أساسيات، بينهما ما هي رؤيتك لفن التصوير؟
في البداية هو موهبة، ولا خلاف على أن كل موهبة أو هواية تحتاج إلى دراسة ومعرفة ليتم صقلها ورفع مستواها.
توجهت للعمل في وكالة الأنباء الكويتية، بين التصوير الصحفي والتصوير الإبداعي كيف كانت التجربة؟، وأيهما من وجهة نظرك أصعب؟
ليست صعوبات قدر ما هي جوانب لابد مراعاتها في كل من التصوير الصحفي والإبداعي، فالتصوير الصحفي يعتمد على خبر لابد من تغطيته في وقت محدد، وفي الغالب تنتهي قيمة الصورة إن لم يتم نشرها في الوقت الصحيح، كما أن التصوير الصحفي يعتمد على لقطة في أقل من ثانية لا بد أن يلتقطها المصور باحتراف وبشكل سليم، لذا من المهم أن يتحلى المصور الصحفي ببعض الصفات كالإقدام والشجاعة.
بينما يعتمد التصوير الإبداعي على قدرة المصور في تجسيد مشاعره في صورة، سواء كانت هذه المشاعر حزن أو فرح، وفي الوقت نفسه يحتاج المصور أن يوثق الفرح في صورة حتى وإن كان أثناء تصويرها يشعر بالحزن أو الألم، باختصار الإبداع يتطلب مشاعر .
لقبت كاميرا تهاني الأيوب بالكاميرا المدفع، ولكاميرتك قصة مع تعرض الكويت للغزو في التسعينات، هل بالإمكان سردها للقارئ؟
هي تجربة بلورها الغضب، فأثناء غزو الكويت انتشرت الشرطة العراقية في الشوارع، واستطعت التقاط عدد من الصور والتي تؤرخ الأحداث، وبينما كنت مع والدتي استوقفنا الجنود موجهين علينا أسلحتهم، لم أخشاهم في ذلك اليوم، وكنت انظر لهم بغضب لما فعلوه في وطني، نظرتي استفزتهم أكثر وشعرتُ بها أقوى من أسلحتهم، فطلب أحدهم الكاميرا الخاصة بي وكسرها أمامي بعد أن حصل على الفيلم، وقتها انزعجت منه أكثر وجادلته في السبب وراء تهشيم الكاميرا خاصة بعد حصوله على الفيلم الذي اعتبره الأغلى على قلبي، وبعد توسلات والدتي واعتذارها تركونا، خرجت من التجربة بغضب أكبر، وبينما أتجول في منزل أحد أقاربنا بعد تحويل منزلنا لثكنة عسكرية، وجدت كاميرا قديمة وبها عطل قمت بإصلاحه، وقررت أن أوثق حياتنا اليومية كأسرة كويتية في الحرب، فالحروب في كل العالم تمر بنفس الأحداث، والإعلام ينقلها ويعجز عن نقل ما تمر به الأسر خلف الجدران حيث قلة الطعام وانقطاع التيار الكهربائي، وحياة الإنسان مع صوت القنابل والرصاص، وكنت اعتبر أن ما يحدث خلف الجدران وتحت الأسقف هو أهم جزء في الحروب لم يوثق بعد لذا قمت بتوثيقه.
كونك امرأة ألم تخشي التعرض لعقوبات جراء توثيق الغزو؟
على العكس، لم أكن خائفة على نفسي بالرغم من أن الخوف انتابني على أمي وأولادي، وقد طالبتني أسرتي بعدم التصوير في ذلك الوقت، وبالرغم من ذلك لم استجب لمطالبهم خاصة وأنهم بعد أن يتوقف صوت الضرب يسألوني هل قمت بالتوثيق والتصوير!!
