التذوق الجمالي في الصورة
::::::::::::::::::::::::::::::::::: (06)
___________________________
التذوق هو الشعور بالجمال، وهو التعرف على الصورة الجمالية من جهة محايدة ومتجردة. وقد عرّف “أديسون” التذوق taste بأنه: “ملكة الروح التي تنتبه إلى مظاهر الجمال، فتستشعر البهجة بمشاهدته، وتنتبه إلى علامات النقص فيه، فتنفر منه ” .
وإدراك الصورة الجميلة ليس بالمشكلة الكبيرة، وباستطاعة كل الناس أن تتعلمه، ولكن يتفاوت الناس في عملية إدراك الجمال، فكل فرد يرى حسب طريقته الخاصة بحسب تجربته وسلامة حواسه.
ويشير كانط kant في حكم التذوق الجمالي إلى أنه ليس من الممكن وضع قاعدة بموجبها يستطيع المرء أن يتعرف على كل شيء جميل، ولهذا فإن الحكم على الجمال حكم ذاتي، وهو يتغير من شخص إلى آخر.
ويرى “أديسون” أن التذوق على الرغم من أنه فطري في جانب منه، فإنه قابل للتثقيف والتهذيب.
يقول فولتير: “لا يكفي أن ندرك جمال العمل ونتعرف عليه، بل يجب أن نحس بهذا الجمال، ونتأثر به، ويجب أن نتبين كافة عناصره”. وعليه فيجب أن نتجنب التوتر في الصورة وأن نعمل من أجل تناسق عناصرها وأشكالها .
ومتذوقو الصورة يمكن تقسيمهم إلى ثلاث شخصيات:
*********
المصور المتذوق :
************ وهو المصور الذي يمتلك الموهبة والخبرة وقوة الملاحظة والتركيز، فيستطيع بها أن يبدع ويبتكر تبعاً لظروفه وأسلوبه الذي يميل إليه.
ويتجلى دور المصور المتذوق في ما يلي:
-أن يظهر المصور أعماله الجمالية والفنية بأسلوب متميز، وشخصية منفردة، وأن تكون أعماله تخلو من صفة التقليد أو التشابه مع أي عمل لمصور آخر، ولا بأس بفكرة مقتبسة بشرط أن تخضع للتطوير والابتكار .
-أن يعبر المصور في أعماله بأسلوب عصره ومجتمعه، وأن يكون إيجابي النظرة، ملتزماً بقضايا أمته وهموم عصره وكافة الظروف المحيطة به.
-أن يتحلى المصور بنظرة شمولية ورؤية عميقة، فهذا الأمر يزيد من قيمة أعمال المصور، فالنظرة الشاملة توسع مدارك المصور وتجعله عميق الدلالة في أعماله.
-أن يوافي المشاهد والناقد بالصورة الجمالية مصحوبة بتفاصيلها الزمانية والمكانية، وبياناتها الخاصة .
*************
المشاهد المتذوق :
************* وهو الذي يتعاطف مع العمل الجمالي أو لا يتعاطف، تبعاً لاستجابته الجمالية، وليس ضرورياً أن يكون المتذوق مصوراً، لكن من المهم هنا أن يرتقي المشاهد بتذوقه الجمالي ومستواه البصري، وذلك عن طريق تتبع النواحي الجمالية في الصورة، فيعايش الصورة، ويستمتع بها، ولكي نصل إلى مستوى طيب في عملية التذوق يجب أن يوجد لغة تفاهم ثقافية مشتركة يعرف فيها ثقافة المصور والمشاهد والناقد، حتى يحكم فيعدل.
************
الناقد المتذوق:
************ وهو الشخص الذي يمتلك ثقافة جمالية وفنية عالية، ويكون على دراية بعلوم الجمال المعروفة، ويمتلك قدرة تذوقية متميزة، وهو يحلل ويوصف العمل الجمالي، ويكشف للمصور والمشاهد ما في هذا العمل من إيجابيات وسلبيات، حتى يقوي لديهم الإحساس الفني، وهو يحاول بموهبته وبصره وبصيرته أن يترجم جمال الصورة على ضوء دراسته وخبرته ومكتسباته الثقافية وغير ذلك، وينبغي أن يملك قدرة على الإقناع وبيان الأدلة، ويكون حيادياً وموضوعياً في حكمه.
وللناقد المتذوق عين فاحصة تكشف النقاب عن الصورة الجميلة، وترشد المصور إلى القيم الصادقة فيها، وهنا تنضج القدرات الذوقية للمصور والمشاهد، وتنضج استجابتهم للأعمال الجمالية والفنية بصورة أفضل وأوضح، فيكتسبون سلوكيات جمالية تؤثر في حياتهم وقيمهم ومشاعرهم ومبادئهم.