الفنان والملحن ريزان سعيد
“ريزان سعيد”: وصولي للعالمية كان نجاحاً ذاتياً وثقةً بالنفس
الاثنين 06 كانون الأول 2010م
فنان موسيقي وملحن ومؤلف سوري أحيا التراث الجزراوي المتعدد الألوان، مبدع في أدائه وإيقاعه، عشق الموسيقا ونادته منذ نعومة أظافره، ليبدأ حلماً فنياً حقق الكثير منه بنجاحاته الكبيرة حتى الآن، أمنياته كبيرة ومستقبله واعد وطموح.
موقع eHasakeh بتاريخ 28/11/2010 التقى الفنان والملحن “ريزان سعيد” الذي كان معه الحوار التالي:
* حدثنا أولاً عن بداياتك في عالم الموسيقا والفن؟
** بدايتي كانت في مرحلة مبكرة من عمري وتحديداً المرحلة الابتدائية، حيث كنت أمارس العزف على آلة “الناي” تلك الآلة التي صنعها لي والدي من عود القصب، وخلال تلك المرحلة شاركت بعدة مسابقات على مستوى المحافظة والقطر، ونلت المراكز الأولى من خلال تمثيل مدينتي “رأس العين”، كما كنت أمارس العزف أحياناً على آلة الأكورديون، ولكن حياتي الموسيقية مع آلة الأورغ بدأت في المرحلة الإعدادية عام 1992 عندما اقترح عليّ الفنان “حسين شاكر” أن أقوم بالعزف على الأورغ خلال تسجيله لكاسيت غنائي خاص به، لذا قمت بالتدرب على تلك الآلة حديثة العصر في منطقتنا، وأتقنت العزف عليها في مدة قصيرة لتصبح آلتي المفضلة والوحيدة والتي أصبحت حلمي الوردي..
* بداياتك كانت على آلات بسيطة، ألم تكن النقلة للأورغ صعبة عليك رغم تعدد الآلات والموسيقات في تلك الآلة؟
** بالنسبة لصغر سني لا لأن الموسيقا هي عشقي الأوحد منذ الصغر، وأول ما رأيت تلك الآلة ازداد طموحي لمعرفة العزف عليها، رغم ندرتها آنذاك في منطقتنا وندرة عازفيها، والسبب في محبتي لها هو مجالاتها الواسعة وطابعها القريب من كافة الثقافات والشعوب…
* ما الانجازات التي استطعت تحقيقها على تلك الآلة؟
** أول إنجاز لي هو اتقاني للعزف عليها، والثاني هي من أوصلني إلى الشهرة من خلال العزف مع فنانين كبار في الجزيرة، فالبداية كانت مع الفنان الشعبي “عمر سليمان” عام 1996 من خلال العزف معه في الحفلات والأعراس، فمن المعلوم أن الفنانين في منطقتنا شهرتهم تبدأ من الحفلات والأعراس، فمن خلال تلك الحفلات استطعت إتقان تلك الآلة وإنشاء الحان وإيقاعات جديدة على آلة الأورغ من خلال التنوع في الألحان والأداء وإدخال أنماط غربية على العزف في الحفلات والأعراس، كان لها دور كبير في إقبال الناس على الأغاني الشعبية والاستمتاع بألحان آلة الأورغ وإيقاعاتها والعامل المساعد هو التنوع السكاني والثقافي في المنطقة الذي يعطي نكهة خاصة بالدمج بين ثقافة الشعوب الموجودة وموسيقاتها.
* الموسيقا والتلحين والعزف فنون تتطور بسرعة، كيف سايرت ركب هذا التطور وأنت موجود في منطقة الجزيرة؟
** منذ بداية عزفي وأنا أواكب التطور الحاصل على مستوى الموسيقا وبشغف وخاصة آلة الأورغ المتعددة الآلات بحكم أنها تدمج العديد من الآلات الموسيقية والإيقاعات ضمن آلة واحدة، والتطور الأعظم كان مع دخول تقنية البرامج الموسيقية عبر الكمبيوتر، وأنا أتقنت هذه البرمجة منذ عام 1999 وقمت بإدخالها في كاسيت للفنان “عمر سليمان” كتجربة في الأستوديو الخاص بي، والحمد لله نجحت فيها، والفكرة لاقت استحسان العديد من الفنانين في الجزيرة ليقوموا بإعداد كاسيتاتهم عن طريق تقنية البرمجة الالكترونية، لتأتي بعدها النقلة الأعظم بظهور الفضائيات وموجة الفيديو كليب، وأيضاً كنت السباق في منطقتنا بأتقان ميزاتها وكانت الثمرة تلحين وتأليف موسيقا أغنية “خطابة” عام 2003 للفنان “عمر سليمان”، وبعدها الفنان “عدنان جبوري- محمود عبوش- ريبر وحيد”..
