إن المتتبع للساحة العربية يرى أن الفن وأهله باتوا غرباء في وسط الضوضاء والتشويه الذي يتسبب به البعض بقصد او بدون قصد وذلك بإغراق الساحة الفنية بأعمال كالسيل العرم الذي لايبقي ولا يذر وبشكل غير حضاري و بات الكثير يهتم بالكم لا بالكيف من خلال نشر أعمال غير مدروسة فنيا بمعنى أنه قد غاب عنها الكثير من اركان وعناصر البناء.
إن الإحساس الوجداني و الإدراك الحسي لدى الفنان لاياتي بكثرة نشر الاعمال وانما بالمطالعة و التأمل في الأعمال الراقية و التي بدورها ستجعله يركز على اعماله قبل نشرها و تعمل له فرملة حسية ( ذوقية ) والتي تغيب عن الكثير اليوم و لتقريب الفكرة هنا، هل يستوي مبدع يحدد ما يريد قوله باتزان وبتأني ويقف بين الحين والآخر للاستماع لمن حوله ويأخذ بما يقوًم فكره مع شخص كثير الحديث صام اذنيه
وعينيه !! ولابد من ذكر بأن العلاقات الشخصية أصبحت هي المقياس الفني وعليها يقاس مستوى الفنان وأعماله من غيره و باتت المجاملات في النقد سببا رئيسيا لنسف الفن واقتلاعه من جذوره واصبحنا نرى حدائق الفن بكل انواعها ذاوية شاحبه قد هجرها اهلها الذين وقفوا بعيدا ينتظرون وقوف هذا العبث المستمر.
جميعنا يعلم بأن العمل الفني له خصائص بناء وعليها يقاس كترابط عناصره وتوازن الالوان وايقاع الحركة ولا اعني الحركة بمفهومها الميكانيكي بل بتحرك ايقاع الالوان وانسجامها مع عناصر العمل ولا انسى هنا الوحدة ومركز السيادة و غيرها من الخصائص والمكونات التي تجذب الناس لرؤيتها و الوقوف لتأملها ليس من منظور جمالي ابداعي فقط وانما للانطباع العام للعمل الذي بدوره يحاكي وجدان المتلقي ويثير عنده تساؤلات وعواطف إنسانية. وهنا مناشدة لعلها تصل بأن تراعى ان لم تكن جميع خصائص ومقومات العمل الفني، في الحد الادنى ما تيسر منها بناء على ما يحمله فكر الفنان من وعي و رؤية ترتقي بأعماله وان لا يستوحش الطريق ان لم يجد من يسانده ويشجعه فليس كل من صفق له ناجح وعلى طريق الصواب وعليك ايها الفنان ان تؤمن بما لديك وتعمل على تحسينه وتطويره
وكلمة أخيره الى اساتذة الفن الكبار ولا اعني هنا ذوي الشيب فقط فالفن لا يعرف ويقاس به وإن كان هو أحد جوانب تراكم الخبرات، لا تقفوا مكتوفي الايدي بل ازرعوا و اسقوا غرسكم من عرقكم وإن لم تكن الأرض هي ذات الارض التي عرفتموها، ابحثوا عن اراض اخرى ولا تحرمونا من حصادكم الذي يغذينا.
دمتم بخير
فاضل المتغوي
23 أغسطس 2020م
مملكة البحرين