فاز المخرج الفلسطيني، إيليا سليمان، بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي، وذلك من خلال فيلمه “لابد أنها الجنة” (It must be Heaven) الذي شارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته الـ 72.
وبدأ سليمان، رحلته الفنية عام 1996 مع فيلم “سجل اختفاء” الذي فاز من خلاله بجائزة العمل الأول من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.
وقدم المخرج الشهير ثلاثيته، البداية مع فيلم “سجل اختفاء” (1996) ثم فيلم “يد إلهية”، الحائز جائزة لجنة التحكيم في مهرجان “كان” 2002، ثم فيلم “الزمن الباقي” الذي
رشّح للسعفة الذهبية في “كان” 2009، وهو عبارة عن سيرة ذاتية يشارك إيليا بدوره فيها عبر قصة الحياة اليومية لأسرة فلسطينية منذ العام 1948 حتى اليوم، وهموم أجيال من الفلسطينيين.
وجمع المخرج الفلسطيني، بين حصد العديد من الجوائز العالمية وبين تصوير مأساة الشعب الفلسطيني بلغة سينمائية يمكنها الوصول إلى البشر بمختلف أعراقهم وأجناسهم حول العالم.
وولد المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في يوليو 1960 في مدينة الناصرة، وعاش طفولته تحت الاحتلال الإسرائيلي وشهد التهام ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في عام
1967، قبل أن يتم اعتقاله قبل قوات الاحتلال، والضغط عليه للاعتراف بأنه أحد الأفراد المسلحين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية والمنوط بها تمثيل الشعب الفلسطيني في كل دول العالم.
وقرر سليمان الهجرة إلى بريطانيا ثم إلى فرنسا، ولكنه لم يستطع أن يقطع روابطه بوطنه، فعاد بين الفينة والأخرى، ولكن العودة هذه المرة كانت من أجل السينما
وبواسطتها أيضا، حيث بدأ عام 1990 وبينما كان سليمان يقيم في مدينة نيويورك، صناعة فيلمه الأول، وهو فيلم “مقدمة لنهاية جدال” ( Introduction to the End of an Argument ) الذي عاد من خلاله معنويا إلى وطنه.
وجمع الفيلم، بين مقاطع من المحتوى الإعلامي الغربي ضد العرب عموما والشعب الفلسطيني خصوصا من قنوات وأفلام غربية، وبين مقاطع حية من حياة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، عُرض الفيلم في مهرجان أتلانتا السينمائي وفاز بجائزة أفضل فيلم تجريبي.
النجاح الذي حققه دفع المخرج سليمان للعودة مؤقتا للقدس المحتلة ولكن هذه المرة ليؤسس قسم الأفلام والميديا في جامعة بيرزيت الفلسطينية الوطنية، ليجمع بين صناعة
السينما وبين تدريسها لأهل بلده. لكن طموحه لم يتوقف عند هذا الحد، فالقادم حمل ما هو أكثر.
و بدأ إيليا سليمان رحلته مع السينما الروائية عام 1996 من خلال فيلم “سجل اختفاء” الذي قام ببطولته أيضا هو وأسرته وأصدقاؤه، وفيه يعرض سليمان قصة عودته من أميركا إلى أرضه المحتلة، وكيف عومل هو وأسرته كأنهم بشر بلا وطن أو جنسية.
الفيلم الذي تميز بأسلوب أقرب للسينما التسجيلية، حيث جمع مجموعة مشاهد لحياة عشوائية بائسة مليئة بالمآسي، وكأن سليمان قرر أن يختبر مشاهديه حياة الشعب
الفلسطيني لبضع الوقت. فاز الفيلم في فينيسيا، كما جرى عرضه في ساندانس، لكن الأهم أن إيليا سليمان قد أسس به أسلوبه السينمائي الخاص.
وفي عام 2002 عاد إيليا سليمان وصنع فيلمه الروائي الثاني “يد إلهية” (Divine intervention)، وفيه استمر في صناعة سينماه الخاصة، من خلال فيلم يتحدث عن
رجل فلسطيني يحيا برفقة حبيبته في مدينة الناصرة، ويكافح لكي يراها تحت وطأة الاحتلال.
وأضاف المخرج الفلسطيني، لهذا الفيلم الكوميديا السوداء، التي دفعت العديد من النقاد لمقارنة أسلوبه بأسلوب الممثل والمخرج الأميركي باستر كيتون، وهكذا عُرض الفيلم
للمرة الأولى ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي، وفي النهاية استطاع سليمان أن يحصد من خلاله جائزة لجنة التحكيم بالإضافة لجائزة أفضل فيلم من الاتحاد الدولي لنقاد السينما.
وتدور أحداث فيلم “لا بد أن تكون هي الجنة” الذي حاز جائزة الاتحاد الدولي للنقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان، حول رجل فلسطيني يقوم بدوره إيليا سليمان، ولكن الرحلة هذه المرة هي رحلة الهجرة من أرض فلسطين المحتلة إلى أوروبا وأميركا.
ويبدو هذا الرجل مطاردا بالتهجير والطرد وعدم الاستقرار حتى في هذه الأرض الجديدة، كأن سليمان يرمز هنا إلى تيه إنسان العصر الحالي في الأرض، كما يعود مرة
أخرى ليؤكد أن مأساة الشعب الفلسطيني ليست فقط في أرضه المحتلة، ولكن في هويته التي سُرقت منه في كل أنحاء الدنيا.
وقال إيليا سليمان، لـ”نيويورك تايمز”، إن “هذا الفيلم هو أكثر أفلامه كوميدية حتى الآن، والدلالة الوحيدة لهذا أن العالم بالفعل في حالة مزرية للغاية”