“دار السلام”… تاريخ عريق لمدرسة “الفرنسيسكان”
تنتشر المدارس بكثرة في أحياء “دمشق” المتجاورة، ويحاكي اسم كل مدرسة وطرازها العمراني المرحلة التاريخية التي بنيت فيها.
“دير الفرنسيسكان” أو “مدرسة دار السلام”- كما أصبحت فيما بعد- تعد من أهم معالم “حي الشعلان”، الذي يعتبر باكورة الأحياء التي نظمت على أساس المخطط الفرنسي لدمشق خلال فترة الانتداب.
التقينا مع الراهبة “Micheline Cavron” “ميشلين كافرون” إحدى راهبات “Francis de Marie” “فرنسيس ماريا” في “دمشق” وإحدى مدرسات اللغة “الفرنسية” في مدرسة “دار السلام” خلال الفترة الممتدة بين الأعوام /1972/ و/1998/، والتي حدثتنا عن تاريخ هذه المدرسة بقولها: «يعود هذا البناء إلى عام /1925/ حيث بني على مراحل؛ القسم الأول منه– الذي يضم الباب الرئيسي- كان عبارة عن “دير للراهبات”؛ يحتوي على سكن للأخوات وكنيسة وميتم للأطفال، ثم توسع البناء شرقاً وغرباً ليلحق بالدير مدرسة ضمت قسمين داخلي وخارجي، وكان الطلاب من السوريين.
ظل الدير مرتبط بالمدرسة؛ يداران من قبل الراهبات إلى عام /1968/، حيث جرى تأميم المدرسة– كحال بقية المدارس الخاصة في سورية- وتم فصل المدرسة عن الدير، وأصبحت المدرسة تدار من قبل مديرية تربية في “دمشق”، أما الدير والكنيسة الموجودة فيه فبقيت “للراهبات الفرنسيسكان”».
الراهبة “ميشلين” ذكرت أن “مدرسة دار السلام” الخاصة ظلت إلى عام /1968/ تدرس المراحل الدراسية التي تبدأ من الحضانة إلى الشهادة الثانوية بالمنهاجين “السوري” و”الفرنسي”، والطلاب الذين يدرسون المنهاج بهاتين اللغتين يحصلون على الشهادتين “الاعدادية” و”الثانوية” من وزارة التربية “السورية” و”الفرنسية” على حد سواء، كما أن المدرسة التي أديرت من قبل الراهبات في السابق، ما تزال تستعين بخبرتهن إلى اليوم، خاصة فيما يتعلق باللغة الفرنسية وبعض المواد الأخرى.
وتابعت “الراهبة” قولها: «”دير الفرنسيسكان” في “دمشق” هو الدير الثاني في “سورية” بعد “دير الفرنسيسكان” في “حلب” الذي بني عام /1912/مـ, في أواخر عهد العثمانيين، حيث ضم “دير فرنسيسكان دمشق” أربعين راهبة عندما افتتح عام /1925/ ولكن عددهم الآن لا يتجاوز ست راهبات، ويوجد علاقات تعاون إلى اليوم تجمع المدرسة مع الراهبات اللاتي يتقن اللغة الفرنسية.
أما أنا فقد جئت إلى “سورية” عام /1956/ وتحديداً إلى “دير فرنسيسكان” في “حلب”، وبقيت هناك إلى عام /1967/، وفي عام /1972/ انتقلت إلى العيش في “سورية” مجدداً، وبالتحديد إلى هذا الدير، حيث أعمل إلى الآن، وخلال وجودي في الدير عملت مدرسة للغة الفرنسية في صفوف المدرسة ، وتقاعدت عام /1998/».
يقسم بناء “مدرسة دار السلام” إلى أقسام تضم المراحل التعليمية المتعاقبة من الروضة إلى الثانوي، وتنحصر الدراسة في المرحلتين الاعدادية والثانوية بالإناث، وهي مكونة من ثلاث طوابق أساسية، وسكن علوي للطالبات، ويمكن تمييز البناء الأصلي والأقسام التي ألحقت به فيما بعد من أجل التوسع، ورغم الانفصلال بين المدرسة والدير إلا أن الكثير من الأبواب والغرف ماتزال متداخلة بشكل توءمي فيما بينهما.
المدرسة تضم /47/ صفاً لكافة المراحل التعليمية، وتضم حوالي /2000/ طالب وطالبة، معظمهم من المرحلة الابتدائية، وهي من المدارس الخاصة ولكن بإدارة حكومية– تسمى المدرسة في هذه الحالة “مدرسة مستوى عليا”-، و”مدرسة دار السلام” من المدارس المتفوقة عبر تاريخها في دمشق، وعن التفوق تحدثت الكيميائية “لمى محمد” إحدى طالبات “الفرنسيسكان” والتي بدأت بقولها: «درست في مدرسة “دار السلام” المرحلتين “الاعدادية” و”الثانوية”، والمدرسة تعتبر بحد ذاتها تحفة عمرانية، واعتقد أنه من الجميل أن تكون المدرسة التي يتربى بها الطالب أو الطالبة تحمل قيماً تاريخية وعمرانية أصيلة».
وختمت ” الراهبة “ميشلين” حديثها بالإشارة إلى مصدر أسم المدرسة وعن ذلك أخبرتنا: «يعود اسم “دار السلام” إلى “رهبان الفرنسيسكان” الذين سموا هذه المدرسة نسبة إلى القديسة “جان دارك” (بالفرنسية: Jeanne dArc)، المقاومة الفرنسية التي استطاعت تحرير مدينة “أورليانز” الفرنسية من براثن الاحتلال الانكليزي عام /1429/مـ، وأحرقت حية بقرار من محكمة الاحتلال وهي في /19/ من عمرها، وقد تم إعطاؤها لقب قديسة عام /1920/مـ والتي كانت دائما محبة للسلام
نقلاً عن موقع esyria
,,, ماهر دنان