“أحمد الخالدي” فنان تشكيلي عراقي أصيل الديوانية درس أصول الفن منذ سن الرابعة وهو يعيش في منطقة شعبية حينها معدمة يسيطر عليها الفقر المدقع وجميع أنواع اللاإنسانية من جوع وألم وظلم وإستبداد وإنعدام للحريات…
ينحدر الخالدي من عائلة فقيرة أنذاك ، ربما ذاك ما أعطاه شحنة نفسية في المقاومة والتحدي. دخل مجال الفن من الباب الكبير حيث إشتغل في بيع وشراء وتثمين اللوحات علاوة على أعماله الشخصية التي كان يعطيها كامل وقته اليومي.
إن الخالدي مثله مثل أغلب الفنانين يتوق إلى الطبيعة وما فيها من إلهام بعيدا عن صخب المدينة وضوضاءها.
تأثر الفنان بالواقعية التجريدية رغم أنه في حركية دائمة فلا ينحصر عمله في مدرسة معينة فتجده دائم البحث والتجريب في المدارس كلها حتى يهدي للمتلقي كل ما يختلجه من إحساس مرهف بشتى الطرق الفنية التي لا تتميز الواحدة فيها عن الأخرى ولا يجمعهم إلا الجمال والبحث المعمّ في الإنسان والوجود.
وأنا أتجول في ثنايا بسيكولوجية الفنان وجدت نفسي أحث خطايا لقراءة إحدى لوحاته التي لا أشك أنها ستأخذني إلى عالم الإنسانية الحق بعيدا عن الميتافيزيقيا وفلسفتها التائهة وكل ماهو ميثولوجي أسطوري خرافي…
منذ الوهلة الأولى أبهرتني لوحة تحمل عنوان “حياتنا أشبه بالرحلة الورقية” وهو عمل تجريدي رمزي إعتمد فيه الفنان تقنية الزيت على القماش ، يبرز فيها منذ النظرة الأولى شخص يسافر عبر البحر وذلك بإستعمال رمز الإنسان ببعض الإيحاءات واللون الأزرق الطاغي الذي يرمز للبحر.
أما النظرة الثانية وبعد تدقيق معمق في تفاصيل اللوحة رسم الخالدي البحر بكل وضوح بتموجاته وتدرجاته اللونية من الشاطئ إلى الأعماق ثم نلحظ أن السفينة الورقية مثل تلك التي نصنعها عند الطفولة لا معنى لها ولا رمزا وشكلا أما مضمونا فالسفينة رمز تاريخي قديم أستعملت في التجارة والترحال والحروب يركبه شخص يحمل اللون الترابي وفبه رمز لتشبث الفنان بأرضه التي تعيش حروبا وغيابا بارزا لأبسط معاني الإنسانية ويجعل من جانبه الأيسر يختلط باللون الأزرق وكأن الفنان وأرضه في ذهاب نحو الغرق ولا ريب وهي رحلة ورقية في أعماق البحار ثم يطوقه بخطوط محكمة منها تكميم الفموفيه رمز لإنعدام الحريات والتعبير وما عاناه الفنان من هرسلة للإنسانية وما تحمله من مشاعر وفكر ثم طوّق عين وجعل الأخرى كما هي وفيه يكاد يقول الفنان عش وكأنك لا ترى شيئ في هذا البلد، أما العين المفتوحة فهي بصيص الأمل الذي يحمله الفنان ورؤيته المستقبلية وإنفتاحه عن العالم الأخر.
إعتمد نفس الطريقة في الثياب وفيه إيحاء إلى أن الفنان سجين داخل ذاته.
يحمل هذا المسافر على سفينته تفاحة حمراء تسدل منها أوراق خضراء وكأنه يقول أنا أحمل الحياة والجمال للعالم الأخر خاصة وبعد رفض قبول منحه تأشيرة الدخول إلى أغلب البلدان العربية ولا يخفانا أن العراق يمر بإضطرابات كبيرة.
في أسفل اللوحة تظهر لنا خطى هذا المسافر أو بالأحرى الفنان في حد ذاته وهو يتحول إلى سفينته أو أنه يلمّح إلى رفض سفره حتى برا ثم يقول ها قد تركت أثري وأنا أرتحل نحو المجهول وبجانب الخطى على اليسار جواز سفر لدولة العراق ملقى تحت الماء وذلك يتجلى في ظهور تموجات فوقه وهنا يفقده الفنان كل رمزيته ومعناه فأصبح لا يمثل شيئ ولاحاجة له به بعد كل ذلك الألم والخيبة التي لقيها من أغلب الدول العربية التي حاول قصدها.
لوحة غاية في الروعة تحمل رموزا إنسانية كبيرة تندرج ضمن المدرسة الرمزية وهي ما بعد الإنطباعية حيث يعتمد مبدؤها على ترميز الأشياء من خلال اللون والحالة ويمكن إعتبار الفنان أحمد الخالدي قد أبدع في هذا الطرح وقدّم لنا كل ما يمتلكه من إحساس فيّاض ومرهف ليقدملنا محاضرة سوسيولوجية إنسانية.