* هل لاقت موسيقاك صدىً لترتقي بك إلى الأعلى؟
** الحمد لله كل الفضل يعود لمتابعتي وحبي لعملي، والجمهور هو في النهاية الحكم الفاصل بالنسبة لي، حيث ارتقيت بفني وتابعته بالذهاب للعاصمة “دمشق” والتعرف على مجموعة من الموسيقيين ومنهم الموسيقي والملحن “رضوان نصري” الذي اندهش بعزفي وتلحيني، وكانت ثمرة نجاحي إعدادي للموسيقا التصويرية في مسلسل “حصرم شامي” الذي لاقى جماهيرية، رغم هدر تعبي وحقي من خلال عدم إظهار اسمي كمؤلف بل عازف من قبل الأستاذ “رضوان نصري”، ومسيرة نجاحي بدأت من هنا، وأدخلتني عالم الشهرة من خلال تلحيني لفنانين عرب أمثال “حسين سلمان” من الأردن و”عاصي الحلاني” من “لبنان” مع إقامة حفلات في عدة دول.
* أغنية “بس اسمع مني” التي غنتها الفنانة “سارية السواس” والتي لاقت إقبالا واسعا، هل لك أن تحدثنا عن علاقتك بالأغنية؟
** هذه الأغنية قمت بتلحينها للفنان “سعد الحرباوي” منذ قرابة عشر سنوات، ولكن لم تلق ذاك الإقبال آنذاك، ومنذ سنتين تنازلت عنها للفنانة “سارية السواس”، وفي نفس الوقت طلب لحنها مني الفنان “عاصي الحلاني” ولكن غناها بكلمات مخالفة بعنوان “ندراً علياّ”.
* اعتماداً على خصوصية الموسيقا التي تقدمها؟ أين تقوم بتسجيلها؟
** أنا أسجل هنا في سورية، وبالتحديد في مدينة “رأس العين” ضمن استوديوهاتي، إلا أنه أحياناً إذا اضطر الأمر
أقوم بتسجيلها في “دمشق” وذلك لقلة المعدات لدي.
* أنت ابن الجزيرة والفرات، من أين تختار لون موسيقاك؟
** الجزيرة كما قلت فيها ثقافات وألوان متعددة، وما أوصلني إلى الشهرة هو دمجي لكافة تلك الثقافات الموجودة في المنطقة، من موسيقا عربية، كردية، آشورية، سريانية، الماصولة الرقاوية نسبة لمحافظة “الرقة” والديرية نسبة لمحافظة “دير الزور”.
* أنت تعزف مع فنانين يغنون الفلكلور الشعبي والتراثي في المنطقة، حدثنا عن دور الملحن والشاعر في هذا اللون من الأغاني؟
** للملحن والعازف والشاعر دور كبير في أداء الأغنية الشعبية، وهما صنوان متلازمان مع الفنان، فالظاهر هو أن الفنان هو الحجر الأساس في الأغنية الشعبية ولكن في الحقيقة الدور الأساسي هو للشاعر والملحن والعازف، فالعازف الماهر هو الذي يحرك الجمهور ويخلق جو منسجم، أما الشاعر هو الشخص الخفي وراء نجاح الأغنية، فهو المتابع والمراقب أثناء الحفلات لأنه يكتب حسب الأجواء المطلوبة.
* ما رأيك بالواقع الحالي للأغنية الشعبية في منطقة الجزيرة؟
** يوجد فنانين موهوبين في المنطقة، ولكن ما ينقصها هو الدعم من الجهات المعنية والاهتمام، بالإضافة إلى الدعم الإعلامي والمهرجانات الشعبية، وإعداد مؤسسات تضم تقنيات تكنولوجية حديثة، وبوجود هذا الدعم أتوقع الارتقاء التام للأغنية الشعبية ووصولها إلى العالمية، مع دعم من وزارة السياحة لهذه المناطق والتعرف على تراثها الفني، كما يوجد عامل سلبي آخر هو عدم وجود نقابات فنية ورقابية في المنطقة، لذا معظم النجاحات تكون ذاتية.
