نصائح للمصورين الصحفيين لالتقاط صور مهمة في المواجهات المباشرة
في ظل تصاعد وتيرة الصراع في الأراضي الفلسطينية، وعدم احترام مهمة الصحافة الأساسية ألا وهي نقل الحقائق للجمهور، تعرض العديد من الصحفيين للاستهداف في المواجهات المباشرة لطرفي الصراع، ففي غزة تُشير آخر الإحصائيات إلى قتيلين و365 إصابة من الصحفيين، منذ 30/3/2018 وحتى 14/5/2019 على الحدود الشرقية لقطاع غزة فقط.
لذا تبقى مهمة الصحفيين في أماكن النزاع مهمة خطيرة للغاية، على الرغم من القوانين والاتفاقيات الدولية التي تنص على احترام مهمتهم والحفاظ عليهم، وعدم اعتبارهم طرف ضد الآخر، “وأنه على الدول الأطراف العمل على إيجاد الظروف من أجل الممارسة الفعلية لذلك، وأنّها تضع في اعتبارها أن هذا الحق هو شرط أساسيّ لتقدّم ونمو مجتمع ديمقراطي محكم، وبسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، كذلك شددت الاتفاقية على الدول الأطراف أن تشدد على الالتزام بموجب القانون الإنساني الدولي، الذي أعيد تأكيده في قرار مجلس الأمن 1738 (2006)”*.
(* سلامة الصحفيين شبه مفقودة).
قابلنا من شبكة الصحفيين الدوليين المصور الصحفي محمد البابا، والذي يعمل في وكالة الأنباء الفرنسية، والحائز على العديد من الجوائز الدولية في التصوير الفوتوغرافي.
تحدث البابا حول مدى صعوبة التقاط الصورة في تغطية المواجهات المباشرة وقال: “لا يخضع التصوير في المناطق الساخنة كمنطقة الحدود في قطاع غزة لأي قانون، بحيث لا توجد أذونات أو تصريحات للتصوير بمعنى أنك تعمل وفق الممكن والاجتهادات الشخصية، على عكس الضفة الغربية من فلسطين حيث أنه بمجرد امتلاكك للبطاقة الصحفية يمكنك التصوير والعمل بحرية وسلامة، على الرغم من صعوبة الوضع في كلا المنطقتين، لذا في غزة الوضع أصعب وأعقد، فطبيعة المكان هي التي تحدد مدى الخطورة”.
أهمية تغطية هذه الأحداث
يؤكد البابا أهمية تغطية المواجهات المباشرة، بقوله: “في العمل الصحفي وبالرغم من خطورة الأماكن الساخنة إلا أنك لا تملك خيار عدم التغطية، لأنك بالنهاية أنت موظف ومهمتك الأساسية هي تغطية الأحداث المهمة لنقل الحقائق للجمهور في كل بقاع العالم؛ للتأثير في الرأي العام وربما تغييره في أحيان كثيرة، وكما هو معروف عنها فهي مهنة المخاطر والمتاعب، وبالتالي طبيعي جداً مواجهة المخاطر، ولكن كيفية الحفاظ على نفسك هو الأهم”.
يُتابع البابا: “من حُسن حظي أنني أعمل في مؤسسة تحترم الصحفي ووظيفته، وتقوم بتوفير كافة احتياطات الأمن والسلامة لجميع الموظفين فيها، وكذلك تقوم بعمل دورات بصورة مستمرة ومُحدَّثة تُحاكي الواقع ومستجداته في العمل الميداني”. ولفت البابا إلى أن هناك العديد من المؤسسات الصحفية الأخرى لا توفر معدات الأمن والسلامة لموظفيها، وكأنها أمور ثانوية غير مهمة، وهذه بحد ذاتها إهانة لكرامة وقيمة الإنسان.
احتياطات الأمن والسلامة ليست كافية
فعلى الرغم من أخذه لاحتياطات الأمن والسلامة المهنية وارتداءه للسترة الواقية التي تحمل إشارة “press”، إلا أن الصحفي البابا قد تعرض للإصابة العام الماضي أثناء تغطيته للمواجهات المباشرة على الحدود لغزة، يُوضح البابا: “أُصبت في ساقي، في المنطقة الأضعف من الجسد “بدون حماية”، وهذا ما ندعوه بالاستهداف لأنه مُتعمد وليس عن طريق الخطأ.
