اساسيات نظرية الالوان وعجلة الالوان في التصميم
المقدمة
جميع المجالات المتعلقة في التصميم مثل الرسم ومجالات التصميم المختلفة تحتاج لمعرفة أساسيات الألوان والاستخدامات الصحيحة لها. حيث إن إختيار الألوان الخاطئة وغير المُتناسقة هي من أكثر الأخطاء شيوعاً في عالم التصميم.
حيث تختلف إستخدامات الألوان بين الفنون التشكيلية و التصاميم الجرافيكية والأفلام والأنميشن وغيرها. بمعنى أنه كل مجال من مجالات التصميم له أسسه الخاصة فيما يخص اختيار الألوان وتنسيقها.
وسوف نتطرق في هذا المقال لجميع الجوانب التي تحتاج معرفتها فيما يخص نظرية الألوان وكل ما يخص تنسيق الألوان.
ما هي نظرية الألوان؟
نظرية الألوان هي عبارة عن خلط الألوان ومزجها بين الألوان الاساسية أو الثانوية لتكوين لون معين يستخدم في التصميم أو أي مجال يختص في الألوان، فتعتبر مزيج لوني نستطيع ترجمتها في عجلة الألوان لتسهيل هذا المزيج، حيث اذا مزجنا لونين أساسيين ينتج لون ثانوي. على سبيل المثال اذا مزجنا اللون الاحمر مع اللون الأصفر ينتج لنا اللون البرتقالي الذي يعتبر لون ثانوي وهكذا باقي الألوان.
أن مفهوم نظرية الألوان مهم جداً، فإذا تطرقنا له في مجال معين من المجالات التي تدخل في الكمبيوتر فيندرج منهً مجال التعديل اللوني الذي يكون في اغلب برامج تصميم الجرافيك. على سبيل المثال التصوير الفوتوغرافي قديماً الذي كان يعتمد على كاميرات الأفلام، الان تطورت ليكون بشكل رقمي. وفيما يخص مجال التعديل اللوني فمن الممكن التلاعب بألوان الصورة وبشكل رقمي، حيث تكون كل التعديلات اللونية (من ناحية تعديل أو تصحيح لوني) بشكل رقمي (من خلال الكمبيوتر)، عكس التصوير قديماً التي كانت تقنيات التعديل اللوني تقنيات صعبة التنفيذ.
فمن المهم جداً (كفنان أو مصمم) فهم نظرية الألوان و سيكولوجية الألوان أيضاً فبعض الألوان الرئيسية تشير لمعاني عديدة مُستوحاة من الواقع ومن الطبيعة بالدرجة الأساس. فالأخضر يبعث السعادة وحب الحياة والبهجة، واللون الأزرق يشعر الإنسان بالبرودة عكس الأحمر الذي يشعر الإنسان بالدفء، بينما الأصفر يبعث النشاط في الجهاز العصبي، أما الأرجواني فيشير إلى الاستقرار وهكذا.
حيث تؤثر سيكولوجية الألوان في البشر بشكل مذهل، ومن الامثلة الواضحة على ذلك، أن في الحضارات القديمة كان هناك رمزية للالوان، فعلى سبيل المثال اللون الاصفر او الذهبي عند الفراعنة و مزج الأزرق مع الذهبي عند البابليين بينما اللون الأحمر عند الحضارة الصينية. فللألوان تأثير واضح عند الإنسان عبر التاريخ.
نظرية الألوان عبر التاريخ
إن مفهوم نظرية الألوان في العصور القديمة من نقاشات أرسطو و كلوديوس بطليموس أن بالفعل يمكن إنتاج أي لون من خلال مزج الألوان الأخرى. وتم دراسة تأثير الضوء على اللون بشكل أكبر في العصور الوسطى من قبل الكندي الى ابن الهيثم وابن سينا، الى أن وصل إلى نيوتن في القرن الثامن عشر في كتاب Opticks أو البصريات.
وهنالك كتابات لـ باتيستا ألبيرتي ودفاتر لليوناردو دا فينشي التي اضافت الكثير الى الجانب الإبداعي والفني فيما يخص أساسيات نظرية الألوان.
