بدأ محمد شمس الدين التشكيل مع الحرب اللبنانية، حيث كان يعمل في مطبعة، واكتشف أن هنالك معهدا للفنون، وكانت الفرصة مناسبة لإجراء اختبار والتحق به قبل أن ينتقل إلى مدرسة الفنون الزخرفية في باريس(البا هاوس).
وتخصص في الفنون الجدارية، وكان ميله للهندسة والرياضيات محرضا مهما لخوض غمار تجربة فنية مختلفة، احتفى خلالها باللون والحرف في آن، حيث تمثل تجربة الجمع بين دانتي وابوالعلاء المعري مرحلة مهمة في مسيرته التي تحدث عنها خلال لقائه بـ إرم نيوز.
قال الفنان شمس الدين ان العلاقة بين علمين مهمين مثل المعري ودانتي، هي العلاقة بين رسالة الغفران والكوميديا حيث تتجلى الرحلة التجريدية بين الجحيم والفردوس.
وأكمل شمس الدين ”ما أهمني فيها هو الخوف مما وراء الطبيعة حيث تتداخل المعاني لتشكل فضاء آخر متخيلا عن العالم الآخر، بين الألم والعذاب في الجحيم، والرحلة في المنطقة الرمادية، حيث السكون والانتظار قبل الوصول إلى الفردوس .
وعن خياله الفني في هذه الرحلة الممتعة على خطى المعري ودانتي يقول شمس الدين “ فتحت نافذة مكتوب عليها بعض نصوص أبي العلاء والفراغ الذي يصوره دانتي عن الفردوس، فكانت أكثر اللوحات تعتمد على الشكل المربع، واستعملت الألوان المائية الممتدة على مساحة كبيرة، وهذا عمل صعب فيه الكثير من التحدي والإصرار على الولوج إلى عوالم مختلفة يقول فيها المعري :“ صحيح أنني لم أرَ الأرض، ولكنني كفايتي في الأعالي “ ويقول دانتي في نفس السياق:“ألم تقرأ أقرانك الذين وصفوا الجنة بأسلوب متخيل رائع ، حيث كتب أحدهم على ما أذكر في مقطع جنتيعن القدرة الالهية ”.
وعن الساحة التشكيلية اللبنانية وحضورها عربيا ودوليا أكد شمس الدين لـ إرم نيوز:
يعتبر الفن التشكيلي في لبنان من البدايات الفنية العربية، حيث تأثر بالفن الفرنسي عموما، والفن الحديث، وكانت بيروت قبل الحرب الأهلية المركز الحيوي لعرض الأعمال العالمية والعربية في أروقتها.
وكانت السوق الخليجية تمثل الرواج الأكبر للأعمال الفنية اللبنانية، إضافة إلى ذلك فان هنالك مجموعة هامة من جامعي اللوحات اللبنانيين الذين ساهموا في حفظ التراث التشكيلي، وكانت العلاقة بين بغداد وبيروت تسهم مساهمة فعالة في إثراء المشهدية التشكيلية.
لبنان لا توجد بها المؤسسات الكبرى، لذلك كانت اللوحة عادة صغيرة الحجم، وهذا ما ميزها عن غيرها، في حين كانت اللوحة العراقية كبيرة الحجم لأن الدولة كانت تقتني الجاريات للمؤسسات، وهذا ما ساعد على رواج هذه الأشكال الفنية.
الحروب المتكررة في لبنان كان لها تأثير سلبي رغم تنوع وتعدد التجارب لفنانين شبان بحسب شمس الدين خاصة الذين يعملون بشكل ذاتي ولا رعاية رسمية لهم.
وعن سؤالنا كيف تقرأ الساحة الفنية العربية اليوم، أكد شمس الدين أنه خلال الحرب الأهلية كانت أكثر المعارض من المنظومة الاشتراكية، أما بعد فقد انفتح اللبنانيون على المشهد التشكيلي العربي، والذي تطور خلال هذه المرحلة بشكل ملفت للانتباه نظرا لخروجه من محليته الضيقة، فكان الفن في مصر وسوريا والأردن قد قطع أشواطا مهمة، وهذا ينطبق بعد ذلك على الخليج العربي في السنوات الأخيرة حيث شهد طفرة غير مسبوقة في هذا الإطار .
وخلص الفنان اللبناني إلى القول إن الواقع العربي بما فيه من تأزم وما تتقاطعه من دموية سينعكس سلبا على الفنانين العرب، ولكن المخاض سيأتي لاحقا.