من التدريب المدفوع الثمن على أرض الواقع للتدريب المجاني عن طريق الانترنت، ما الأسباب التي دفعتك لرفع أفلام تعليمية على الشبكة العنكبوتية؟
توجهت لتقديم دروس التصوير بعد ملاحظة أنني أقضي اليوم بطوله في الرد على استفسارات المتدربين كلاً على حدا، كان ذلك بصورة غير منظمة ولمجموعات صغيرة، فقررت أن تستفيد من هذا الأمر شريحة عريضة، ولا يقتصر المستفيد منها على الكويت فقط، فوجدت أنني ومن خلال الشبكة العنكبوتية أستطيع تطبيق ذلك.
ألا تخشي من تأثير الأفلام التعليمية التي تقدميها مجاناً عبر الانترنت على الدورات مدفوعة الثمن والتي تقدميها على أرض الواقع؟
كل مشروع تعليمي وإن كان يبدو ظاهرياً بأنه لا يدر أرباحاً إلا أنه مربح، ويعتمد ذلك على نظرة من قام به ومفهومه للربح، ويختلف الواقع عن العالم الافتراضي، ففي الواقع يكون الدرس أكثر تفصيلاً ويكون هناك تجاوب مباشر وسريع مع المستفيدين من هذه الدورات وهذا لا يتم على الانترنت، حيث ينتظر المتابع أن يقوم بتجربة الدرس ومشاهدته ثم ترك استفساره الذي ليس من المتوقع أن يتم الرد عليه بالسرعة التي يتم بها في دروس التصوير على أرض الواقع لاختلاف توقيت تواجد الأشخاص، كما أن التعليم على أرض الواقع به جانب عملي أو ميداني، ولا أنكر أنني أحاول تطبيقه في العالم الافتراضي بطلب المتابعين إرسال صورهم لتقيميها ولقد وجدت تجاوب منهم.
ولا اخفي عليك بأن البعض يطالبني بأن تكون هذه الدروس كما لو كانت على ارض الواقع وبمقابل مادي ليحظى من يستفيد منها بالحصول على شهادة، وأنا بصدد دراسة الفكرة.
كيف تقيمين تجاوب المشتركين مع دروس التصوير؟
التجاوب قوي، خاصة وأنني لم أتوقع أن الفيلم القصير قادر على إيصال المعلومة بهذا الشكل السريع والواضح، وهذا التجاوب يشعرني بالسعادة.
شاركت في عدد من المعارض، لكن ما هو المعرض الأقرب لقلبك، ولماذا؟
المعرض الأكثر قرباً لقلبي المعرض الذي أقمته في “بيت لوذان” تحت عنوان الأسرى الكويتيين، كونه يمس شريحة كبيرة من الناس تشعر بألم ومشاعر لا تعرف كيف تعبر عنها، كما أن هذا الألم ليس له حل أو علاج، لذا رغبت أن اعبر عن هذه المشاعر لكن باستخدام الكاميرا.
ما حكاية الصورة التي استغرقت جهداً أكثر منك؟
الصورة التي استغرقت جهداً مني كانت عبارة عن “لارج فورمات”، وتتكون هذه الصورة من مجموعة من الأوراق الشفافة وبلون واحد، واستطعت أن أتدرج في ألوانها باستخدام الكاميرا، لقد حاولت طباعتها في الكويت ولم أجد من يفعل ذلك، وأثناء سفر زوجي لأمريكا طلبت منه طباعتها في إحدى معامل التصوير، وعند استلامها طلب منه أحد الموظفين أن يتوجه للإدارة التي اعتذرت عن تأخيره، ثم سألته عن المصور الذي قام بالتقاطها، وابدوا رغبتهم باستخدامها في الإعلانات الخاصة بالمعمل، خاصة وأنها ستكون معبرة عن إمكانيات المعمل، وكانت هذه التجربة بمثابة شهادة افتخر بها لأن أصحاب المعمل لا يعرفون من كان صاحب الصورة ولا علاقة تربطني بهم.
ما هي الصورة التي تستفز أيوب لتوثقها؟
أحب الصور العائلية، واعتقد أن أهم صور يستطيع الإنسان التقاطها في حياته هي الصور العائلية، فعلى سبيل المثال في العيد حينما تجتمع الأسرة في البيت الكبير وتلتقطين لهم صورة وتكرري ذلك في السنة التالية لن تجدي الاختلاف على مستوى الملامح فقط إنما من الممكن أن يتجاوز ذلك لوجود شخص إضافي دخل العائلة أو اختفاء آخر.
