عالم الصحراء الليبية الساحر بعدسة المصور سند الأحلافي
تعد الصحراء الليبّية واحدة من أهَم الصَحَاري في العالمْ و اجملها نظرا لما تتميز به من تنوع طبيعي مذهل . فالوَاحات والبحيرات ، كذلك الجبال والبراكين الخامدة والاثار التاريخية القديمة ، هي دلائل على ان الصحراء الليبّية كانت موطناً لاقدم واعرق الحضارات . من هذه الاماكن المميزة تعتبر سلسلة جبال اكاكوس والمدينة الحجرية ” ماغاديت ” والتي تقع في الجنوب الغربي للبلاد على الحدود الجزائرية ، الاكثر شهرة وغرابة . فهي مقصد مهم للسياح الاجانب وعلماء الاثار والبعثات الاستكشافية منذ زمن طويل . وقد تم إدراج المنطقة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي عام 1985 م اليونيسكو . تجمع سلسلة جبال اكاكوس عوامل الطبيعة الصحراوية القاسية ، من الصخور البركانية والجيرية وغطاء نباتي ممتد في مختلف الاودية والتي يفوق عددها العشرون وادي متفرع داخل الجبال . بالاضَافة الى رُسومات جدارية يعود تاريخها الى آلآف السنين ، وكهوف واقواس وتشكيلات صخرية من نحت الرياح ، ابرزها قوس افازاجارْ و تنخليقه . ومِن هنا كانت الرغبة والشغف لزيارة هذه الاماكن ، بالرغم من الصعوبات الامنية والتنقل .
انطلقت وفريقي الخاص من العاصمة طرابلس الى بداية سلسلة جبال اكاكوس في رحلة شملت اكثر من 1800 كلم جنوباً. الَمساحات والكثبان الرملية الشاسعة ، والاسطح الصخرية المتصدعة، والاشجار المتناثرة في كل مكان ، هي السمة الابرز لمدخل سلسلة جبال اكاكوس من الجهة الغربية المحاذية لمدينة غات. رافقني في رِحلتي مَجموعة من خبراء الصحراء ، كانَ لهم قرار اختيار الاماكن والطرق ونقاط التخييم ، خلال 4 ايام مخصصة بالكامل للتصوير في جميع الاوقات من اليوم تقريباً. وهي مدة قصيرة للخروج بافضل النتائج ومكامن الجمال في هذه الاماكن . بالاضافة الى العوامل العديدة التي تزيد من صعوبة مهمة التصوير ، جزءُ منها يواجه المصور واخرى المعدات ، فعلى سبيل المثال الرياح الرملية ، و حركة الرمال الدائمة ، تجعل من حماية الكاميرا والعدسات ضرورة ملحة دائماً . كَما وجود بعض الزواحف السامة مثل الافاعي والعقارب وبعدها عن اقرب نقطة اسعاف كلها تشكل خطرا حقيقيا على حياة المصور وتدخل ضمن اجراءات السلامة المهمة مع بداية كل يوم ونهاية آخر . وهُنا ياتي الاختيار الصحيح للتوقيت المناسب لزيارة الاماكن الصحراوية ، حيث يفضل فصل الشتاء لبرودة الجو وما له من دواعي بيئية مميزة ، تسهل مُـهمة التصوير . كما انه الفصل الانسب خلال السنة الذي تتوافر فيه تكوينات جيدة للسحب والغيوم . اما على الجَانب الاخر فكان ختام رحلة التصوير في الغابة المتحجرة او المدينة الحجرية ماغاديت وهي عبارة عن صخور بركانية عملاقة متناثرة على الرمال . مساحةُ مُذهلة من الغرابة والتشكيلات الصخرية والكهوف ، مع طرق متقاطعة من الرمال تشكل متاهة شاسعة بحاجة الى خبرة لدخولها والخروجْ منها . جَدير بالذكر ان سكان هذه المناطق من قبائل الطوارق ، حيث اعتادوا على الترحال والتعايش مع التضاريس الصعبة ، واعتمادهم الكلي على الابل كـوسيلة تنقل بين الصحاري والجبالْ . وما صوري الا محاولة لاثبات ان الصحراء الليبية ليست رمالا قاحلة وفضاًء فسيحاً مقفراً خالي من الحياة ، بل هي موطن من مواطن السحر والجمال ، الرحيل إليها مشوق ، يجمع بين المتعة والفائدة في بيداء الفضاء السماوي والترحاب العفوي في أحضان الطبيعة البكر ، نهارا تسطع فيه شمس الحياة وتهتف فيه الرمال الناعمة بأنشودة حالمة بين الواحات الجميلة والبحيرات الساحرة ، وليلاً جميلا ينسكب فيه ضوء القمر علي التكوينات الصخرية في وقار النساك والمتعبدين ، نجومه تتلألأ كعقد لؤلؤ ثمين ، وتشعرك عند تأملها إنها قريبة منك جدا ، وإنها في متناول اليد ، كما يغمرك إحساس وأنت تتجول في عالم من الصمت اللامتناهي وبين الظِلال المنعكسة انك في كوكب بعيد لا يعرف مدى روعته الكثيرون.
من أروع لقطاته