أكتوبر 18, 2018 م
“المير طارق آل ناصر الدين”.. يقول ما قيل سابقا: “أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان”
حاوره: دارين حوماني*
* انتمي للعروبة.. والايدولوجيا انتقاء!..
* وضع الأدب العرب لا يختلف كثيرا عن الوضع السياسي العربي!.
* الناثر العظيم ليس أقلّ شأناً من الشاعر العظيم!.
هو الشاعر الملتزم بالعروبة، العاشق لفلسطين وللمقاومين وللشهداء الراحلين على طريق فلسطين.. يكتب بجرأة وبإصرار نفسي عن القضايا الكبيرة التي تخلى عنها الكثيرون، جعل من أحبابه قصائد خالدة تتدفق بالموسيقى، يرتجل الشعر بشغف بالغ وبسطوة جمالية تضعك أمام إبداع مزمن لشاعر يمكن إيجاز حزنه في إحدى قصائده الرائعة يقول فيها:
أمرونا أن نقف دقيقة صمت إجلالاً للشهداء وقفنا لكن الصمت تمدّد فينا عشر سنين
حتى نبهنا صوت الأسرى والأطفال بأن القدس على مرمى حجر أو سكين..
هو المير طارق آل ناصر الدين من مواليد العام 1943 من قرية كفرمتى، أحد الأعضاء التأسيسيين لإتحاد الكتّاب اللبنانيين، مسؤول الشؤون الثقافية في المؤتمر الشعبي اللبناني، مستشار الحركة الثقافية في لبنان، ومدير تحرير مجلة “مقاربات”، صدر له ما يزيد عن ثمانية دواوين شعرية انطلاقا من ديوانه الأخير “حب وحب”.
* بدايةً من ديوانك الشعري الأخير “حب وحب”، هو حب العروبة، أحبابك الذين رحلوا على طريق العروبة، فلسطين، الخالدون، ثم حب على جدار القلب، ما كان قصدك من هذا التجمّع الهائل من الحب في كتاب واحد؟
– من يحاولون تجزئة الحب كمن يعملون على تجزئة الذرة لإنتاج قنابل الدمار الشامل للإنسان والطبيعة. قصدي واضح: أنا لا أستطيع أن أحب امرأة بدون أن أحب الأرض التي تمشي عليها والبيت الذي تأوي إليه، واللغة التي أناجيها بها، والشجرة التي تقف تحت ظلالها والنهر الذي تشرب منه.
* في زمن اللاالتزام بالقضايا الكبرى، يأتي نبض المير طارق آل ناصر الدين بأفقه السياسي البعيد وانتمائه إلى القومية العربية وبإنسانيّته المرهفة مجدّداً لكل ما كتب قبل “حب وحب” فهل يختلف كتابك الأخير “حب وحب” عن ما سبقه في مكان ما؟
– العروبة ثقافتي وأحلامي وانتمائي الوحيد.. كل قديمها يتجدّد، وجديدها موجود في الزمان والمكان والإنسان. كل بيت شعر أكتبه هو جديد لديّ، وكلمة “لديّ” تعني أيضاً الذين يشاركونني لغتي وهمومي وأفراحي. وما دام للقصيدة موضوع جديد وشكل جديد وكلمات جديدة فهي بالطبع مختلفة عن سابقاتها، أما من يفسّرون الجديد أنه بحث عن إنتماء آخر أو لغة أخرى أو هلوسات غير مفهومة فهم فئة أخرى من مدّعي الشعر لا أنتمي إليهم ولا ينتمون إليّ.
* الأنا الخاصة ب”الشاعر” ناصر الدين تتداخل مع الأنا “القومية العروبية” دائماً، هل هذا تذكير مستمرّ للمتلقي أن يعيد صياغة تفكيره في اتجاه معيّن، وألا تخاف من اتهامك بالإيديولوجيا الشعرية؟
– أنا أنتمي تحديداً إلى العروبة، والانتماء قدر وخير لا فكاك منه أما الإيديولوجيا فهي انتقاء، يستطيع الإنسان أن يغيّر انتماءه ولا يستطيع أن يغيّر انتماءه.. أما من يتهمني بذوباني في اللغة العربية وآدابها وعشقي لبلاد العرب ومستقبل العرب فاتهامه دليل دامغ على أصالتي وخيانته.
* في زمن انتشار قصيدة النثر وما قد يسمّى قصيدة نثر، على كل المواقع وفي كل الجرائد بتشجيع وتكريس من مسؤولي الصفحات الثقافية، ما هو تقييم المير طارق ناصر الدين الملتزم بالشعر الموزون والمقفّى بهذه الظاهرة؟
– الجواب مكتوب في مقدّمة ديواني الشعري “تابعوا موتنا” (ص.7) عندما تكون إيقاعات التفعيلة العربية وجرس حروفها غير ضرورية للشعر العربي تكون الآلات الموسيقية غير ضرورية للموسيقى وتكون الألوان غير ضرورية للرسّام، لماذا يريدون تغيير العلاقة الطبيعية بين النسيم وأوراق الشجر؟ الناثر العظيم ليس أقلّ شأناً من الشاعر العظيم، أمّا الناثر السيئ فهمّه الأوحد أن يكتسب بالقوة أو بالتراضي لقب شاعر وهكذا تصبح الألقاب هي الغاية ويستمرّ الشعر في هبوطه المخيف.