©قراءة الفنانن التشكيلي التونسي #نبيل_بالحاج
ينحدر الخالدي من عائلة فقيرة أنذاك ، ربما ذاك ما أعطاه شحنة نفسية في المقاومة والتحدي. دخل مجال الفن من الباب الكبير حيث إشتغل في بيع وشراء وتثمين اللوحات علاوة على أعماله الشخصية التي كان يعطيها كامل وقته اليومي.
إن الخالدي مثله مثل أغلب الفنانين يتوق إلى الطبيعة وما فيها من إلهام بعيدا عن صخب المدينة وضوضاءها.
تأثر الفنان بالواقعية التجريدية رغم أنه في حركية دائمة فلا ينحصر عمله في مدرسة معينة فتجده دائم البحث والتجريب في المدارس كلها حتى يهدي للمتلقي كل ما يختلجه من إحساس مرهف بشتى الطرق الفنية التي لا تتميز الواحدة فيها عن الأخرى ولا يجمعهم إلا الجمال والبحث المعمّ في الإنسان والوجود.
وأنا أتجول في ثنايا بسيكولوجية الفنان وجدت نفسي أحث خطايا لقراءة إحدى لوحاته التي لا أشك أنها ستأخذني إلى عالم الإنسانية الحق بعيدا عن الميتافيزيقيا وفلسفتها التائهة وكل ماهو ميثولوجي أسطوري خرافي…
منذ الوهلة الأولى أبهرتني لوحة تحمل عنوان “حياتنا أشبه بالرحلة الورقية” وهو عمل تجريدي رمزي إعتمد فيه الفنان تقنية الزيت على القماش ، يبرز فيها منذ النظرة الأولى شخص يسافر عبر البحر وذلك بإستعمال رمز الإنسان ببعض الإيحاءات واللون الأزرق الطاغي الذي يرمز للبحر.
أما النظرة الثانية وبعد تدقيق معمق في تفاصيل اللوحة رسم الخالدي البحر بكل وضوح بتموجاته وتدرجاته اللونية من الشاطئ إلى الأعماق ثم نلحظ أن السفينة الورقية مثل تلك التي نصنعها عند الطفولة لا معنى لها ولا رمزا وشكلا أما مضمونا فالسفينة رمز تاريخي قديم أستعملت في التجارة والترحال والحروب يركبه شخص يحمل اللون الترابي وفبه رمز لتشبث الفنان بأرضه التي تعيش حروبا وغيابا بارزا لأبسط معاني الإنسانية ويجعل من جانبه الأيسر يختلط باللون الأزرق وكأن الفنان وأرضه في ذهاب نحو الغرق ولا ريب وهي رحلة ورقية في أعماق البحار ثم يطوقه بخطوط محكمة منها تكميم الفموفيه رمز لإنعدام الحريات والتعبير وما عاناه الفنان من هرسلة للإنسانية وما تحمله من مشاعر وفكر ثم طوّق عين وجعل الأخرى كما هي وفيه يكاد يقول الفنان عش وكأنك لا ترى شيئ في هذا البلد، أما العين المفتوحة فهي بصيص الأمل الذي يحمله الفنان ورؤيته المستقبلية وإنفتاحه عن العالم الأخر.
إعتمد نفس الطريقة في الثياب وفيه إيحاء إلى أن الفنان سجين داخل ذاته.
يحمل هذا المسافر على سفينته تفاحة حمراء تسدل منها أوراق خضراء وكأنه يقول أنا أحمل الحياة والجمال للعالم الأخر خاصة وبعد رفض قبول منحه تأشيرة الدخول إلى أغلب البلدان العربية ولا يخفانا أن العراق يمر بإضطرابات كبيرة.
في أسفل اللوحة تظهر لنا خطى هذا المسافر أو بالأحرى الفنان في حد ذاته وهو يتحول إلى سفينته أو أنه يلمّح إلى رفض سفره حتى برا ثم يقول ها قد تركت أثري وأنا أرتحل نحو المجهول وبجانب الخطى على اليسار جواز سفر لدولة العراق ملقى تحت الماء وذلك يتجلى في ظهور تموجات فوقه وهنا يفقده الفنان كل رمزيته ومعناه فأصبح لا يمثل شيئ ولاحاجة له به بعد كل ذلك الألم والخيبة التي لقيها من أغلب الدول العربية التي حاول قصدها.
لوحة غاية في الروعة تحمل رموزا إنسانية كبيرة تندرج ضمن المدرسة الرمزية وهي ما بعد الإنطباعية حيث يعتمد مبدؤها على ترميز الأشياء من خلال اللون والحالة ويمكن إعتبار الفنان أحمد الخالدي قد أبدع في هذا الطرح وقدّم لنا كل ما يمتلكه من إحساس فيّاض ومرهف ليقدملنا محاضرة سوسيولوجية إنسانية.
©قراءة الفنانن التشكيلي التونسي #نبيل_بالحاج