“المصور الفلسطيني فادي ثابت : “لن أتوب عن عشق الفوتوغرافيا
- السؤال التقليدي الذي لابد منه، ، كيف ومتى كان دخولك الى عالم التصوير.حدثنا قليلا عن نفسك وبداياتك؟
فادي عبدالله ثابت فلسطيني من مدينة غزة مدينة الأحلام المؤجلة والعتمة التي أنهكها الحصار والقصف والدمار والألم
متزوج وأب لخمسة أبناء درست بكالوريس التربية الفنية وأعمل معلما للمادة في مدرسة إعدادية.
البدايات كانت عندما كنت أرسم خطوطا وأشكالا لا أعرفها فقط كانت تتحرك أصابعي مع أي عود أجده وأحاكي فيه التراب بأشكال وخربشات . وتطور الأمر فقد كنت أرسم على كل ما أراه أمام عيني من أوراق ، وهنا بدأت أشعر بالإختلاف عن أقراني الصغار وكنت أشعر أن لي عالم مختلف عنهم . ظهرت موهبة الرسم والخط لعربي مبكرا ثم تذوق الغناء والموسيقى ثم محاولات الكتابة البسيطة واجتمعت عليّ كل الأشياء عندما بدأت دراسة التربية الفنية .فصرت أمارس الفن وأبحث فيه كدراسة أكاديمية في سياقات مختلفة كالنحت والرسم والتصوير والخط العربي والمسرح والتصميم وتاريخ الفنون ومدارس الفنون الخ بدأت في عالم التصوير متأخرا حيث حصل معي موقف في إحدى الرحلات مع الأصدقاء وسمعت صوتا أيقظ في داخلي شيء غريب ” صوت شتر الكاميرا ” وكأن هذا الصوت عبارة عن دلو ماء بارد سُكب على رأس فوتوغرافي كان ينام في أحشائي فاستيقظ يجري وبيده كاميرا مطاردا الضوء في كل اتجاه .. ومن هنا بدأت رحلة الشغف وملاحقة الضوء ودهشة الأشياء الأولى ..
- ماهو الدور الذي رسمته لنفسك كمصور في قطاع غزة بكل ما تعيشه من ظروف حروب متتالية وحصار جائر، ماهي رسالة المصور في اوضاع كمثل التي تعيشونها في غزة ؟
هنا تكمن رسالة الإنسان الفنان الذي كرمه الله بالعقل عن سائر المخلوقات فرسالة الفن والفنان رسالة إنسانية سامية بدوره وعمله وموهبته يطلق العنان لطاقة الحب ونشر الخير وبث روح العطاء وزرع بذور الأمل في كل مكان كان لابد من تبنى موقف أو قضية خصوصا في مدينة كمدينة غزة التي أرهقها الموت والظلمة والحصار وانقطاع الكهرباء وكأن الله يريد لمن يعيش في ظروف غير عادية أن يكون أيضا غير عادي ليحاول جاهدا حمل جزء من الدفاع عن قضايا وطنه وأهله ، فدور الفنون مهم جدا في ايقاظ الشعوب ولايقل دوره عن أي دور أخر .. كنت أقول دوما رسالة الفوتوغرافيا رسالة نبيلة وهي تأمل في مخلوقات الله ودرب من دروب الحكمة والله أعلم ، فالفنون ومنها الفوتوغرافيا ليست للتسلية والترفيه عن النفس فقط إنما هي صراع ساخن بين الروح والعقل والجسد من جهة والطبيعة وأسراراها وخفاياها من جهة أخرى … أيضا دور الفنان هو تسليط الضوء من خلال عدسته على قضايا الناس وظروفهم لتوثيق اللحظة التي يعيشونها سواء كانت فرحا أو سعادة أو ألما أو حربا فأنت تجمد اللحظات من عمر الوقت لتكون الصور خير شاهد على هذه الظروف والمحكات …
- بورتريهات الاطفال الذين تصورهم تحكي حكايات عميقة وتوثق لواقع اليم وبلا رتوش، فمتى بدأت هذه العلاقة بين كاميرتك وهؤلاء الاطفال ؟