لذا ما نفتقده كصحفيين في غزة هو وجود قوة رادعة وحامية لنا في ظل كل هذا العنف الذي نشهده أثناء عملنا، وهذه مسؤولية مشتركة بين عدة جهات: الصحفيون والمؤسسات الصحفية، الحكومة، وكذلك نقابة الصحفيين”. ويُضيف:” قامت وكالة الأنباء الفرنسية بعدة إجراءات إصابتي، ما نتمناه أيضاً من المؤسسات الصحفية الأخرى سواء المحلية أو الدولية بفعله تجاه الصحفيين المصابين بغزة، فهي أقل الحقوق. وهذه الإجراءات تمثلت بالتالي:
1. فتح تأمين شخصي مباشر للعلاج من البداية وحتى الشفاء
2. قيام المؤسسة بتعميم احتياطات أمنية أكبر، كالرجوع مسافة أكبر من المواجهات، وتقليص مدة العمل للحد الأدنى
3. إجازة من العمل براتب طول فترة العلاج
4. اهتمامهم بتلقي الجانب النفسي من العلاج أيضاً؛ ما بعد الإصابة”.
نصائح للمصورين الصحفيين
ويختم البابا قوله بعدة نصائح من واقع تجربته الشخصية في العمل الميداني، للمصورين الصحفيين لحماية أنفسهم في أماكن الصراع المباشرة:
أهم مبدأ في التصوير الصحفي أنه (لا تُوجد صورة تُساوي حياتك)، يجب أن تقوم بتحقيق توازن ما بين الحفاظ على حياتك وأداء مهمتك، وذلك يتحقق بقياس الأمور جيداً.
التخطيط المسبق لمهمتك ودراسة المنطقة الجغرافية الذاهب لها، وتبليغ الجهة التي تعمل بها عن جميع تحركاتك.
استخدام معدات للتصوير تفي بالغرض عن بُعد كعدسات التكبير ذات الجودة العالية، وذلك ليُجنبك التقدم إلى الصفوف الأُولى للتغطية.
4. عدم التواجد في مكان واحد باستمرار، حتى لا يُصبح وجهك معروفاً لدى طرفي الصراع وبالتالي احتمالية استهدافك تُصبح أعلى.
4. الحركة أثناء العمل، أي لا تقف في مكان بعينه، ولكن تجنب أن تكون ضمن المُتظاهرين، أو خلف أي شيء لا يُظهر إشارة الـ”Press” التي ترتديها.
5. استخدام وسائل السلامة المهنية، وفي حال عدم توفير المؤسسة التي تعمل بها لها، عليك بالسعي للمُطالبة بها وعدم التهاون بحياتك، لذا من المهم أيضاً؛ معرفتك بحقوقك المهنية والقانونية.
6. حاول إنجاز عملك بسرعة، وتجهز دائماً للهرب في حال وجود خطر عليك، كإلقاء قنابل الغاز.
7.تابع تطورات التصوير الصحفي فكل يوم هناك جديد، لتقليل الوقت والجهد، مثلاً: بإمكانك إرسال الصور من خلال هاتفك الذكي من الحدث نفسه.
8. اعتلاء مكان عالٍ “إن توفر” يكشف لك طرفي الصراع والحدث بسهولة وأمان أكثر لك.
9. عدم استخدام العدسات اللاصقة واستبدالها بنظارة طبية، وذلك لضرر الغاز عليها.
10. إن لم توفر لك مؤسستك دورة للإسعافات الأولية، احصل عليها بنفسك، واجعل حقيبة الإسعافات الأولية مرافقة لك في العمل الميداني.
11. كن موضوعيًا ومحايدًا، واجعل صورك تتحدث بدلا عنك.
مواضيع ذات صلة، من المهم معرفتك وقراءتك لها:
الاتفاقية الدولية الخاصة بسلامة الصحفيين والعاملين الإعلاميين واستقلاليتهم
خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب خطة عمل الأمم المتحدة
كيف يحمي القانون الدولي الإنساني الصحفيين في حالات النزاع المسلح؟
ما دور التصوير الصحفي في بناء السلام داخل مناطق الصراع؟
الصور المرفقة في المقال للمصور الصحفي محمد البابا.