الخطاط ساهر الكعبي ( رام الله )
يمسك ساهر الكعبي ريشته بأناقة. يبدأ في كتابة الشعر، والآيات القرآنية والأسماء. كل ما يجول في خاطره يجسده لوحة فنية بحروف اللغة العربية. والكعبي ليس خطاطاً فقط، فهو حاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة بيرزيت في مجال المسوحات الاقتصادية والأبحاث الميدانية، وذلك قبل أن يُعيّن أستاذاً في جامعة القدس لتدريس الخط العربي.
مهنة الخطاط “مش جايبة همها”، يقول الكعبي لـ “العربي الجديد”. ويشرح “لا يوجد اهتمام في فلسطين بهذه المهنة، إذ لا يوجد في فلسطين سوى خمسة خطّاطين محترفين. هؤلاء يعرفون جيداً قوانين الخط وتقنيات التخطيط، وينافسون الخطاطين في الخارج. لكننا نعاني من عدم وجود إطار رسمي يجمعنا كملتقى أو جمعية تحمل اسم مهنتنا”.
المهنة من الصغر
ساهر الكعبي شقيق لستة أخوة وثلاث أخوات. يلفت إلى أن “الحياة في المخيمات في فلسطين تثقل شخصية ساكنيها، وتدفعهم للاعتماد على أنفسهم”. ويضيف “عملت في سن مبكرة حتى التحقت بالجامعة. وكنت أساعد أسرتي وعائلتي الكبيرة، فاعتمدت على نفسي منذ الصغر حتى تخرّجت. وواقعنا زادني إصراراً على إكمال الماجستير في الاقتصاد. كما عشت سبع سنوات في بغداد، حيث درست الخطوط العربية، وحصلت على إجازة في المهنة التي اعتبرتها تذكرة مرور للتدريس في إحدى أكبر جامعات الوطن، وهي جامعة القدس”.
يستدرك الكعبي ويقول “كنت في الثانية عشرة من عمري، عندما بدأت أكتب بعض اللوحات في المدرسة لزملائي وللإدارة وللحُجّاج. كان المدرسون يقولون إن خطي جميل جداً، وكذلك زملائي في الصف، ووجدت تشجيعاً من الجميع، وأصبح اسمي متداولاً بين الطلاب”.
يتابع الكعبي “كرّست وقتي منذ ثمانية أشهر لكتابة مسوّدة المصحف الشريف. إذ إنني لم أعمل أي شيء إلا بروفات المسودة، ولم أعرف حتى اللحظة المسودة التي ترغب بها اللجنة المنبثقة عن وزارة الأوقاف الفلسطينية لوضع الخطة النهائية لشكل القرآن الذي سأكتبه. وكل ذلك سيكون بانتظار أن يقرّ الأزهر الشريف الخطة والمسودة”.
الكعبي الذي حالفه الحظ بأن يكتب مصحف “المسجد الأقصى” يعبّر عن تذمّره من عدم اهتمام المؤسسات الرسمية والشعبية في فلسطين بمهنة الخطاط. ويقول “مهنتنا لا تلقى أي اهتمام، إذ نعاني من التقصير الرسمي الفعلي. وإضافة إلى ذلك يوجد عدد كبير من الدخلاء على المهنة، وهؤلاء للغرابة، يعملون أكثر منّا”.
ويستغرب الكعبي من عدم اهتمام المؤسسات الرسمية والشعبية بمهنة التخطيط. ويلفت إلى أن “مهنة الخطّاط ليست كأي مهنة اخرى إذ لا تشكّل مصدرا للدخل، بعكس ما هو عليه في الدول المجاورة”.
ويشارك الكعبي في العديد من المعارض العربية والعالمية. وقد كتب جزءاً في مصحف دبي، إضافة إلى مصحف الشام في عام 2006، وهو أكبر مصحف في العالم. ويلفت إلى أنه “أريد أن أجعل من نسخة “مصحف المسجد الأقصى” تحفة فنية إذ إنني سأقوم بكتابته على ثلاث مراحل لمراعاة التوزيع وإعطاء صفة الخصوصية الفلسطينية في الفن والزخرفة التي ستكون في الحاشية المخصصة لذلك”.
ويشرح الكعبي إن “إنجاز عمل مثل مصحف المسجد الأقصى، يحتاج منّي كخطّاط إلى الانعزال لفترة طويلة قد تصل إلى ثلاث سنوات تقريباً، حتى يتسنى لي الانتهاء من العمل وأن يكون كما يجب”.
ويضيف، بدأت في كتابة مسودة المصحف بريشة من القصب العادي الذي لا يكلّف شيئاً، إذ إن بعض الخطوط يحتاج إلى أقلام بتكاليف عالية لم أحتجها في كتاباتي، سواء في كتابة القرآن أو في منحوتة كلمات الشاعر محمود درويش التي وضعتها في متحفه في مدينة رام الله.
مصحف فلسطين (مصحف المسجد الأقصى)سيكون لفلسطين مصحف خاص بها..