لاتستغربي إن قلت لكِ هذه الكاميرا والعدسة مُسيرة لا أعرف كيف لكنها كما الصياد تحتاج إلى الصبر ولكن في أغلب الأماكن كان الله يرزقني بالصور وكان الناس يعتقدون أنني أبحث عن العيون الملونة والأطفال البائسين ، لكن الحقيقة أن الله يسوقهم إليّ سوقا ، وكأن الرسالة هي إظهار قصص الأطفال الذين أكلتهم الحرب وأعيتهم الصدمات النفسية من الواقع الأليم الذي تخلفه الحروب وصوت الطائرات الحربية والقصف المُركز وأصوات الانفجارات المتتالية .نحن في غزة عشنا ونعيش ظروف صعبة للغاية، كل شيء معقد جدا حرمنا من أبسط الحقوق التي كفلتها مواثيق حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف للأطفال .لذلك كأن الله يريد أن تصل رسالة هؤلاء الأبرياء ولو عن طريق مصور فوتوغرافي … والعلاقة بين عدستي وهؤلاء الأطفال أقولها بكل صدق أصبحت سفيرا لهم ولبؤسهم وأنا أعتز وأتشرف بهذا التكليف الذي فرضته الكاميرا عليّ لأكون منهم ويكونوا مني الفوتوغرافيا مسؤولية لمن أخذها بحقها وأكرر هي ليست للتسلية وقضاء الوقت هذه رسالة كبيرة …
- كيف تبحث عن هؤلاء “الموديلز” ابطال صورك من الاطفال ، عن هذه العيون الملونة ونظراتها الناطقة وكيف تتعامل معهم كي تخرج بهذه الصور؟
رحلة البحث من أجمل وأنقى وأشقى الرحلات فمن خلال البحث تعثر على أبطالك الحقيقين الأبطال غير المزيفين ممن يستحقون أن يطلق الغالق صلياته فخرا واعتزازا بهم وتحايا لهم .هؤلاء الأطفال هم ” موديلز الظروف البشعة وموديلز الفقر والبؤس وأيضا في عيونهم ألف موديلز للأمل والمستقبل الواعد الجميل ،
في ظل تخلى موديلزات البدلات الباذخة وربطات العنق الملونة ستبقى العدسة تنصفهم على أنهم أجمل وأبهى ما خلق الله من موديلز ..
أنا لا أتعامل صدقيني، القدر وطاقة الكون الإيجابية هي من ترسلهم في طريقي و أخشى أن أدعي أن الفوتوغرافيا نبوة فيرجموني أو يصلبوني ..!!
أنا لي نظرة مختلفة للأحداث ربما هذه مدرسة وأسلوب خاص لكن أشعر بمعية ما لا أعرف تحديدا ماهي كل ما أعرفه أنني رسول وسفير لهؤلاء الأطفال ولو كلف الأمر أن أدفع عمري ومالي وبيتي …
- أسلوبك في التصوير يقترب من التوثيق الواقعي ، فهل تخطط او تحضر اي سيناريو قبل التقاط الصورة ، ام لا؟
بغض النظر عن الأساليب والمدارس الفنية أنا أجرب ولا أجعل للضوء أي مهرب مني لذلك أحاول التجريب مرة تلو الأخرى أجرب وأجرب وأجرب حتى أمتلك المهارة المطلوبة وهذه نصيحة في خضم هذه المقابلة جربوا مرارا وتكرارا … لنعود للأسلوب، أحيانا لتصل الرسالة تحتاج لصناعة الصورة وأحيانا الصورة غير المصطنعة تأتي لوحدها. لازلت قيد البحث فلم أتخصص ولا أنوى التخصص ،أنا أعشق الفوتوغرافيا كلها ومن الصعب عزل روحي عن الضوء قلت لكِ أنا مختلف قليلا ولن أتوب عن عشق الفوتوغرافيا.
- لفت انتباهي جدا معرض الالف صورة الذي نظمته في ميناء غزة وعلى بوابة معبر بيت حانون قبل اشهر. فعدد الصور هائل وهو تحدي كبير جدا ان يقوم به مصور واحد ويعرض الف صورة بكل ما يقتضيه الأمر من تعدد في الرؤيا وعدم التكرار والحفاظ على المستوى الفني للصور، نتمنى ان نسمع منك قصة هذا المعرض وهل كانت هناك معوقات في تنظيمه ؟
صراحة كان لحظة جنون لكنها مدروسة هناك من شجعني وهناك من كتب فيّ بوستات على مواقع التواصل يستخف بالفكرة ، لكن أنا أتحدى كل من كتب عني بوست ساخر .
