حين ينتابنا الخوف نطلق الرصاص، وحين ينتابنا الحنين نطلق الصور
(سوزان سونتاغ)
مريم عادل
محررة فنية
اليوم، لم يعد التقاط الصور رفاهية أو فعلا اختياريا، فكل شخص لديه هاتف ذكي به أكثر من كاميرا، ولديه حساب على موقع التواصل (إنستجرام) ينتظر الصور الجديدة؛ لقد أصبحنا نشعر حين تمر علينا لحظة دون أن نصورها بأنها فلتت منا وكأنها لم تكن، فالحياة الآن تبني نفسها من خلال الصور أكثر من أي وقت مضى؛ عالمنا كله منذ اختراع الكاميرا أُعيد تشكيله وترتيبه من جديد في مجموعات هائلة من الصور الفوتوغرافية.
لم يتخيل أحد بالطبع أنه قبل أقل من ثلاثة قرون لم يكن أحد يعرف شكل المدن التي لم يزرها، لكن الآن أغلب أُلفتنا بالعالم جاءت من خلال جعل الأشياء مرئية بواسطة الكاميرا، والتي أصبحت بديلا للخبرة المباشرة بالأماكن والكائنات والأحداث، لقد فقدنا الكثير من دهشتنا بالعالم بسبب “النهم المطلق للعين الفوتوغرافية”، التي جعلت كثيرا من الأشياء تبدو عادية، أصبحنا نشعر أن الأشياء الغريبة والأماكن البعيدة أكثر قربا منا، والثمن أن معظم خبراتنا بالعالم ليست أولية.
في الحقيقة من الصعب تخيل كم المعرفة التي تُنقل لنا من خلال التصوير الفوتوغرافي، من منا رأى بالفعل معسكر لاجئين أو سيل جليد قطبيا؟ ومع ذلك يمكننا التعرف على كليهما بسهولة، لكن هل تستطيع الصور حقا أن تقدم لنا العالم مؤطرا؟ لماذا يجد الجنس البشري متعة بالغة في محض صور من الحقيقة؟ بهذا السؤال تبدأ سوزان سونتاغ أول مقال لها في كتابها “حول الفوتوغراف” الصادر سنة 1977، والذي نقل إلى العربية من دار المدى، ترجمة عباس المفرجي. مع كل مطالعة يكشف لنا هذا الكتاب عن بصيرة تتجاوز الزمن الذي كُتب فيه (ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي)، وقدرة مثيرة على التنبؤ، يمكنها تغيير رؤيتنا البصرية للعالم من حولنا.
علمتنا الصور الفوتوغرافية بحسب سونتاغ شفرة بصرية جديدة ووسعت مفاهيمنا وغيرت أولوياتنا عما هو جدير بالنظر إليه، وفتحت بابا جديدا حول حقنا في المراقبة. وهي ترى أن النتيجة الأعظم للمشروع الفوتوغرافي هي في منحنا الشعور بإمكانية استيعاب العالم كله في أذهاننا كوجود من الصور، تقول: “بجمع الصور الفوتوغرافية نجمع العالم.. فعندما نصور فإننا نستولي على الشيء المصور، هذا يعني أننا نضع أنفسنا في علاقة معينة مع العالم، تشبه المعرفة وبالتالي السلطة”.
يبدو اختراع الطباعة شكلا أقل غدرا في التطفل على العالم و”تحويله لشيء ذهني”، من الصور التي تمد الناس بالكثير من المعرفة عن الماضي والحاضر، فالكتابة والتصوير الزيتي في النهاية هي تأويلات للواقع، لكن “الصور الفوتوغرافية لا تبدو بيانات عن العالم، أكثر من كونها قطعا منه، مصغرات للواقع يمكن لأي شخص أن يصنعها أو يكتسبها”، تماما كأنها براهين، إذا أردنا التأكد بشأن شيء ما ورأينا له صورة سيبدو هكذا مبرهنا عليه؛ بالرغم من أن الصور يمكن تحريفها، لكنها تعتبر برهانا لا يقبل الجدل على أن شيئا معينا قد حدث، وهو يشبه ما في الصورة.