نماذج الألوان
تتكون نماذج الألوان من ثلاث أو أربع ألوان أساسية، وتستطيع أن تستخرج الكثير من الألوان من خلال مزج الألوان الأساسية والثانوية، لينتج لنا لون جديد. مثل دمج اللون الأصفر مع اللون الأحمر فيخرج لنا اللون البرتقالي.
وهذا ما يقودنا لموضوع الفضاء اللوني، و لتبسيط فهمه يمكنك تخيل الفضاء اللوني على أنه عبارة عن صندوق كبير يحتوي على جميع الألوان الموجودة حالياً والتي تم إنشاءها من خلال دمج الألوان الأساسية الثلاثة (الأحمر والأخضر والأزرق).
وتأتي نماذج الألوان من الفضاء اللوني، حيث يأخذ النموذج اللوني جزء من الفضاء اللوني لتكوين نموذج يستخدم في الشاشات أو المطبوعات (حسب الاستخدام).
حيث هنالك انواع عديدة من النماذج اللونية المُعتمدة حالياً مثل:
1. النموذج اللوني RGB
وهو تدرج لوني يتكون من ثلاث ألوان رئيسية (Red, Green, Blue) ويحتوي على أكثر من 16.5 مليون درجة لون وتكون مشبعة باللون الابيض ويكون مناسب للاجهزة الالكترونية كالتلفاز أو شاشات الحواسيب والهواتف الذكية ولا ينصح استخدامه في المطبوعات.
2. النموذج اللوني CMYK
وهو تدرج لوني يتكون من اربع الوان رئيسية (Cyan, Magenta, Yellow, Black). ويحتوي على مليون درجة لونية وتكون مشبعة باللون الاسود ويستخدم في الطباعة بشكل عام، ولا يصلح للاجهزة الالكترونية، أي على عكس النموذج اللوني RGB.
عجلة الألوان – Color Wheel
تتكون عجلة الألوان من ألوان رئيسية وثانوية تسهل عليك اختيار اللون المناسب لعملك حيث إن تناسق الألوان في الإستخدام والإضاءة والظلال مهمة جداً في تكوين بيئة مناسبة للون فجاءت فكرة عجلة الألوان لتبسيط هذه العملية.
وتُساعدنا عجلة الألوان في معرفة العديد من الأنماط المختلفة حول لون أو عدة ألوان، مثل:
1. ألوان متناقضة – Complementary
يعد التناقض اللوني في الصور أمر شائع ومستخدم في الكثير من الصور الفوتوغرافية ورسومات الجرافيك، حيث يولد تباين معاكس للون الأساسي المستخدم في التصميم.
2. ألوان أحادية اللون – Monochromatic
يتكون اللون الأحادي من لون واحد تستطيع إضافة تدرجين من اللون الابيض والاسود او الاثنين بنسبة معينة لتكوين لون ثاني. حيث إن هناك ألوان معينة مثل اللون الأزرق تستطيع تغميقه بشكل معين (من خلال إضافة اللون الأسود) وعلى عكسها تستطيع تفتيحه (من خلال إضافة اللون الأبيض) كلون السماء والبحر على سبيل المثال.
3. ألوان متماثلة – Analogous
توجد الألوان المتماثلة في عجلة الألوان جنباً إلى جنب، ولها تدرج معين من اللون القريب عليها حيث هناك ألوان باردة وألوان حارة، ويمكنك إستخدام الألوان المتقاربة من بعض (في عجلة الألوان) في تصميم واحد.
4. ألوان ثلاثية – Triadic
وهي عبارة عن ثلاث اللوان متوازية على عجلة الألوان حيث تكون ألوان متشابهة، فإذا تم اختيار لون غامق او فاتح سيصبح اللونين الأخرَين من نفس الدرجة اللونية. ومن الممكن أن تقوم بإدخال الألوان الأساسية في التصميم من خلال تركيب ألوان متعددة كالأحمر والأصفر والأزرق، أو الأرجواني والبرتقالي والأخضر.
5. ألوان رباعية – Tetradic
وهي عبارة عن 4 ألوان متناقضة في عجلة الألوان حيث تعتبر مزج من الطبيعة أو اللوحات الفنية والفوتوغرافية، فإذا كنت تريد أن تستخدم الألوان الرباعية في تصاميمك فمن المهم أن تختار لون أساسي بين الألوان تستند عليه باقي الألوان. ومن مميزات الالوان الرباعية أن تجمع الالوان الباردة والحارة معاً، على سبيل المثال وجود اللون الاحمر والازرق لتقوم بعمل تناقض بين اللون الاحمر (ذو النوع الحار) واللون الأزرق (ذو النوع البارد).