* ما حلمك كفنان وموسيقار وملحن وعازف؟
** حلمي هو أن امتلك استوديو كبيراً، يضم كافة الأجهزة والمعدات التقنية والكوادر المتعلقة بالتأليف والتوزيع والتلحين الموسيقي، والأهم العمل على تطوير آلتي المحببة الأورغ، وتطوير مستوى الموسيقا في منطقة الجزيرة، والارتقاء بها على الرغم من وجود عروض خارجية إلا أنني أرغب بالارتقاء بموسيقا بلدي.
* شاركت مع الفنان “عمر سليمان” في مهرجانات عالمية؟ هل لك أن تحدثنا عنها؟
** بداية مشاركاتنا أتت من خلال عرض من قبل شركة “سبرايم رينكوسيس” الأمريكية، التي طلبت من الفنان “عمر سليمان” توقيع عقد بالمشاركة في مهرجان سنوي في “بريطانيا” وتفوقنا بالمشاركة، حيث زرنا حتى الآن أكثر من عشر مدن أوروبية وأمريكية، حيث تقام هناك مهرجانات سنوية تشارك فيها عدة فرق موسيقية وغنائية وكان آخرها مهرجان (مونتريال) في كندا ومهرجانات عدة في ولايات أمريكية عدة، فرغم أن عقدنا البدائي كان لسنة واحدة إلا أن الإقبال الجماهيري علينا جعلهم يمددوا عقدنا خمس سنوات أخرى والحمد لله استطعنا إيصال صوت سورية والجزيرة وتراثها الشعبي إلى مصاف العالمية.
* هل لاقيتم اهتماما من الجهات المعنية في سورية بعد نجاحكم هذا؟
** بصراحة لا، لم يعرنا أحد أي اهتماما، وهذا الشعور يزعجنا لأننا مثلنا وطننا وبلدنا وأوصلنا تراثه الغنائي إلى العالمية، على العكس من الاهتمام والترحاب من الجهات الغربية وإعلامها المرئي والمقروء، وللأسف لم تقم حتى الآن أي جهة حكومية أو إعلامية بالاحتفاء بنا.
* كان لك دور كبير في إدخال ألحان موسيقية جديدة للتراث الجزراوي؟ ومن هم أهم الفنانين الذين تعاملت معهم؟
** على مستوى الجزيرة تعاملت مع معظم الفنانين والشعراء مثل الفنان الكبير “محمود عزيز شاكر” و”حميد سليمان” و”مصطفى خالد” و”حسين شاكر” و”عمر سليمان” و”سعد الحرباوي” و”محمود عبوش” و”عز الدين الفراتي”، وشعراء أمثال “محمود الحربي” والشاعر والملحن الكبير “محمد علي شاكر”، كما شاركت في شهرة العديد من الأغنيات من خلال التلحين مثل “خطابة خطابة” لعمر سليمان و”إيش كثر مشتاق” لـ “عز الدين الفراتي” وأغنية “أسمع بس أسمع” لسارية السواس، كما لحنت لعدة فنانين أمثال “ينال طاهر” و”ريبر وحيد”، وعربياً الفنان الأردني “حسين سلمان” والفنان اللبناني “عاصي الحلاني”، كما قمت بإعداد شارة الموسيقا التصويرية لبرنامج بريد الأطفال الذي يعرض على القناة الأرضية الأولى.
الفنان “عمر سليمان” قال عن “ريزان”: «أنا و”ريزان” نعمل منذ سنوات عديدة وبالفعل كل يوم أكتشف فيه مواهب جديدة من خلال إبداعاته، والحقيقة هو عازف وملحن وموزع موسيقي من الطراز الرفيع، وخلال الحفلات التي شاركنا فيها في عدة دول أوروبية وأمريكية، كان بمجهوده الفردي بمثابة فرقة كاملة، وأتمنى له مستقبلا مشرقا».
أما الملحن والموزع الموسيقي “محمود برازي” فقال: «”ريزان سعيد” معجزة موسيقية بالنسبة لي، وهو مرجعنا الموسيقي في منطقة “الجزيرة” فهو يملك أحاسيس وملكة موسيقية عالية، ويطرح أفكارا جديدة دوماً، وهو إرث موسيقي للثقافة الموسيقية في منطقتنا».
بقي أن نذكر أن الفنان والملحن “ريزان سعيد” من مواليد 1978 مقيم في مدينة “رأس العين” التابعة لمحافظة “الحسكة”، له مشاركات كثيرة في مجال التلحين والتوزيع الموسيقي، شارك بمهرجانات على المستوى المحلي والعالمي في إحياء الأغنية الشعبية.