تملك الصورة الفوتوغرافية علاقة أكثر براءة مع الواقع المرئي، وبالتالي أكثر دقة من الطرق الأخرى التي تعتمد على التقليد، مثل الرسم والوصف النثري، لذا فإن افتراض (صدق) الصور الفوتوغرافية يمنح كل الصور “سلطة، وتشويقا، وإغراء”، وترى سونتاغ أن التصوير الفوتوغرافي أصبح -حديثا- منتشرا انتشارا واسعا كممارسة ومتعة مثل “الجنس والرقص” على حد قولها، فهي ترى أن الناس لا يمارسون التصوير كفن، لكنه يشبه الطقوس الاجتماعية، ويمنح حصانة ضد القلق وأداة للقوة.
الصور الفوتوغرافية التي تعبث بنظام العالم، تصبح هي نفسها مختزلة، مكبرة، مقتطعة، مرتشة، معدلة ومحتالة
(سوزان سونتاغ)
تمنح الصور الفوتوغرافية الناس شعورا بالاستحواذ على ما يعيشونه، وبالتالي قدرة وهمية بامتلاك الماضي، وعندما يجد المرء نفسه في مكان لا يعرفه ولا يشعر فيه بالأمان، بإمكان التقاط الصور لهذا المكان أن يُهدئ من روعه، من هنا انطلقت سوزان سونتاغ بربط التصوير الفوتوغرافي بالسياحة التي تعد نشاطا عصريا، فالبشر في عهدهم القريب، لم يكن لديهم القدرة على السفر للسياحة فترات قصيرة من الوقت، كما هو متوفر الآن؛ والكاميرا في السفر هي التي تقدم دليلا ملموسا على أننا خضنا التجربة، وقمنا بالرحلة، وحصلنا على النتيجة التى نستحقها وهي التسلية.
لقد مارسنا أثناء رحلتنا الكثير من الاستهلاك الذي لم تطلع عليه العائلة والأصدقاء والجيران، وهنا يأتي دو الكاميرا، تكتب سونتاغ: “الصور الفوتوغرافية توثق نتائج الاستهلاك الذي نفذ خارج مشهد العائلة والأصدقاء والجيران، لكن الاعتماد على الكاميرا كوسيلة تجعل ما أخبر به المرء حقيقيا.. التقاط الصور يشبع نفس الحاجة إلى التكديس، هنا غنائم صور الذكريات لرحلتهم البحرية على النيل، أو لرحلة الأسبوعين في الصين، مثلما يعني للأشخاص من الطبقة الوسطى الدنيا، التقاط صور لبرج إيفيل وشلالات نياغرا”.
كذلك (يحّجم) التصوير التجربة عن طريق اهتمام كل شخص بالبحث عما هو مناسب لتصويره، فتتحول التجربة برمتها إلى مجرد صور وذكريات، لا مكان فيها للوجود الحقيقي، مما يعني أن السفر أصبح وسيلة لجمع وتكديس الصور. تقدم سوزان سونتاغ هنا واحدة من أكثر ملاحظاتها تبصرا بشأن وقت المتعة والفراغ، وما يمكن أن يعنيه التقاط الصور لأفراد تتحكم بهم (ثقافة تقدس الإنتاجية) على حساب القدرة على الحضور بشكل حقيقي، تكتب: “نفس فاعلية التقاط الصور، هي تسكين وتلطيف مشاعر عامة من الإرباك، من المرجح أنها تتفاقم عند السفر. أغلب السياح يرون أنفسهم مجبرين على وضع الكاميرا بينهم وبين أي شيء مميز يصادفونه، هذا يمنح التجربة شكلا محدد مسبقا، منهج يجذب بشكل عام أناسا معاقين بأخلاقيات عمل لا تعرف الرحمة: الألمان، اليابانيون، الأمريكان”.
