– فنانو التصوير الضوئي في سورية : 1920-1980م ..- بواسطة : سعد بشير فنصة ..
• الفنان د.مروان مسلماني
تولد دمشق 1935
كرس هذا الفنان الفذ جل عمره خلف عدسة آلة التصوير مصوراً وموثقاً مجيداً لقدراته الفنية ورؤيته الموهوبة، لقد قضى ما يقارب الأربعين عاماً في متحف دمشق الوطني مصوراً أثرياً بامتياز لا يبز باحثاً بعدسته في تفاصيلها وانتقاء أروع صورها بمعارضه التي فاقت المئة معرض في سورية والعالم.
وألحقها فيما بعد بكتبه الغزيرة والتي صدرت بترجمات عدة كما أنه كان أول رئيس لمجلس إدارة نادي فن التصوير الضوئي عند تأسيسه. أسهمت تجربة الفنان مسلماني الطويلة في خلق مساحة عريضة لفن التصوير، كفن له شخصيته الخاصة والمستقلة وهو من أوائل الفنانين الذين ألحقوا هذا الفن بالتشكيل الإبداعي بعيداً عن الحرفة وتميز بنشاطه الكثيف والمتقن في توثيق وتصوير الأوابد والآثار السورية، بحيث تعد اليوم مرجعاً وأرشيفاً متكاملاً لكل دارس وباحث في العالم وأتيحت له فرصة إقامة أهم المعارض عن الآثار السورية في كبرى متاحف وصالات العالم وهم بحمل رسالة تاريخية وقومية كبرى بالتعريف بآثارنا ونقل قيمتها المعرفية والفكرية طوال عقود إلى أقاصي الأرض.
كل ذلك لم يمنعه من الخروج حيناً عن رؤيته الآثارية ليغدو حداثياً ومجدداً في معرضه الفريد “خلجات” ” عندما قام لأول مرة بتجربة مثيرة وفريدة بالاستعاضة عن آلة التصوير بالمخبر الكيميائي لينتج صوراً ضوئية بتجريد عالٍ مع تكوين غرائبي وفني مدهش يقارب عوالم السورياليين من خلال الورق الطباعي للتصوير والأملاح المعدة للتظهير مع الضوء، ليعد بذلك مؤسساً حقيقياً لاتجاهات عميقة في فن التصوير نال عليها شهادة الدكتوراه الفخرية من ألمانيا الاتحادية عام 1968.
كما جاء بحثه الأثري في تصوير الأختام الأسطوانية من الآثار السورية تتويجاً لعمله الفني حيث قدم كشفاً أثرياً جليلاً بتعريض تلك النقوش المتناهية الدقة والتي حفرت على الأختام لإضاءة خاصة وقام بتكبيرها عشرات المرات في لوحات جدارية، لُتُقرأ هذه الرموز من قبل الباحثين بعد أن تكشفت ملامحها عن صيغ وأزياء وشخصيات أسطورية ورموز متعددة ومتنوعة كانت مجهولة سابقاً.
كل ذلك منحه عن جدارة وسام الاستحقاق السوري لأول مرة في تاريخ فن التصوير يحوز مصور في العالم العربي على هذا الوسام وهذا التقدير بمساعٍ لا تنكر من وزيرة الثقافة آنذاك د.نجاح العطار وكانت عودته من النمسا بمعرض وثائقي بعنوان “سحر وشعر” قام بتصويره هناك مفتوناً بروعة النحت والعمارة الأوربية والتي ترسم ملامح عصر النهضة ليقدمها برؤيته وعدسته التي ألهبت خيال كثير من الفنانين والنحاتين، بأن الفن لغة عالمية لا تعرف وطناً ولا حدوداً، وهو بذلك لم يقف عند حدود الآثار السورية جامداً مؤطراً داخلها، بل عمد إلى نقل المثير والمدهش منها إلى وطنه الأم.
وأسماء أخرى
كل هؤلاء هم غيض من فيض كان لهم شرف المحاولة في إدراك فنون العصر قديمه وحديثه في عدسة آلة التصوير حتى حدود المخاطرة أو الخطورة، فنجح بعضهم وأصاب، وأكمل هدفه وتعثر آخرون ولم تفلح تجاربهم على أهميتها ، أو فقدوا دوافعهم الذاتية المحرضة لتصويب عدساتهم نحو اللحظة الآسرة في مكانها الأنسب، وكانوا كثراً بكل تأكيد مع الاعتراف بموهبتهم وتضحياتهم في سبيل ارتقاء هذا الفن، وقد أكون أنا واحداً منهم.
سعد بشير فنصة