إن لم يكن لكل عمل شكل ومضمون ورسالة فسأترك الفوتوغرافيا ، بدأت الفكرة ببوست على الفيس بوك كتبت فيه ١٠٠٠ صورة من المدينة المحاصرة وكان قبلها بليلة يدور في ذهني أن أقوم بتحدي كبير لايصال رسالة غزة المحاصرة بفكرة يجتمع عليها كل الإعلام ويلاحق الخبر كل الصحفيين وهذاما حدث فعلا وكسبت الرهان العدد الكثير من المحطات ووكالات الأنباء تحدثت عن المعرض .وكان هناك بث مباشر لأكبرها ، واستطعت أن اعرض نتاج عشر سنوات مما جادت به عليّ السيدة ” كام ” هذا اسم الدلع للكاميرا فهي معشوقتي الوحيدة السيدة كام . واستطعت بذلك أن اوصل رسائل شعبي لكل العالم .
الأفكار المجنونة والقوية تحتاج إلى رجال يحملون قضايا شعوبهم فوق أكتافهم والفوتوغرافيا لاتحتاج إلى اجتماعات وربطات عنق ومن هذه المنصة المحترمة أوجه رسالة لكل من حمل هم الفوتوغرافيا العربية إما أن تكونوا قدر المسؤولية أو أتركوها ليأخذها غيركم بحقها …
- نحن نعيش في عالم التقنيات الرقمية وبرامج المعالجة اصبحت لاغنى عنها ، هل تحدثنا عن التقنيات التي تستخدمها في معالجة صورك والتي تعتقد انها ضرورية مهما بلغ المصور من مستوى قبل ان يعرض اي صورة ؟
هناك اشكالية وتساؤلات عن المعالجة الرقمية للصور الفوتوغرافية وأنا شخصيا أستخدم برنامج فوتوشوب للمعالجة ولن اطيل في الرد على هذا السؤال فمن الافضل لمن لا يجيد المعالجة ولا يقتنع بها ان يهجر التصويربدون الدخول في التفاصيل وتفنيد الغث من السمين
- نتمنى ان نعرف ماهي المعدات التي تستخدمها ، وهل لديك كاميرا او عدسة مفضلة ترافقك دائما ؟
كل العدسات خير وبركة ههههههه أنا معي كاميرا EOS 5D Mark III وعندي عدسات مختلفة 16 35 2.8 70 200 2.8 85 1.2 100 2.8 وكلهم بحبهم وأنتمى إليهم كأولادي تماما لا أفرق بينهم واحب حتى اشكالهم ..
- هل تشعر انك حصلت على الاهتمام الكافي وإنك أنصفت كمصور يمتلك رؤية خاصة واسلوب مميز من المؤسسات الفوتوغرافية العربية ؟
صراحة وأقولها بكل حسرة أن ما يهم المؤسسات الفوتوغرافية العربية أولا وأخيرا هي الحفلات والبدلات وألوان ربطات العنق تكون ملائمة للبدلات وليس لهم علاقة بالمصورين ويكاد التواصل أن يكون معدوما لأسباب سياسية وبرستيجية والحمدلله إني تعلمت لوحدي وكبرت لوحدي دون رعاية من هذا أو ذاك وليس في نيتي أن أكمل مع المؤسسات العربية الفوتوغرافية.. أنا إنسان بسيط ولا أبحث عن الأضواء .
- لديك، ما شاء الله، سجل حافل بالمشاركات العالمية و الجوائز وكل ما كتب عنك في الصحافة والسوشال ميديا.. حدثنا عن أهمها وهل هناك اي مشروع مستقبلي في هذا المجال؟
الجوائز : حاصل على الميدالية الذهبية المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي على مستوى الوطن العربي الخاصة بالمنظمة العربية للتصوير الفوتوغرافيHD محور التأطير ،، جمهورية مصر العربية
• جائزة عبد الرازق بدران المركز الاول مكرر مرتين عن فئة أراء الحكام المملكة العربية الهاشمية
• جائزة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للتصوير الضوئي المدالية المتميزة عن محور التحدي دولة الامارات العربية
• جائزة المنظمة العربية عن محور البورتريه شهادة الاورد جمهورية مصر العربية
• جائزة المنظمة العربية عن محور غروب الشمس شهادة اورد جمهورية مصر العربية
• والعديد من شهادات ودروع التكريم داخل الوطن
ما أطمح به إقامة معرض ١٠٠٠ صورة تحت عنوان ” نافذة على غزة ”
لايصال رسالة شعبي وأهلي ورؤية الصورة عن قرب أتمنى أن يكون هناك استجابة من ذوي الشأن .
شكرا جزيلا على الوقت الذي خصصته لنا في هذه المقابلة .تقبل تمنياتنا بالتوفيق والنجاح في عملك وان تعودالضحكة لاطفال فلسطين وكل البلاد العربيةان شاء الله.
https://www.instagram.com/fadi_a_thabet/
من روائع أعماله