يهدئ استخدام الكاميرا من القلق الذي يحس به المطحونون في العمل عندما يكونون في عطلة، في الوقت الذي يفترض أن يستمتعوا به. يكون لديهم ما يشغلهم وهو محاكاة ودية للعمل: يمكنهم التقاط الصور الفوتوغرافية
(سوزان سونتاغ)
“إنه زمن الحنين الآن”، تكتب سونتاغ، فهي ترى أن التصوير الفوتوغرافي بطبيعته فن رثائي، يحفز فينا باستمرار مشاعر الحنين، ومعظم الموضوعات القابلة للتصوير هي على صلة بالرثاء، فالموضوعات الجميلة يمكن أن تثير فينا مشاعر الحزن لأنها فسدت أو لم تعد موجودة، “فكل الصور الفوتوغرافية تذكرنا بحتمية الموت، والتقاط صورة هو مساهمة في فناء شخص أو (شيء) آخر، في سرعة تأثره في قابليته للتحول، بالاختيار الدقيق لهذه اللحظة وتجميدها، فإن كل الصور تشهد على الذوبان الذي لا يلين للزمن”.
تشبه سونتاغ الصور التي تمثل “أناسا بعيدين، أو منظرا طبيعيا بعيدا ومدنا بعيدة وماضيا مندثرا” بنار المدفأة التي تحفز أحلام اليقظة
وتطرح سونتاغ فكرة أن الكاميرا بدأت بنسخ العالم في الوقت الذي أخذ فيه المشهد البشري في الانحطاط بدرجة مذهلة نحو التغيير: “بينما عدد لا يحصى من أشكال الحياة البيولوجية والاجتماعية عرضة للتدمير في فترة وجيزة من الزمن، فإن هناك وسيلة في متناول اليد لتسجيل ما يختفي، باريس أتاغيه وباسيه، المركبة على نحو معقد، اختفى أغلبها، مثل الأهل والأقارب الميتين الذين حفظوا في ألبوم العائلة، والذين يظهر وجودهم في الصور بعضا من الشوق والندامة، اللذين سببهما غيابهم، كذلك هي صور المناطق التي أصبحت مشوهة الآن، وقاحلة”.
تشبه سونتاغ الصور التي تمثل “أناسا بعيدين، أو منظرا طبيعيا بعيدا ومدنا بعيدة وماضيا مندثرا” بنار المدفأة التي تحفز أحلام اليقظة، تكتب: “الإحساس بالشيء بعيد المنال الذي يمكن أن يستحضر في الصور الفوتوغرافية، يتغذى على نحو مباشر بالمشاعر الإيروتيكية، لأولئك الذين تتعزز رغبتهم بالبعد. صورة العشيق مخبأة في محفظة امرأة متزوجة، بوستر لصورة نجم من نجوم الروك، معلق فوق سرير مراهقة، زر صورة المرشح الانتخابي، مثبت على عروة سترة مصوت، صور أطفال سائق سيارة الأجرة، معلقة بمشبك على حافة زجاج السيارة الأمامي، كل هذه الاستخدامات الطلسمية للصور تعبر عن عاطفة مفرطة وسحرية ضمنية معا”.
الصورة الفوتوغرافية هي حضور زائف ورمز للغياب معا
(سوزان سونتاغ)
تحفر الصورة الفوتوغرافية لنفسها مكانا آمنا في ذاكرتنا، لا يقارن بالصور المتحركة، لأنها لحظة واحدة ثابتة من الزمن، لحظة تمكنا من تجميدها والإمساك بها، وليست فيضا من ومضات متتالية من الصور المتحركة التي تعرض في التليفزيون، فالتليفزيون “هو تيار من صور أقل انتقائية، كل واحدة منها تلغي سابقتها”، فكل صورة التقطناها هي لحظة مميزة نقبض عليها ويمكننا العودة لها مرة أخرى.
في عام 1972 تصدرت الصفحات الأولى من جرائد العالم صورة طفلة فيتنامية عارية مرشوشة للتو بنار قذائف النابلم الأميركية، تركض في الشارع المتسع باتجاه الكاميرا ويداها مفتوحتان وتصرخ من شدة الألم، تقول سوزان سونتاغ إن تأثير هذه الصورة على تصاعد الرأي العام ضد الحرب من المحتمل أنه كان أقوى من “مائة ساعة متلفزة من أعمال وحشية”.