فما هي الألوان الدافئة والباردة؟
تنقسم عجلة الالوان الى قسمين وهي الألوان الدافئة في اللون الأحمر وتدرجاته، والألوان الباردة في الازرق وتدرجاته، حيث يمكنك ان تستخدم الألوان الدافئة والباردة معاً، وفي بعض الأحيان تتكون الألوان الدافئة من الأحمر إلى الأصفر، يقال إن هذه الألوان تجلب الدفء إلى الذهن، مثل الشمس. والألوان الدافئة هي الألوان من الأزرق إلى الأخضر والأرجواني. يقال إن هذه الألوان تجلب إلى الأذهان البرودة، مثل الماء.
حيث إن الألوان تحاكي الطبيعة بشكل كبير وهذا ما يجعل إختيارك للألوان الصحيحة يضع لمسة واقعية في العمل. حيث إن لفن محاكاة الألوان الطبيعية أساس في تكوين الكثير من التصاميم واللوحات الفنية والفوتوغرافية.
صبغة اللون Hue
صبغة اللون أو Hue هي التسمية التي تُطلق على اللون الرئيسي (اللون الصافي) من دون تغميقه أو تفتيحه. فيمكننا أن نقول أن صبغة اللون هي التسمية الأساسية للون، على سبيل المثال: الصبغة اللونية للون الأزرق الفاتح هي الأزرق.
1. درجة اللون والظلال Shade, Tint, Tone
تُعد درجة اللون والظل من العوامل الرئيسية في تصميم الجرافيك، حيث كلما تم إضافة لون أبيض إلى صبغة اللون الحالية فسيصبح فاتحاً أكثر وهو ما يسمى بالـ Tint، وكلما زاد اللون الأسود في صبغة اللون أصبح غامقاً أكثر وهذا ما يسمى بالـ Shade، وكلما زاد اللون الرمادي في صبغة اللون فسيصبح اللون باهتاً وهذا ما يُسمى بالـ Tone.
2. التشبع والإنارة Saturation and Luminance
بكل بساطة ان التشبع اللوني أو Saturation هي شدة الألوان فإذا انعدم التشبع اللوني ستكون الصورة باللون الابيض والاسود، فتستطيع أن تعزز الوان الصورة من خلال أدوات التشبع الموجودة في برامج الجرافيك.
بينما الإنارة أو Luminance هي قياس الشدة الضوئية في احد مصادر الضوء كالشمس والإضاءات التقنية المتعددة.
وأن الهدف من تطوير التشبع والانارة هي برامج تصحيح الألوان Color Correction حيث توجد الكثير من الأدوات لتصحيح الإنارة والتشبع اللوني في الصور أو الفيديوهات. فإذا كنت مصور فوتوغرافي فمن المهم أن تتعلم مجال التعديل اللوني وتصحيح الألوان ببرامج الجرافيك المتنوعة لكي تبدو صورك أكثر إحترافية.
الخاتمة
نظرية الألوان و عجلة الألوان هي من المواضيع الكبيرة للغاية في هذا المجال، والتي ترجع جذورها للأزمنة القديمة التي ناقش ودرس فيها علماء وفنانين عديدين هذه المواضيع بهدف تطويرها وتحسينها قدر المستطاع. حتى وصلت لعصرنا الحالي وتُستخدم في أغلب الجوانب من حياتنا اليومية. حيث حاولنا في هذه المقالة تغطية أغلب الجوانب المهمة والتي تحتاجها في عملك كمصمم أو فنان بصورة عامة.
هنالك العديد من التفاصيل الدقيقة والتفصيلية التي تخص هذه المواضيع، حيث لم نقم بمناقشتها كلها في هذه المقالة كون الموضوع سيبدو أكثر صعوبة، حيث يدخل في هذه المواضيع معادلات رياضية (فيما يخص نظرية الألوان و عجلة الألوان) ودراسات علمية (فيما يخص مجال سيكولوجية الألوان). فسوف نترك لك حرية البحث عن هذه المواضيع في حال كنت ترغب الإبحار في أعماق هذا المجال.