“خورشيد علي”… زند “البزق” يخرج من جسمه
الثلاثاء 29 أيار 2012م -القامشلي
تربطه علاقةٌ حميمية بآلة “البزق” التي أحبها منذ طفولته المبكرة؛ فأعطاها كل وقته حتى باتت مداعبة الأوتار جزءً من حياته اليومية؛ ومع أنه لم يُحظى باهتمامٍ أكاديمي أو دراسةٍ موسيقية؛ إلا أنه كان محط أنظار كل من استمع لعزفه لُيشار إليه بالبنان بعد أن تمكّن من انتزاع إعجاب الجميع.
تمكّن “خورشيد علي” تولّد “القامشلي” عام /1980/م من صناعة آلته المُفضّلة بالاعتماد على أدواتٍ بدائية صمّمها على شكل هيكل “البزق” الحقيقي؛ لم يكن حينها قد بلغ الثامنة من العمر «استطعت امتلاك آلةٍ موسيقية بسيطة صنعتها من علبة فارغة وعصا طويلة بمثابة زند “البزق” أما الأوتار فاستعنت بالأسلاك التي تُستخدم في مكابح الدراجات الهوائية».
استمر “خورشيد” في العزف على آلته الصغيرة مدة /4/ سنوات كان خلالها قد تعلّم عزف الكثير من الألحان، إلى أن أتت الفرصة وحصل على آلة “الطنبور” «رغم حبي لآلتي الموسيقية التي صنعتها بيدي إلا أنه كان عليّ أن انتقل إلى مرحلةٍ جديدة لأتقدّم في العزف؛ فكانت هدية خالي أفضل الهدايا التي تلقيتها وهي آلة “الطنبور” الشبيهة إلى حدٍ كبير بـ”البزق” أحببت هذه الآلة جداً وتعلقت بها، وبدأت أتمرن عليها بانتظام وما زاد من عزيمتي ورفع مستوى أدائي هو الاختلاط مع العازفين وعشاق الموسيقى».
أدمن “خورشيد” على معزوفات أمير “البزق” الفنان “سعيد يوسف” والفنان “محمد شيخو” فقد كان يستمع لعزفهما بشغفٍ دائم وتأثر بهما إلى حدٍ بات لا يعزف إلا معزوفاتهما «كنت من
عازف البزق “خورشيد” |
المعجبين بألحانهما وعزفهما؛ فلم أتوانى لحظةً في تعلّم كل أغنيةٍ سُجلت باسمهما، لم أدرس الموسيقا يوماً لكنني أيقنت بأن الموهبة الفنية التي وهبني إياها الله كافيةٌ لبلوغٍ حلمي الذي أردته يوماً؛ بأن أصبح عازفاً محترفاً لآلة “البزق”».
بالرغم من امتلاكه للـ”الطنبور” إلا أنه كان دائم التعلق بصوت “البزق” وبسبب عدم وجود المال الكافي لشراء تلك الآلة؛ اضطر للعمل في مهنة نجار باطون ثم فراناً لدى أحد أصحاب المخابز «بعد فترةٍ من العمل المتواصل استطعت توفير ثمن “البزق” ولم أتوانى بعدها عن التدريب المتواصل والمستمر الذي كان يصل إلى /8/ ساعات يومياً، حتى بات بمقدوري التعامل بكل سلاسة مع الأوتار وإمكانية العزف لأغلب الفنانين».
لم يكن “خورشيد” يطمح في مرافقة المطربين في حفلاتهم الشعبية؛ لأنه كان يعتقد بأن مثل هذه الأجواء يؤثر على العازف بشكلٍ سلبي؛ لكنه أُجبر لسببٍ من الأسباب على اللجوء إلى الحفلات «لم أكن أُفكر أبداً بأنني سأضطر يوماً للعمل كعازف ضمن الفرق الشعبية؛ لكن إصابة كتفي أثناء العمل في النجارة من جهة وحاجتي للمال من جهةٍ أخرى أجبراني على مرافقة بعض المطربين؛ ومع
تربطه علاقة حميمة بآلة “البزق” |
ذلك فهذا العمل الجديد ساعدني بعض الشيء على مواجهة الجمهور والظهور على المسرح بكل ثقة».
ويرى “خورشيد” بأنه لم يحقق حتى الآن شيئاً من طموحاته التي رسمها عندما كان يحتضن آلته الصغيرة التي صنعها بيده قبل نحو عقدين من الزمن؛ ومع ذلك هو راضٍ على ما وصل إليه من شهرةٍ في وسطه المحيط كعازف “بزق” «حاولت جاهداً الالتزام بنمطٍ معين من الأغاني التي ترفع من سوية عازف “البزق” إلا أن ذلك لم يحدث؛ ففي كل مرة كنت اضطر إلى تلبية أذواق الحضور في عزف أغانٍ لا أُفضلها، فما يريد العازف تقديمه قد لا يكون مرغوباً عند الكثيرين؛ ومع أنني لست مقتنعاً بالمستوى الفني الذي وصلت إليه؛ إلا أن علامات الإعجاب والرضا التي أقرأها في وجه من يستمع لعزفي؛ تشدني أكثر لبلوغ القمة».
يقول عنه عازف الأورغ “علي داري”: «تعرّفت عليه خلال إحدى الحفلات التي رافقنا فيها أحد المُطربين؛ ومن يومها عرفته عازفاً مُتمكناً يعطي للحن حقه أثناء العزف؛ لديه إحساسٌ بما تعزفه أنامله؛ لكنه حتى الآن لم يجد من يُقيمه بشكلٍ صحيح».