وتعتقد سونتاغ أن الشعب الأميركي ما كان ليبدى اتفاقا على قبوله الحرب الكورية لو أنه رأى صورا فوتوغرافية تبرهن على تدمير كوريا، بمواردها البيئية والبشرية، لكنها تعتقد أن هذا الافتراض سطحي لأن الشعب لم يشاهد مثل تلك الصور، لأنه، أيدولوجيا لم يكن هناك مجال لها، تكتب: “لم يأت أحد بصورة للحياة اليومية في بيونغ يانغ، ليظهر أن للعدو وجها بشريا”.
وتشير سونتاغ إلى ملحوظتين في هذا السياق، الأولى أن الأيدولوجيا (بأوسع معاني الكلمة) هي ما يشكل الحدث، فلا قيمة لأي برهان فوتوغرافي ما لم يكن الحدث معرفا وموصوفا، بالتالي لا يمكن أن يكون الحدث معرفا على براهين فوتوغرافية منتزعة من سياقها، فالصورة تتبع توصيف الحدث؛ إن ما يجعل حدثا ما مؤثرا معنويا من خلال التصوير الفوتوغرافي هو وجود وعي سياسي.
من دون السياسة من المحتمل أن تكون صور المذابح في التاريخ، ببساطة غير واقعية أو ضربة عاطفية مثبطة
(سوزان سونتاغ)
والثانية، أن الغضب الأخلاقي الناتج عن صور فوتوغرافية “للمقموع والمستغل والجائع والمذبوح”، تعتمد على درجة الاعتياد على هذه الصور، تقول: “صور دون ماكولين للبيافرين الهزيلين، في نيجريا في بداية السبعينيات، كان لها تأثير أقل في بعض الناس من صور بيرنر بيشوف لضحايا المجاعة في الهند، في بداية الخمسينيات، لأن هذه الصور غدت عادية”. فالصور الفوتوغرافية تصدم إلى حد بعيد حين تعرض شيئا جديدا، بالتالي قد يكون الثمن غاليا بسبب الانتشار المتزايد جدا لمثل هذه الصور.
وتحكي سونتاغ عن تجربتها الأولى التي شاهدت فيها صورا تمثل “الرعب المتناهي” على حد وصفها، وعن الكيفية التي أثرت تلك الصور عليها، تكتب: “بالنسبة لي، كانت صور بيرجن – بيلسن وداشاو هي التي صادفتها أول مرة في متجر لبيع الكتب 1945.. لا شيء رأيته من قبل في صور أو في حياة واقعية أثر في بعمق وبحدة وبشكل فوري، مثلما فعلت هذه الصور. حقا يبدو لي الأمر مقنعا حين أقسم حياتي إلى مرحلتين قبل أن أرى هذه الصور وبعدها”.
تفرق سونتاج بين المعاناة والعيش مع صور عن المعاناة، التي أحيانا وعلى العكس من الدور المفترض لها، لا توقظ الضمائر ولا تحرض على التعاطف، بل يمكن أن تفسدهما، فهي تؤكد مرة أخرى أن المرء “ما أن يرى هذه الصور، حتى يبدأ في طريق رؤيته الكثير منها، ورؤية الكثير منها، تشل وتخدر”، إن الحدث الذي يُشاهد من خلال الصور يصبح واقعيا أكثر مما كان عليه لو لم يشاهد أبدا في الصور، لكنها تضيف، أن العرض المتكرر لتلك الصور يجعلها بطريقة ما أقل واقعية وأقل تأثيرا.
وتؤكد أيضا أن الأمر نفسه ينطبق على الشر كما ينطبق على التصوير الفوتوغرافي، تكتب: “صدمة الوحشية المصورة فوتوغرافيا تزول تدريجيا بتكرار الرؤية، مثلما تزول تماما المفاجأة والانشداه الذي يحس بهما المرء حين يرى أول مرة فيلما إباحيا، بعد أن يرى بضعة أفلام أكثر… البيان المصور الواسع للشقاء والظلم في كل أرجاء العالم، منح كل شخص ألفة معينة مع الوحشية، جاعلا من الرهيب أمرا اعتياديا، جعله يظهر مألوفا بعيدا حتميا (إنها مجرد صور)”، فعند تكرار الصور الصادمة يصل الأمر إلى (نقطة تشبع) يقوم فيها التصوير الفوتوغرافي “بتخدير الضمير بنفس القدر الذي فعله بإيقاظه”.
