بدأ عشقي للحياة البرية منذ الصغر من خلال متابعتي لبرامج الحياة البرية الافريقية الوثائقية. ولطالما كان يشدني الأسد وتثير فضولي. ومع مرور السنوات وحبي لهواية التصوير قررت أن أجمع بين العشقين، وخططت لزيارة القارة الإفريقية للمرة الأولى خلال كأس العالم ٢٠١٠. بداية كان الخوف هو سيد الموقف كالكثيرين الذين لم يذهبوا إلى افريقيا ولكني اكتشفت ان المخاوف مبالغ فيها بل العكس الناس طيبون وعفويون جداً. ذهبت إلى محمية (سابي ساند) التي تتميز بتواجد أكبر عدد من حيوانات الفهد leopard في العالم، وكانت فرصة قوية بالنسبة لي أن تكون بدايتي بتوثيق هذا الحيوان. وفي ٢٠١١ رجعت للمحمية وتواصلت مع أحد المرشدين الذي أسداني الكثير من النصائح المهمة. وللمرة الرابعة خلال سنتين رجعت لنفس المحمية ونصحني بالتوجه إلى محمية ماساي مارا في كينيا وفي الأشهر (يوليو – اغسطس – سبتمبر) تحدث في تلك المحمية ظاهرة هجرة جواميس النو باعداد تقارب المليونين. رأيتها بشكل مستمر وكثيف وهي تعبر نهر المارا في منظر مهول جداً عند اضطرارها لقطع النهر للبحث عن أماكن أفضل لترعى فيها، مرورها بذلك النهر بشكل متقطع وبأعداد متفاوتة ولكن في آخر يوم رأيت ما يقارب المائة ألف جاموس تعبر النهر أمامي بشكل مستمر في منظر مهول لمدة أربع ساعات. تعتبر محمية ماساي مارا ذات ذات طبيعة خلابة وسهول مترامية الأطراف بها أنواع كثيرة من الحيوانات كالفيلة والزرافات وغيرها الكثير. رأيت وللمرة الأولى الفهد الصياد Cheetah وخلال مراقبتي له على مدى ثلاثة أيام رأيته يصطاد أمام عيني ثلاث مرات. عشقت المكان من أول نظرة لكثرة تواجد الحيوانات ولطبيعة التضاريس ويعتبر أفضل من محمية سابي ساند في جنوب أفريقيا الشبيهة بالغابة ذات الاشجار الكثيفة.
وتوالت الرحلات بشكل دوري تطور فيها إنتاجي الفوتوغرافي بسبب الخبرة في الأماكن والتوقيت والبحث عن فرص أكبر مع الوقت الكافي لتوثيق هجرة جواميس النو بشكل مكثف؛ ولقضاء وقت أطول لمراقبة تصرفات العديد من الحيوانات. الرحلة الأخيرة كانت هذه السنة في شهر يناير ٢٠١٥ ذهبت لمحمية ماساي مارا لمدة أسبوع ذهلت وللمرة الأولى برؤية اكثر عدد من الأسود لم أر مثله من قبل وفي خلال خمسة أيام رأيت ما يقارب الأربعين أسداً متفرقين في مجموعات مختلفة في المحمية بشكل كامل.
نصائح مهمة للراغبين في تصوير الرحلات البرية الأفريقية:
١- تكاليف تلك الرحلات تتضمن حجوزات شاملة طيران داخلي “لمن لا يرغب في البر” ما بين العواصم والمحميات + تذاكر دخول المحمية “في ماساي مارا “٩٠ دولارا للشخص في اليوم شاملة الوجبات والتنقلات بسيارات الدفع الرباعي المخصصة لتلك المناطق. والتكلفة النهائية تعتمد على مستوى المكان الذي تود الإقامة فيه. وبالنسبة للمخيمات فهي محمية بأسلاك كهربائية تجنباً لدخول الحيوانات المفترسة.
٢- لا تتواجد أي أمراض معدية أو خطيرة كما يُعتقد، مرض الايبولا بعيد عن كينيا وجنوب افريقيا وكل ما أحرص على أخذه معي هو بخاخ للبعوض.
٣- نصيحتي الأكثر تكراراً هي الصبر، دائماً أركز على هذه النقطه البسيطة والتي قد تشكل فارقاً كبيراً بخاصة عند مراقبة أي حيوان لاقتناص الفرص النادرة التي تميز المصور عن غيره.
٤- لابد من التركيز على الضوء والحذر في التعامل معه واستغلاله لجمالية الصور، أحياناً قد لا يكون عامل الحظ مع المصور لوجود غيوم كثيفة مثلاً تحجب الضوء ولكن لا يمتنع عن التصوير ويستغل انبثاق الضوء بين الغيوم أو خلال هطول الأمطار للحصول على بعض الصور الدرامية.
٤- حيواني المفضل دائماً هو ملك الغابة الأسد، مراقبة تصرفاته وتوثيق حياته الاجتماعية بالغة التعقيد، شيء لا أستطيع وصفه بالكلمات، فبالرغم من القسوة وصعوبة العيش بين الأسود ولكنها حيوانات ذكية ذات ترابط اجتماعي كبير وذات عواطف كبيرة تظهر لمن يراقبها بشكل مكثف ويعرفها عن قرب.
٥- للمصورين، عدتك التي تملكها الآن هي الأنسب لقرارك إن أحببت الذهاب إلى افريقيا، الكثير يتعذر بعدم امتلاكه لعدسات زوم او عدسات ذات بعد بؤري كبير المكلفة ولكن لا يجب ان يعيقك فالاستمتاع بالتجربة يكفي بحد ذاته.
٦- الحصول على تأشيرة دخول لكينيا ٥٠ دولارا لمدة ٣ أشهر من المطار؛ بينما تأشيرة الدخول لجنوب افريقيا تتطلب التقديم على طلب مسبق والحصول عليها قبل السفر.
لقطة فنية لجواميس النو باستخدام سرعة غالق بطيئة