لذا اعتقد أن هذه الصور لها قيمة كونها توثق مراحلنا العمرية، بينما المناظر الطبيعية مثلاً جمالها جامد، على خلاف الإنسان الذي اعتبره أهم ما يجب تصويره.
ما هي وصفة النجاح التي تنصحي بها المصورين المبتدئين؟
نصيحتي أن يصقل المصور موهبته بالعلم والمعرفة، وأن يعبر عن نفسه باختيار زوايا وصور لم يقم غيره بها، وهذا لا يمنع أن يبدأ بتقليد بعض الصور للوقوف على مستواه وقدرته على مجاراتها، إلا أنه بعد أن يتمكن من التصوير عليه التعبير عن نفسه بالصور، فحتى وإن كانت هذه الصور بسيطة إلا إنها ستعبر عنه، باختلاف الصور التي التقطها الكثير والتي لن تضيف له شيئا بتصويرها، فعلى سبيل المثال إن شاهدت فيلم وتم تكرار هذا الفيلم باستخدام ممثلين آخرين لن نهتم بمتابعته كونه يطرح ذات الفكرة.
الملاحظ ابتعادك عن المشاركة في المسابقات الخاصة بالتصوير، ما هي الأسباب؟
شاركت في عدد من المسابقات وحصلت على المراكز الأولى، لكن مشاركتي كأحد أعضاء التحكيم في المسابقات الخاصة بالتصوير جعلتني أعيد النظر في المسابقات بشكل عام، فمن المفترض أن تخضع شروط هذه المسابقات لمعايير ثابتة، لكن يبدو لأنه فن بات الفوز يعتمد على النظرة الشخصية ورؤية أعضاء التحكيم بصورة تتجاهل الشروط الموضوعة.
لذا أنصح كل شخص يرغب في المشاركة بمسابقة أن يعرف أساليب التحكيم وخلفية أعضاء التحكيم.
ما هي المدينة التي تحلمين بزيارتها بهدف التصوير؟
المدينة التي احلم بتصويرها بالرغم من أنني فعلت ذلك قبل سنوات هي طوكيو في اليابان، أتمنى زيارتها مرة أخرى وإعادة تصوير نفس المناظر التي التقطتها في الماضي لكن باستخدام التقنيات الحديثة، فاليابان البلد الوحيد الذي لا يمنع التصوير في أي مكان حتى أمام بيت الإمبراطور الياباني.
من هو المصور الذي أثر فيك؟
أخي الكبير، حيث أنه أول من آمن بموهبتي، وعلمني التصوير.
ما هي السمات التي أضافها التصوير لشخصيتك؟
الصبر، فالمصور يعيش الانتظار بين اللقطة المناسبة والتقاطها وطباعتها.
قمتِ بتجهيز كتاب حول رحلتك لليابان، لماذا لم يظهر للنور للآن؟
بالفعل الكتاب جاهز للطباعة، لكن مرض أمي ومن ثم وفاتها رحمها الله جعلني أتوقف عن طباعته، ويوثق الكتاب مرحلة ابتعادي عن أمي للحياة في طوكيو، وتوثيق لعائلة عربية عاشت في طوكيو وزيارتها لي في تلك المرحلة، ومن خلاله جسدت علاقتي بها رحمها الله بالصور، بالإضافة لصور الأماكن المهم زيارتها في اليابان، وبعد وفاتها شعرت أن الكتاب فقد هدفه وقيمته.
ماجديد الأيوب ؟
استعد لمعرض شخصي عنوانه المرأة، وسأقيمه بمشيئة الله في 2012.
هل سيقتصر على المرأة العربية أم سيشمل المرأة في جميع انحاء العالم؟
المرأة العربية تحديداً، وتجسيد معاناتها من خلال ملامحها.