حين شاهدت هذه الصور، شيء ما في داخلي تحطم، ثمة حدود طاولها الإدراك، ليست فقط حدود الرعب، شعرت بأني وعلى نحو محتوم حزينة ومجروحة، لكن جزءا من مشاعري بدأ يضيق، شيء ما مات، شيء ما لا يكف عن الصراخ
(سوزان سونتاغ)
ترى سوزان سونتاغ أن المجتمعات الصناعية الرأسمالية تعمل على تحويل مواطنيها إلى مدمني صور، وهي ترى أن هذا الإدمان هو من أكثر الطرق تدنيسا للعقل والتي من الصعب مقاومتها، تكتب: “التوق الشديد للجمال، لنهاية ما يجري تحت السطح، لتطهير جسد العالم أو الاحتفاء به، كل عوامل المشاعر الجنسية هذه هي مؤكدة في متعة التقاط الصور”.
ربما يعد هذا الطرح من الكتاب هو الأكثر معاصرة لنا، فهي على طول الكتاب تتحدث عن الصور الفوتوغرافية ذات الأصل الورقي، والتي لم تعد بنفس الانتشار الآن، بينما نحن الآن أكثر من مدمني صور؛ لقد أصبح التقاط وتعديل ومتابعة الصور شيئا لا يمكننا الإفلات من ممارسته تقريبا يوميا، نلتقط الصور ونقوم بتعديلها ونبحث عن صور ونقوم بحفظها، يحدث هذا ونحن محملين بالكثير جدا من النماذج والصور الأخرى التي تحدد مقاييس “الجميل” في أذهاننا وخيالنا. بعض الناس في عالمنا اليوم يبني لنفسه حياة كاملة، غير حياته، فقط عن طريق الصور.
الحاجة إلى واقع مثبت ومعزز بالتجربة، من خلال الصور الفوتوغرافية، هو استهلاكية جمالية كل شخص الآن مدمن عليها
(سوزان سونتاغ)
في عام 1995 أقام (إدوارد هيرش) حوارا مع سوزان سونتاغ لباريس ريفيو، ترجمه إلى العربية (أحمد شافعي) تحت عنوان “سوزان سونتاغ.. كنت أريد جميع أنواع الحياة”. عندما سألها هيرش عن كيف بدأت كتابة “حول الفوتوغراف”، قالت إنها كانت تتناول الطعام مع بابرا ايبستن من نيويورك ريفيو أوف بوكس يتحدثون عن معرض (ديان أربوس) في متحف الفن الحديث، الذي كانت قد حضرته للتو، فاقترحت بابرا عليها أن تكتب مقالة عن المعرض، وعندما بدأت الكتابة وجدت أن ما بين يديها أكثر بكثير من مقال، ولم تستطع أن تخلص نفسها، وتراكمت المقالات، حتى خرجت مقالات حول الفوتوغراف الست.
يقول (إدوارد هيرش)، شقتها بها خمسة عشر ألف كتاب، والورق في كل مكان، “عمر كامل يمكن أن يقضى في استعراض ما لديها”، كتب في الفن والعمارة والمسرح والرقص والفلسفة وعلم النفس، وتاريخ الطب وتاريخ الدين، والتصوير الفوتوغرافي والأوبرا وغيرها. الآداب الأوربية الحديثة، الفرنسي والألماني والإيطالي والأسباني والروسي، إلخ. ومئات الكتب عن الأدب الياباني واليابان. كذلك الأدب الأميركي والأدب الإنجليزي، بالإضافة إلى أن الأرفف نفسها مزدانة بقصاصات عليها ملاحظات سريعة بعناوين أخرى للقراءة، كل شيء في شقة سونتاغ يشهد باتساع نطاق اهتماماتها، لكن أعمالها نفسها تبين ذلك بوضوح.