* هل تعتقد أنّ القارئ بات يشارك في إنتاج النص، وإلى أيّ مدى تفكر في المتلقي عند كتابة نصك؟
– عندما تنتهي القصيدة لديّ أكتشف أنّني أنا المتلقي الأول لهذه القصيدة، فالمتلقي دائماً يكتب لي وأنا جزء من الناس في همومهم وأفراحهم.. أراد المحتل لأرضنا وثقافتنا أن يقطع العلاقة بين الشعر (ديوان العرب) وبين قرّائه وعشاقه وناقليه بإسم “الحداثة”، والحداثة الحقيقية بريئة من كل ما تركها المحتل ومن كل ما سيقوم به مستقبلاً من جوائز وحوافز وإغراءات.. الشعراء هم الأسماك الجميلة السابحة والناس هم البحار التي يسبحون بها، فهل يوجد سمك بدون بحر؟ وهل يغرّد كنار بدون شجرة يقف عليها وغابة تستره عن أعين الصيّادين؟ أم أن المطلوب برأي الاحتلال الثقافي أن يكون الشاعر إنساناً بلا إنسانية؟…
* بصفتك مارست دوراً رئيسياً في إتحاد الكتّاب اللبنانيين، ما هو الذي لم ينجزه الإتحاد وكان يجب إنجازه، وما هو السبب الحقيقي وراء ابتعاد عدد من الأدباء والشعراء المكرّسين عن إتحاد الكتاب ورفضهم الانتماء له؟
– لم ينجز الإتحاد واحداً من أحلام العاملين من خلاله والأسباب أكثر من أن تحصى، منها أن الدولة اللبنانية الحالية هي العدوّة الأولى للكتّاب والمبدعين، ومنها أن قصور المتعاقبين عليه عن إدراك ماهية العمل النقابي، ومنها الحروب الداخلية المتواصلة في بلادنا، وليس آخرها سلبية عدد من الأدباء والشعراء المكرّسين والاكتفاء بلعن الظلام دون أن يضيء أحدٌ منهم شمعة واحدة..
* أنتم من مؤسّسي مجلة “مقاربات” التي تصدر عن الحركة الثقافية في لبنان، هل تخبرنا عن الأسباب والأهداف لإصدار مجلة بهذا البعد الثقافي وسط الكمّ الهائل من الصحف والمجلات الورقية والإلكترونية والمواقع الإلكترونية وهل هناك احتمال لعدم استمرارها؟
– إنّ الفوضى الإلكترونية الشاملة في الصحف والمجلات لا تستثني الجادّين من أصحاب الأقلام في التجمّع والنشر.. ولن نتوقف عن إصدار “مقاربات” طالما كان قراؤها الكثيرون في حاجة لها.. أمّا “مقاربات” الورقية فالسبب في إيقافها الحالي هو السبب نفسه عن إيقاف صدور معظم الصحف والمجلات.. سبب مادّي لا غير..
* من خلال إطلاعك على تجارب أدبية مترجمة ما هو تقييمك لوضع الأدبي العربي في خريطة الأدب العالمي؟
– لا يختلف وضع الأدب العربي كثيراً عن الوضع العربي السياسي.. متعثّر ومتناقض ومتصارع، تابع لا متبوع، ومفعول به وليس بفاعل، والأفضل أن نُمحى عن هذه الخريطة من أن نكون نقطة سوداء عليها..
* الإعلام العربي بكل مكوّناته تتمّ مصادرته من قبل الإعلام الغربي على حساب الهوية الثقافية العربية، هل يرى المير طارق ناصر الدين أن ثمّة إنزياح ثقافي يصيبنا جميعاً في لاوعينا وكيف ترى المستقبل اللبناني والعربي ثقافياً؟
– عندما أتت نقابة الصحافة منذ أكثر من خمسين سنة لتهنئة الصحافي شارل حلو لفوزه برئاسة الجمهورية قال لهم: “أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان”.. أما اليوم فقد أصبح لبنان لدى معظم الإعلاميين وطنهم التاسع أو العاشر.. إنه انزياح ارتزاقي سرعان ما يصبح زبداً وإن المستقبل هو الذي يمكث في أعماقنا ولن ينزاح..
* الرواية، القصة، السينما والفنون الأخرى كلها حكت حكاية لبنان، هل حكى الشعر ما يجب أن يُحكى؟
– يجب التفريق بين الشعر والقصيدة، فإذا أصاب القصيدة وهنٌ كبير فالشعر لا يضعف أبداً، إنه كالهواء يتسرّب الى كل الفنون فيعطيها قبل أن يأخذ منها. لا رواية ناجحة بدون شطحات شعرية بين نصوصها وعلى لسان أبطالها، ولا سينما متفوقة بدون خيال شعري جامح، ولا لوحة خالدة لا يقف وراءها قلب شاعر، إن الشعر أوسع بكثير من شكل القصيدة وله مع كل فن أسلوب جديد.
*كاتبة لبنانية
المير طارق ناصر الدين شاعر يحلق في دنيا القصيدة منذ ما قبل ولادته .وهاقد ولى زمن وما زال الشعر لعبة بين يديه ، تجالسه فيطربك نغما ،ولا اجمل ويدهشك بسرعة خاطره . وتتساءل عجيب من اين يحضر الصورة الشعرية؟ .اخاله مثل الساحر الذي يستل الارنب من قبعته ،وحرام والف حرام ان نستمع اليه دون ان نسجل ما تفوح به قريحته ، جاء اليوم وزودنا بحبه العذري, واطال في الشرح ,يعترف ان مذهبه له اتباع كثر . المهم بنظره ما بقي من العمر..
صباح الموهبة.
الشاعر طارق آل ناصرالدين
Hussein Hassoun
Naim Talhouk
Elias A. Atrouni