بيروت – إفتتح “بنك بيبلوس” في مقرّه الرئيسي في الأشرفية معرضاً للمصوّر الإيطالي نينو ميليوري، يضم 100 صورة لهذا الفنان البالغ الثامنة والثمانين، والذي يعتبر أحد أهم المصورين الفوتوغرافيين العالميين.
وهذا المعرض الذي افتتح بحضور ميليوري، هو باكورة سلسلة أنشطة تقام ما بين 16 كانون الثاني و15 شباط 2014 في عدد من الصالات والمعارض في بيروت ضمن إطار النسخة اللبنانية من مهرجان التصوير الفوتوغرافي المتوسطي Photomed . وتقام أنشطة Photomed في لبنان بدعم من “بنك بيبلوس” ومؤسسات أخرى، علماً أن المهرجان الفرنسي كان اختار لبنان هذه السنة ليكون “ضيف الشرف” في دورته الثالثة التي أقيمت في منطقة “ساناري سور مير” الفرنسية.
وقال ميليوري إنه كان لبّى دعوة منظمي Photomed لعرض مجموعة مختارة من أعماله في المهرجان الذي أقيم في فرنسا في أيار 2013، ووصف هذه المشاركة بأنها كانت “تجربة رائعة جداً، إن على المستوى الثقافي أو على المستوى الإنساني”.
وأشار ميليوري إلى أن اختيار لبنان ضيف شرف المهرجان هذه السنة، أتاح له “التعرف من كثب وبالتفصيل على أعمال مصورين معروفين وذوي خبرة، وكذلك على نتاج الجيل الجديد من المصورين اللبنانيين”، واصفاً أعمال هؤلاء بأنها “غنية ومنوّعة وتنمّ عن حسّ مرهف وكثير من الابتكار”.
وأضاف: “لقد سنحت لي خلال المهرجان فرصة التواصل المباشر مع هؤلاء الفنانين اللبنانيين، وتبادل الأفكار والأحاسيس الفنية معهم بطريقة عفوية”.
وإذ شكر ميليوري منظمي Photomed وكل فريق بنك بيبلوس الذي عمل على معرضه في لبنان، قال: “لقد فرحت وتحمست كثيراً عندما تلقيت الدعوة للمشاركة في نسخة Photomed اللبنانية، إذ يسرني أن ألتقي في بيروت فنانين تجمعني بهم أفكار مشتركة، وأن أطّلع مباشرة، وللمرة الأولى، على الواقع اللبناني الغني جداً بالتاريخ”.
أما السيدة ندى الطويل، مديرة مديرية الإعلام في مجموعة بنك بيبلوس، فلاحظت أن أعمال الفنان “هي أشبه بدعوة للدخول إلى عالم خاص من الصدق والبساطة والدقة والخفة والحسّ المرهف”. وأضافت “عندما نستعرض صوره، يخيّل إلينا وكأن الشمس تداعب بشرتنا، أو كأننا نسمع ضحكات الأطفال أو صوت موسيقى الأكورديون. ولشدة ما ننغمس في صوره، نكتشف قيمتها ونقدّر أهميتها الفنية”.
أمّا جان-لوك مونتيروسو، المدير الفني لـ Photomed، فأشار إلى أن “الصور التي أخذها نينو ميليوري على مدى 50 عاماً احتلت دائماً موقعاً مميزاً في المعارض التي قدمها المهرجان منذ 2011. وقال “إن Photomed يتيح الفرصة لاكتشاف مواهب جديدة وإلقاء نظرة جديدة على أعمال المصورين المتوسطيين الكبار في إطار محبب ومفتوح للجمهور”. وأَضاف “لقد شرّفنا بنك بيبلوس باستضافة معرض ميليوري الذي أراد دوماً اتباع أساليب متعددة في مجال ابتكار الصورة والذي ما برح يفاجئنا بطاقته وروحه الشابة”.
وتنتمي أعمال نينو ميليوري إلى خط “الواقعية الجديدة” في التصوير الفوتوغرافي، الذي ظهر في إيطاليا في منتصف الحرب العالمية الثانية، وتأثر بشكل كبير بالتصوير الصحافي. وقد سعى المصوّرون المصنّفون ضمن هذه الحركة الفنية في تلك الحقبة كما نينو ميليوري، إلى أن يوقظوا بعدساتهم الضمير الاجتماعي للمواطنين إزاء الواقع الذي أوجدته الحرب.
وقالت الطويل في هذا الصدد: “لقد اتسم هذا الخط في التصوير بأنه مباشر، من دون إخراج، وكان يرمز إلى الحياة اليومية خلال الحرب. كان بمنزلة وصف للواقع كما كان، من دون التعتيم على الوضع السياسي في ذلك الوقت، مثل تأثيرات الفاشية والنازية”. ولاحظت أن أعمال المصوّرين الذين يمثلون “الواقعية الجديدة” كانت “تضع الإصبع على جرح المشاكل الاقتصادية والظلم الاجتماعي، من دون الوقوع في الرؤية المتشائمة”، مشيرة إلى أن “هذا الاتجاه امتد زمنياً حتى الستينات من القرن المنصرم، ونجده أيضاً في الأعمال الأدبية كما في الأفلام السينمائية”.
وقد بدأ ميليوري بالتصوير في العام 1948، وركّز في صوره على لحظات الحياة اليومية، وتميّز بأسلوبه الوثائقي الصرف. ومن أبرز أعماله، مجموعته التي تحمل عنوان “جدران”.
وتشكل أعمال ميليوري بواسطة تقنية الصور الفورية “بولارويد” جزءاً أساسياً من محفظته الفنية وخصوصاً منذ ثمانينات القرن الفائت. فبواسطة “بولارويد”، كان يستكشف قدرته على ترك بصمته الخاصة على ورقة التصوير خلال فترة التظهير القصيرة. وفي المرحلة عينها، بدأ ميليوري ينجز تجهيزات أدائية.
تجدر الإشارة إلى أن بنك بيبلوس يدعم مجموعة واسعة من الأنشطة الفنية، وخصوصاً في مجال التصوير الفوتوغرافي، وهو يعتبر اليوم من أبرز الجهات المشجعة لفن التصوير في لبنان. وقد أطلق المصرف في العام 2012 جائزة بنك بيبلوس للتصوير الفوتوغرافي بالتعاون مع معرض بيروت للفنون. وسيتولى المصرف تنظيم أول معرض لأعمال الفائز بجائزة العام 2013 غالب كبابة في مقره في الأشرفية في أوائل نيسان المقبل، وكذلك إصدار أول كتيّب يعرّف بأعماله. ويحصل الفائز حالياً على الرعاية والتوجيه من أهم خبراء التصوير المحترفين خلال مرحلة التحضير لمعرضه الذي سيشكل انطلاقة قوية له في عالم التصوير المحترف”.
ويستمر معرض نينو ميليوري في مقر “بنك بيبلوس” في الأشرفية حتى 15 شباط المقبل، ويفتح أبوابه يومياً في بحر الأسبوع بين الرابعة عصراً والثامنة مساء، وفي عطلة نهاية الأسبوع بين العاشرة صباحاً والثالثة من بعد الظهر.
ذاكرة إيطاليا موثّقة بعدسة «الواقعية»
لا اختلاف جوهرياً بين الشخصيات الإيطالية التي تسكن الصور، وبين اللبنانيين. يتقاسمون الملامح، النظرات، الابتسامات، الدهشة… حتى سلوك الحياة الذي كان رائجاً في خمسينات القرن الماضي. القواسم المشتركة، تُسقط الذاكرة الشــخصية، على صورة الجماعة في دول حوض البحر المتوسط. يتماهى المشاهدون بها، مع فارق بسيط أن الصورة الأوروبية في ذلك العصر، كانت أكثر «واقعية»، فيما كانت الصورة اللبنانية أو السورية والفلسطينية في الخمسينات، لا تزال محصورة بالـ «بورتريه».
100 صورة فوتوغرافية، توثق الحياة الاجتماعية العفوية في أوروبا، عُرضت في الطابق الأرضي من مبنى بنك «بيبلوس» في الأشرفية، بيروت. التقط المصور الإيطالي الثمانيني نينو ميليوري كل تلك الصور في الخمسينات، وعرضها في فرنسا في العام 2013، قبل أن يلبي دعوة «مهرجان التصوير الفوتوغرافي المتوسطي Photomed» لعرضها في بيروت.
تتشابه الصور بلونها الأبيض والأسود، وفي قدرتها على توثيق حالة اجتماعية لنمط حياة ساكن طغى على سكان أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. لكنه لم يمح نظرات الوجوه والدهشة في سكان الصور. دهشة تمتد من ويلات الحرب، وشخصيات تأخذ قسطاً من الراحة، وتتنفس الصعداء، بعد النجاة من الاقتتال.
والمعرض الذي افتتح مساء أول من أمس بحضور ميليوري البالغ من العمر 88 سنة، هو باكورة سلســـلة أنشطة تقام بين 16 كانون الثاني (يناير) و15 شباط (فبراير) المقبل، في عدد من صالات بيروت، ضمن إطار النسخة اللبنانية من Photomed الذي تقام أنشطته في لبنان بدعم من مصرف «بيبلوس» ومؤسسات أخرى.
أربع صور مختلفة لثلاث نساء يتسامرن على مقعد. الكادر نفسه، والخلفية نفسها، لكن أدوار النساء في الحديث تتبدّل. تتحدث امرأة على اليمين، تليها في الصورة التالية أخرى في الوسط. ويأتي دور الثالثة في الحديث، قبل أن تلتفت الثلاث في الصورة الرابعة إلى المصوّر. هي تجسيد لحياة طبيعية تمارسها نساء متوسطيات في جلساتهن، التقطت بعفوية، بما ينسجم مع خط التصوير «الواقعي» الذي ظهر في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وكان ميليوري بدأ التصوير في العام 1948 وركز في صوره على لحظات الحياة اليومية، وتميز بأسلوبه الوثائقي الصرف، ابرزها مجموعته «جدران».
ويعرف أسلوب التصوير «الواقعي» بأنه يتماهى بالحالات المجتمعية، وينسجم مع الحراكين الاجتماعي والاقتصادي، وينقل تحولهما، من غير «الوقوع في الرؤية المتشائمة».
وتقول ندى الطويل، من الجهة المنظمة للمعرض: «اتسم هذا الخط في التصوير بأنه مباشر، من دون إخراج، وكان يرمز الى الحياة اليومية خلال الحرب. كان بمنزلة وصف للواقع كما كان، من دون التعتيم على الوضع السياسي في ذلك الوقت، مثل تأثيرات الفاشية والنازية».
وتنتمي أعمال ميليوري الى خط «الواقعية الجديدة» في التصوير الفوتوغرافي، الذي ظهر في إيطاليا في منتصف الحرب العالمية الثانية، وتأثر بشكل كبير بالتصوير الصحافي.
وسعى المصورون المصنفون ضمن هذه الحركة الفنية في تلك الحقبة، كما ميليوري، الى أن يوقظوا بعدساتهم الضمير الاجتماعي للمواطنين إزاء الواقع الذي أوجدته الحرب. وامتد هذا الاتجاه زمنياً حتى الستينات من القرن العشرين.
ويمتاز المعرض بصوره الخارجة من الحرب ومآسيها. الصورة الأبرز، تعود لرجل يقفز في الماء عابراً فوق آخر. لا تعتبر هذه الصورة، الآن، جديدة، غير أن الحركة فيها، في الخمسينات، تؤكد أن الصور التقطت بعدسة مصور مبدع، أتقن لعبة الإضاءة والسرعة في التصوير، لإظهار الكادر متحركاً وواضحاً.