“يارا الشيخ علي” سوريّة سبقت روائيين عالميين
الاثنين 22 كانون الأول 2014م- السويد – باليرمو
من قريتها الجميلة “حمين” في محافظة “طرطوس” إلى دولة “السويد” رحلة طويلة شقت طريقها فيها بهدوء وثقة لتصبح اليوم إحدى أصغر الروائيات في العالم العربي، وتترشح للعديد من الجوائز الدولية.
غلاف الفستان |
ولدت الكاتبة الصغيرة “يارا مدحت الشيخ علي” عام 1999، وكتبت الشعر في الخامسة من عمرها، استمرت في هوايتها تلك وسط تشجيع الأهل، فانضمت لكتاب القصة القصيرة وهي في الحادية عشرة، واليوم تجهز هذه القصص لتكون مجموعة مطبوعة ستصدر قريباً.
في لقاء عبر الإنترنت والواقع مع عائلة “يارا” التي تعيش الآن في “السويد”، في حين يعيش بعض أقرباء والدها في “بسنادا” (اللاذقية) ، تحدثت لنا والدتها الكاتبة “نبيلة علي” عن آخر أخبار “يارا” ابنتها فقالت في حديث مع مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 11 كانون الأول 2014: «تم ترشيح “يارا” للحصول على جائزة أفضل أصغر كاتبة روائية عربية في العالم (فئة 8 إلى 20 سنة)، وهذه المسابقة برعاية وتنظيم المجموعة العربية The Arabs Group، وقد أقيم الحفل الختامي في مدينة “لندن”، وخلال المدة التي سبقت ذلك كان هناك نشاطات كثيرة على صعيد الطفولة وشؤونها».
شاركت في عدة نشاطات ثقافية عربية بعد أن تعذر وصولها إلى لندن لأسباب كثيرة، هي اليوم تستعد لإخراج أول فيلم قصير لها بعنوان: “صوت اللوتس” كتبت له النص والسيناريو وتصوره حالياً بنية المشاركة في مهرجان “باليرمو” قريباً.
كتبت عملها الروائي الأول بعنوان “الفستان”، وصدر الكتاب في شهر نيسان عام 2013 عن دار “الحوار” في “اللاذقية”، تقول “يارا” عن كتابها في حديث سابق مع المدونة: «تروي أربع حكايات لأربع فتيات منفصلة عن بعضها لكنها متصلة بخيط يربط بينها؛ إذ تنتقل إحدى البطلات من فصل لآخر، وتنتقل معها
بعض الشخصيات لإكمال دورها الروائي، وتحمل فصول الرواية أربعة عناوين لكل فصل منها بطلته؛ فالأول الندبة وبطلته ليزا، والثاني القلادة والبطة وبطلته ساندي، والثالث الحلم والبطة وبطلته مايا، والرابع دفتر المذكرات وبطلته كاميليا».
تبدأ أعمار الشخصيات الأربع في الرواية من أربعة عشر عاماً وحتى الأربعين، وتشاركن جميعهن ارتداء الفستان بلونه التفاحي الذي يرمز إلى الفرح والأنوثة حتى أصبح رمزا مهماً في العمل بكامله، وتقول “يارا” إن شخصيات الرواية لا تشبهها أبداً باستثناء البطلة في الفصل الرابع لكونها “كاتبة”.
كتبت “يارا” روايتها فعلياً في ثمانية أيام ككتابة فعلية، أما من ناحية الوقت العام والزمن الكلي فقد حصلت على حوالي الشهر، تقول: «حاولت خلال كتابتها تقسيم الوقت بين مدرستي وأسرتي ورفاقي وهواياتي التي أحب، وخاصة منها التلفاز والسينما والسباحة. وبالنسبة لي أكتب الفكرة من مخيلتي فلا أشعر بصعوبتها أو تعقيدها، ولكن الارتباط الوثيق فيما بين الأشخاص والفكرة العامة أمر نال مني الكثير من الجهد، فخلال الكتابة أدخل في حالة شخصية أخرى مختلفة عن شخصيتي الحقيقية التي تعيش كبقية أبناء جيلها في الخروج واللعب وممارسة هواياتها والدخول إلى “الفيسبوك” والاستماع إلى الموسيقا وخاصة عند الكتابة لما لها من تأثير إيجابي بنفسيتي، فتراني منفصلة عنها تماماً».
قامت خلال نفس العام بتوقيع كتابها في جمعية العاديات في “طرطوس” وتبرعت بعائد الكتاب إلى جمعية “نادي الرسم المجاني” في مدينة “طرطوس”، وحصلت من النادي على شهادة تقدير لها، كما قامت “يارا” قبل سفرها بمناقشة الرواية
يارا الشيخ علي العام الماضي |
في ندوة أقامها “ملتقى بانياس الثقافي”، والإجابة عن الأسئلة التي تم طرحها في الملتقى بعد الانتهاء من المدخلات التي تقدمت لقراءة الرواية بشكلها النقدي والفني والأدبي، كما قالت والدتها.
كتبت فيها الإعلامية “سوزان الصعبي” قائلة: «قدرة الكاتبة على رسم حياة أربع إناث وحياكة لقاء ما أو وعد باللقاء والبقاء على نفس الصدق والمثابرة والمحبة نقطة مهمة في هذه الرواية، التي وإن بدا فيها شيء من التأثر بالأجواء الخيالية لأفلام الأطفال العالمية كموضوع فقدان كل العائلة وموضوع التصدي للعصابات، لكن ذلك خدم هدف قدرة الأنثى على البدء من جديد حتى ولو فقدت كل من تحب».
تدور أحداث “الفستان” في فضاء غريب يختلف عن المجتمع السوري، لكنه يشبه إلى حد كبير المجتمع السويدي الذي تعيش فيه حالياً، فهي تعيش مع أسرتها منذ وقت في السويد، وقد تمكنت من التأقلم مع ذلك المجتمع وتشارك فيه وتندمج مع مختلف أنواع النشاطات هناك، تقول “يارا”: «في عام 2013 اشتركت بمعرض عن المرأة وحقوقها وقدمت مداخلة باللغة الإنكليزية مع مجموعة “girls globe”، وأيضاً في لوند (السويد) في اليوم العالمي لحقوق الطفل، قدمت مداخلة عن حقوق الأطفال بالتعلم وحقهم بالحياة نحو الأفضل، كما شاركت في احتفالية “euro vision” مع فرقة المدرسة، وذلك بكتابة كلمات الأغنية باللغة الإنكليزية والمشاركة مع الكورال بالغناء أيضاً؛ وذلك في ساحة المدينة “جوستاف”».
يعمل والد “يارا” مهندساً متنقلاً بين “سورية” و”الإمارات” وأوروبا، وقد استقر به المقام حالياً في السويد، وهو قارئ
من تصوير “صدى اللوتس” |
ممتاز كما تصفه “يارا”، وفي مغتربها الراهن لم تترك “يارا” الكتابة ولا نظن أنها ستفعل فهي تجري في دمها، وقد اقتحمت عالماً صعباً يحتاج إلى أعصاب قوية وذاكرة فولاذية للعمل فيه هو الرواية، دون أن تنتظر أن تصل إلى ما يسميه بعضهم “عمر النضج” فبسقت بذلك الروائية الفرنسية “فرانسوا ساغان” حين تقدمت وهي في السابعة عشرة بمخطوط عملها الأول “صباح الخير أيها الحزن” للناشر الذي نظر إليها ساخراً قبل أن يقرأ العمل، وينشره من ثم ليصبح علامة كبرى لدار النشر خاصته.