مصورو ديالى / حفظوا تراثها من الزوال
بعقوبة / المدى
في أربعينيات القرن المنصرم اقتطع صاحب محل أحذية باتا في بعقوبة المرحوم عبد الجبار المقصود، الذي كان المصور الخاص لدائرة المعارف أيضاً، جزءاً من محله وخصصه للتصوير الفوتوغرافي حيث أدخل للمرة الأولى الكاميرا ذات المنفاخ لغرض التصوير داخل المحل، إلى جانب قيامه بتأجير كاميرات (البوكس) للزبائن، وكان يعلمهم كيفية استخدامها.
هذا ما يقوله رئيس فرع ديالى للجمعية العراقية للتصوير صباح الأنباري وهو يحكي عن بدايات نشوء هذا الفن في المحافظة، ويضيف:
– بعد ذلك التقى أخ لعبد الجبار المقصود اسمه محمد بشاب يهتم بالفنون التشكيلية اسمه عزيز الحسك الذي غدا فيما بعد فناناً له شهرته، وعلمّه أسرار فن التصوير ففتح الحسك صالة أسماها (ستوديو عزيز). وفي ذلك الوقت لم يكن من الممكن الاعتماد على التصوير الفوتوغرافي مصدراً وحيداً للرزق فكانت محال التصوير أجزاءً من محال أخرى فاستوديو المقصود كان أيضاً محلاً لبيع الأحذية وستوديو عزيز كان أيضاً محلاً لبيع الفضيات، وستوديو الأمل كان محلاً للخياطة.
وعمّن حوّل التصوير من مهنة مجردة إلى فن وإبداع يقول الأنباري:
– اعتقد أنه عزيز الحسك، لكنه لم يستمر في مجال الفوتوغراف بعد أن طغى عليه هم الفن التشكيلي إلى أن غادر العراق إلى وراشو لدراسة الفن في أكاديميتها بعد أن نقل خبرته وأسرار فن التصوير إلى المرحوم علي مطر، وكان ذلك في عام 1956. علي مطر كان فناناً متعدد المواهب ومحباً للسفر والترحال.. كان يكتب الشعر العمودي والأهازيج والحسينيات والغناء والحداء. وقد اشترى (استوديو عزيز) وغيرّ اسمه إلى (ستوديو الأمل) وكان مطر أول من أدخل في ديالى وبشكل فني أعمال الرتوش على الألواح الحساسة (Cat film) في التصوير الفوتوغرافي فأنتج أعمالاً في (البورتريت) أشهرها كان بحجم 1500سم × 3000 سم وكانت الصورة لطلفة جميلة العينين فأجرى مسابقة طالباً أفضل تعليق عليها فتهافت لرؤيتها أهالي بعقوبة مبهورين.
بعد افتتاح صالة الأمل بوقت قصير قام المرحومان عبد الودود عبد الهادي وجميل اللامي بافتتاح صالة (ستوديو الوفاء) وكان جزءاً من محل خياطة الوفاء، ولم يمض وقت طويل حتى استقلت الصالة عن محل الخياطة، وقد وجه اللامي اهتمامه نحو اللقطة الخارجية (أي خارج الاستوديو) وأبدع لوحات صور حياة أهالي ديالى فيها.
أما (جمعية التصوير الفوتوغرافي في العراق) التي تأسست في عام 1974 فأسسها المصور المبدع سامي النصراوي وعدد من المصورين، وقد تنافس مصورو بغداد وديالى على مقاعدها الانتخابية. وبعد فوز المصور المبدع جاسم الزبيدي برئاسة الجمعية، تأسس أول فرع للجمعية في العراق في محافظة ديالى. وكانت هيأته التأسيسة مكونة من (نهاد مسعد، وعبد الهادي محمد وسمير هادي وعبد المهدي محمد، وفلاح مسعد، وسعدون شفيق وناظم الجبوري وحسن عبد علي وعلي حسين علوان وعبد الحسين عيسى وصلاح محمد).
بعد تلك المرحلة كانت هناك مرحلة الإبداع التي قادها الفنان المبدع أكرم الخزرجي، وهو واحد من المجايلين لمرحلة الرواد وقد أسس أول صالة خالصة للتصوير أطلق عليها اسم (ستوديو الأندلس). وتعد الكاميرا جزءاً لا يتجزأ من كيان الخزرجي الذي هو عاشق أبدي لمهنته. أما المصور الفنان عدنان حسين مطر فهو واحد من القلائل الذين زاوجوا بين المعرفة النظرية والخبرة العملية، وقد قدم حصيلة تلك المزاوجة على شكل محاضرات ألقاها في التلفزيون التربوي عام 1979، وفضلاً عن التصوير الفوتوغرافي برز في تصميم البوسترات معتمداً الكولاج أساساً في تشكيل مادتها المرئية.
هؤلاء الرواد كان لهم الفضل في إرساء قواعد التصوير الفوتوغرافي في ديالى حرفةً وفناً إبداعياً.