كواليس تاريخية.. لوحة “الموناليزا” وما وراءها
شخصية نادرة في تاريخ البشرية، تركت بصمات هائلة في تميزها وعبقريتها، إسم لم ينسى واشتهر على مدى قرون دون أن يقل تميّزه أو يندثر أثره، إنه ليوناردو دافنشي، المعماري، الرسّام، النحات، عالم الخرائط، وعالم النبات، مهندس، وفيلسوف.
ففوق كل ما أبدع به هذا الإسم الموسوعي – يصنف ضمن العلماء الموسوعيين على مر تاريخ البشرية، ومعنى ذلك أنه شخص استثنائي برع بمجالات عدّة حتى أصبح عالماً متبحرا فيها – فهو شخصية غامضة مثيرة لم يعرف أحد حقا من هو كشخص وحير دارسي التاريخ كثيراً في تصنيفه ولم يمكّنهم من ذلك، ببساطة هو إنسان عاش حياة لا تنتهي بمجرد موته.
أنتج دافنشي العديد من الاختراعات التي كانت سابقة لزمنها وتعتبر في مرحلته الحياتية ذات تصنيف خيال علمي متقدم ، وعلى غير عادة فإن حبه للعلوم والرياضيات لم يجعله شخصا محدودا من الناحية الحياتية بل أن أثر دافنشي الفني برهن على أن هذا العالم الفذ كان ذو نظرة جمالية ثاقبة ومبدعا في صنع فن الجمال.
رسم هذا الفنان العديد من اللوحات الفنية التي أصبحت فيما بعد لغزا في التاريخ عدا عن كونها مدرسة في فن الرسم، وأهم هذه اللوحات: العشاء الأخير، والموناليزا.
تحتل هاتان اللوحتين مساحة تاريخية وفنية لم تتمكن غيرهما من اللوحات احتلالها ، وقد أثرتا بفن الرسم في عصر النهضة وما تلاه من عصور تأثيرا مباشرا ، وهما غير قابلتين للمقارنة كأي أيقونتين مقدستين على مر التاريخ يدرس جمالهما ولا يتجرأ أحد على مقارنتهما بعمل آخر وكأن لهما مساحة خاصة في تاريخ الفن لا مجال للتنافس فيها .
لوحة العشاء الأخير، تم رسمها في عام 1498 م ، رسمت بطريقة التلوين المباشر، وهذا أدى إلى تعرضها للخطر بحيث تضررت أجزاء منها وتم ترميمها بعد عشرين عاما من رسمها.
أثارت هذه اللوحة جدلا لم ينته بعد كونها غير مطابقة تماما للمفاهيم المسيحية حول العشاء الأخير لأنها تحتوي على عناصر لا تنتمي لهذه المفاهيم، وقد ذهب البعض في تفسيره لهذه اللوحة إلى أنها لوحة فيها رموز لعقيدة سرية كان دافنشي من اتباعها، وهذه العقيدة ليست العقيدة المسيحية الكاثوليكية المتعارف عليها، خاصة في رسمه ليوحنا بملامح انثوية وقد قيل بأنه هنا يرمز لمريم المجدلية، ولكن في رأي آخر آثر الباحثون على اعتبار هذا اللّغز بسيطاً تبعاً للرسامين في هذه المرحلة بحيث كانوا يرسمون الرسل بملامح انثوية بشكل عام .
أمّا لوحته الأكثر شهرة وهي الموناليزا ، والتي أصبحت رمزاً من رموز الشعر والأدب والفن السينمائي والإسم الأكثر شهرة عبر التاريخ لفتاة في لوحة ، فهي لوحة ذات طابع لا يمكن مضاهاة دقته وألوانه وغرابته، وبالطبع تبعا لأنّ من رسمها هو دافنشي فقد أثارت جدلا أيضًا، يقتصر البعض فيه على الجدل حول نظرة الموناليزا التي تراها تنظر إليك أينما ذهبت بحيث أن هذه النظرة لم يأت بها رسام غيره إطلاقاً، ووجود الحزن فيها مع طيف ابتسامة تراه ولا تراه، فهي إن نظرت لها مرة وجدتها حزينة كرّر النظرة وستجدها سعيدة.
وفي أعماق هذا الجدل يقول باحثون فنيون بأن الموناليزا هي ذات ملامح ذكورية محصورة داخل صورة أنثى، مما فسره البعض أن دافنشي لم يكن سوياً وكان يعرض حقيقته في أعماله، أو تبعاً لذوي النوايا الحسنة فإنهم رأوا أنّه ذو روح انثوية جميلة محتجزة داخل جسد ذكري محدود. وفقا لما نشر بصحيفة بوابة الفجر.