ثلاث نساء في العاصمة المصرية كسرن حاجز الخوف والتقاليد وامتهن أعمالا غير مألوفة، بعد أن أجبرتهن الحاجة وظروف المعيشة على تحدي نظرات المجتمع الذي يسيطر عليه الرجال.
موقع “ميدل أيست أي” في نسخته الفرنسية أورد قصة النساء الثلاثة وهن: زينب عبد الرحيم وصباح أحمد وأم أميرة.
وقال الموقع: في مصر، القوى المركزية في العالم العربي، النساء يستطعن العمل خارج المنزل، يذهبن للمدرسة والجامعات، ويملكن حرية التصويت في جميع الانتخابات. ومع ذلك فإنهن في مجال التعليم والعمل اﻷمر مختلف تماما مقارنة بالذكور، وفقا للإحصاءات، حيث يكن أكثر عرضة للبطالة أربع مرات من الرجال، كما يحصلن أيضا على رواتب أقل.
وبعد أربع سنوات من الثورة، حيث إن وجود المرأة كان حاسما، لكن يبقى موردها الاقتصادي قليل الاستعمال.
فمنذ 30 عاما، وجدت زينب عبد الرحمن، نفسها وحيدة ومسئولة عن أطفالها اﻷربعة وعمرها 24 عاما”، بعد أن صدم زوجها قطارا خلال عبوره السكة الحديد في إحدى مفترق الطرق.
أميّة، بدون شهادة تعينها على العمل، أخبروها أنها لن تجد وظيفة أبدا. لكن بعد مرور أسابيع رصدت زينب رجل عجوز يلمع اﻷحذية في أحد الشوارع بالقرب من منزلها.
تقول زينب: “طلبت منه أن يعلمني”، ثم سارت في الشوارع ومعها الأدوات والفرش الخاص بها تنادي على من يرغب في تلميع حذائه. “سخروا مني، وعاملوني بقسوة” ، تواصل زينب.” الناس كانوا يقولون أن هذه مهنة الرجل”.
وفي يوم أشفق عليها صاحب محل عصير وجعلها تجلس بجوار المحل لتمارس عملها، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عن تلميع اﻷحذية.
“لا يوجد الكثير من العمل في هذه اﻷيام فمعظم الناس يرتدون أحذية رياضية وليس في حاجة لتلميعها” تضيف زينب.
زينب يبلغ عمرها اﻵن “60” عاما، اثنان من أبنائها اﻷربعة مهندسان، وبناتها ممرضات. وعندما سألناها عن سبب استمرارها في العمل ردت بالقول: منذ 30 عاما وأنا أعمل في الشارع، هذا الشي أصبح جزءا لا يتجزء مني، أولادي يطلبون مني دائما التوقف، لكني أشعر أن اليوم الذي سأتوقف فيه عن العمل سأموت”.
صباح أحمد “30 عاما” من شبرا، أحد ضواحي شمال القاهرة، أرملة تعول أربعة أطفال وأم يبلغ عمرها “90 عاما” حيث تعمل على “توك توك” من أجل كسب لقمة العيش.
تقول: “عندما أردت شراء هذه العربة اعترضت عائلتي، أخي الكبير عرض عليّ ترك الدراسة للعمل على التوك توك مكاني ، لكني رفضت، أخذت نحو أسبوع من أجل تعلم القيادة لكن نجحت وأتقنته بحرفية”.
في الموقف المحلي، حيث ينتظر سائقو التوك توك الزبائن، تقول صباح إنها وجدت عداءا من قبل السائقين الذكور “جميع السائقين من الذكور وكنت أنا المرأة الوحيدة، الجميع لم يتقبلني بينهم”.
وفي يوم سائق يدعى محسن سعى لمنعها من الوصول لأحد الذبائن، دهسته من خلال التوك توك الذي تملكه.
“كلفني هذا أجر شهر لإصلاح التوك توك، لكن اﻷمر كان يستحق، لمجرد أن ترى هذا تعبير وجه”، أضافت وهي تضحك.
بعض الذين يعرفونها يقولون إن صباح ترتدي النقاب، لأنها تخجل من أن يراها أحد وهي تقود التوك توك، لكنها تنفي وتأكد أرتدي النقاب منذ ست سنوات، قبل وقت طويل من بدء العمل، قيادة التوك توك اختياري”.
وبسبب وظيفتي الجديدة، المعاش الذي أتقاضاه شهريا من الدولة، تم تخفيضه. توضح صباح.. “مع كل الملايين التي بحوزة الحكومة، لا تمانع في أن تعطينا 350 جنيه ( 45 دولار) في الشهر ، لكن يا سيدي ما يحدث مثير للأشمئزاز.
أم أميرة، طباخة في اﻷربعينيات من محافظة أسوان، جنوب مصر، يعرفها العديد من المصورين والصحفيين في العاصمة المصرية.
منذ سبع سنوات، انتقلت إلى القاهرة مع زوجها، عامل، من أجل البحث عن عمل؛ لحياة أفضل لها ولابنتيها أميرة وعزيزة.
زوجها حصل على عربة صغيرة لبيع البطاطس على في زاوية أحد الشوارع بالقرب من المطاعم الكبيرة ولكن بعد بضعة أشهر صدمته سيارة وانتهى الأمر به بالشلل، وبعد أسابيع قليلة من الحادث، توفت ابنتها الكبرى أميرة، التي كانت تعاني من مرض في القلب .
أم أميرة تستعيد الذاكرة مع ابتسامة حزينة “رأيت كل شيء باللون الأسود. فقدت كل مدخراتنا وآلاف الجنيهات التي استعرتها من اﻷصدقاء واﻷهل في أسوان، حتى بعت الذهب الذي أعطاه لي زوجي يوم الزفاف”.
عندما اقترحت صديقة لها أنها تبيع أطعمة على عربة، رفضت أم أميرة وقالت “لا أعرف سبب الرفض، لكن حدثتني نفسي لماذ لا يحدث ذلك في المستقبل… وفي يوم خطرت لي فكرة: لماذا لا أعمل في نفس عمل زوجي؟ “.
بعد ذلك، اكتشفت مفاجأة أن عربتها الصغيرة لاقت إقبال متزايد من الزبائن وبعد سبع سنوات سددت أم أميرة كل ديونها وادخرت ما يكفي لشراء متجر صغير خاص بها.
“اﻷمر لم يكن سهلا، واجهت كثيرا من المشاكل: بعض التابعين للشرطة يطلبون الرشى، في بعض اﻷحيان لا أكسب ما فيه الكفاية كي أشتري البطاطس، لكني استمريت من أجل زوجي وعائلتي، وبالأخص من أجل ذكرى أميرة”. تتحدث وهي تشير بأصبعها على ملصق معلق على واجهة المطعم، حيث مكتوب “أم أميرة”.
وتضيف ” رؤية هذه الكلمة كل يوم تجعلني أفكر بأن كل سنوات العمل الماضية تستحق العناء”.
اقرأ أيضا: