كان التاريخ هو الذي يفصلني عن كثير من هذه الصور , اليس التاريخ ببساطة هو ذلك الزمن الذي لم نكن قد ولدنا به ؟
طالعت عدم وجودي في تلك الصور , من ملابس أمي التي كانت ترتديها قبل أن أستطيع تذكرها . هناك دهشة مافي رؤية شخص مألوف لديك مرتدياً ملابس مختلفة . فها هي أمي نحو عام 1913 , مرتدية قبعة مزينة بالريش وقفازات وكتاناً ناعماً على المعصم والرقبة , بأناقة تكذبها بساطتها وبساطة نظرتها وعذوبتها , هذه المرة الوحيدة التي رأيتها فيها هكذا , مأخوذة في تاريخ [ الاذواق , والموضات ,والاقمشة ] حينئذ ينصرف انتباهي عنها بالالتفات الى اكسسوارات فنت , ولان الملابس فانية فهي تشكل قبراً أخر للمحبوب , ولاجل أن ”أستعيد ” أمي , على نحو عابر للاسف , وبدون حتى أن أكون قادراً على الاحتفاظ بهذا البعث لمدة أطول , يجب في وقت لاحق , العثور في بعض الصور على ألاشياء التي كانت تحتفظ بها على طاولة زينتها , علبة البودرة عاجية [ كنت أحب صوت غطائها ] قنينة من الكريستال , كرسي منخفض هو الان قرب سريري , وأيضاً , لبادة من نخيل كانت تضعها على الاريكة , والحقائب الكبيرة التي كانت تحبها , [ حيث تكذب أشكالها المريحة الفكرة البرجوازية حقيبة اليد ] .
وهكذا تنطوي خصوصية حياة شخص سبق وجودة وجودنا قليلاً , على توتر التاريخ الشديد المتمثل في التشارك فيه , هستيري هو التاريخ , لايتشكل الا اذا نظرنا له فقط بالتفاتنا اليه , ولكي نتطلع اليه يتبغي أن نستبعد منه , وتصفتي روحاً حية , أنا عكس التاريخ تماماً , أنا الذي يكذبه ويهدمة من أجل تاريخي الشخصي [ من المستحيل بالنسبة لي أن أوئمن ب“الشهود ” من المستحيل على الاقل أن أكون واحداً منهم , لم يستطيع ميشلية ان يكت شىء عن زمنه ذلك الزمن التي كانت امي تحيا به قبلي – ذلك بالنسبة لي هو التاريخ , علاوة على ذلك هذه هي المرحلة التي تهمني أكثر تاريخاً , لاتوجد معلومة سابقة قادرة على أن تجعلني أتبين أن هذا الزمن بدء معي { هذا هو تعريف ذاكرة الشىء Anamnese} – في حين أنني بتأملي صورة تعانفني فيها أمي طفلا , بالقرب منها ’ استطيع أن أوقظ في نفسي طراوة الحرير الصيني وعطر مسحوق زينتها .
وهكذا يبدء السؤال الجوهري في طرح نفسه : هل تعرفت عليها ؟
وفقاً لهذه الصور , تعرفت احيانأ على مقاطع من وجهها , على علاقة مابين أنفها وجبهتها , على حركة أذرعها ويديها . لم أدركها ابداً سوى أجزاء , بما يعني , أنني افتقدت وجودها , ومن ثم افتقدتها بأسرها , لم تكن هي , ولم تكن ايضاً شخصاً أخر . لقد تعرفت عليها وسط ألالاف النساء الاخريات , ومع ذلك لم ”أجدها“ تعرفت عليها معرفة مغايرة , وليست جوهرية . تجبرني الفتوغرافيا بذلك على أن أقوم بجهد مؤلم ؟ متوجهاً الى تقصي هويتها , أتخبط بين صور شبه حقيقية ’ وبالتالي مزيفه تماماً . القول ,أمام بعض الصور بأنها تقريباً هي ! هو أكثر تمزيقاً لي من القول , أمام صور أخرى , ليست هي على الاطلاق ” تقريباً“ هذه ,هي نظام للحب مروع , ولكنها أيضاً الوضع المحبط للحلم , الذي بسببه أكره ألاحلام .ولآنني غالباً ما أحلم بها { لا أحلم الا بها } لاكنها لا تكون ابداً بالضبط أمي : أحياناً تتسم بالحلم بشىء ما في غير محله , بشىء من المغالاة , على سبيل المثال تبدو مرحة , أو وقحة – حيث لم يمن ذلك حالها على الاطلاق – أو حين أعرف أنها هي , ولكن لا ارى ملامحها , { ولكن هل نحن نرى في الاحلام , أو نعرف}