الإبداع لا حدود له يحتاج أن يتخطى حدود الخيال والواقع , فيدفع الفنان لابتكار أساليب وأدوات جديدة دائماً فتكون أدواته أحيانا الرمل والماء والقهوة والشكولاته ..
أقام المكتب الفرعي لنقابة المعلمين بحمص معرضا تشكيليا للفنان المبدع مؤيد كنعان في جامعة البعث بمناسبة أعياد آذار ضم المعرض 55 لوحة تنوعت فيها وسائل الرسم وأساليبه وتقنياته فأستعمل السكين والريشة والقهوة والألوان الزيتية , وتنوعت موضوعاتها بين الخيال والواقع الاجتماعي التوعوي للاهتمام بنظافة البيئة…
القهوة إحدى أدواته بالرسم برغم صعوبة تثبيتها , قام بتثبيتها بمثبت الشعر تارة وبمزجها مع مادة الغري تارة أخرى, فأبدع لوحات جسد فيها مدنا وشوارع مزدحمة ومساجد وكنائس والأنثى بكل حالاتها فهي المتحررة من القيود
, والفنانة والحالمة وقد انعكس حبه لزوجته ووالدته في لوحاته فكانت الأنثى حاضرة بقوة بأغلب لوحاته, فطمس وجهها في أغلب لوحاته ليزيدها رونق وجمال , لم تمنعه المسافات الصغيرة من الإبداع التي هي عبارة عن لوحات مكتبية أو غرف , برغم عشقه للمسافات الشاسعة التي تسمح للخيال بالإبداع الذي نراه في لوحاته الزيتية التي تناسب الصالونات والفنادق والبيوت العملاقة والقصور , رسمه بالسكين الذي يعطي اللوحة حرارة حين يتأملها الناظر ليتخطى كونها مجرد لوحة فيدفع التجريد المهتم إلى حالة من التأمل ..
مما أعطى المدن العملاقة التي رسمها إيحاءات من خلال الإضاءة وانعكاسها فنلاحظ فيها شي من التجريد الممزوج بالواقعي فكانت لوحاته واضحة بعيدة عن الغموض والإبهام, لتناسب جيل الشباب الذي يفضل الرؤية البصرية الواضحة, ولا تخلو بعض اللوحات من الرمزية , وتبحر في بعض اللوحات التي تجسد الريف لترى فيها قريتك أو منطقتك وتفاوت المستوى العمراني , فتجد منزلا بسيطا بجانب قصر كبير حيث تشعر أنه يرسم كل منطقة في الجبل والساحل, فنرى في لوحاته الريف المكسيكي واللاتيني والأفريقي …
نلاحظ في لوحاته بريقا يوحي بظهور نهج جديد أو مدرسة جديدة من حيث مزج الألوان, وابتعاده عن الرسم بالألوان الكلاسيكية , بهدف إضافة تفاصيل أكثر وألوان مختلفة , من خلال اللعب بدرجات اللون فيظهر الظل والضوء وإسقاطات مختلفة للألوان , فنرى لون الزهر وانعكاسات الضوء من خلاله , فنلاحظ أنه خرج عن الأسلوب التقليدي في لون البحر وكانت لتشكيلات الغيم عدة ألوان تتناسب مع ألوان الربيع , فنرى الأخضر والأزرق والفستقي والزهري والرمادي …
وكان لمنظر الليل في لوحاته ألقٌ أخر فكانت الإضاءة واضحة بلوحاته , ظهر عشقه للبحر من خلال انعكاس الأبنية والنوافذ وأشعة الشمس على وجه الماء, وظهر كنعان كرسام وشاعر وكاتب من خلال لوحة يعبق منها رائحة الورد, فكانت انعكاس للأمل والفرح الذي يتطلع إليه مع انتهاء الحرب وجر ذيولها , كأن الفنان يستعيد طفولته من خلال هذا المعرض ورؤيته الفرح في وجوه الحاضرين .
عمل الفنان على ابتكار تقنيات جديدة بهدف الحفاظ على اللوحات من عوامل الطبيعة , حيث أنه رسم لوحاته بالألوان الصينية التي تفقد بريقها بعد مضي عام , فتحتاج عادة لترميم , ونظرا لعدم توفر الألوان الإيطالية بسبب هجرة أغلب الفنانين, عمل الفنان على مزج الألوان الصينية مع زيت الخروع وزيت الزيتون أو زيت السيارات لإعطائها رونقاً وبريقاً .
أخيرا : نستطيع القول بأن كنعان وضع لمسة خاصة من خلال معرضه , فكان اللبنة الأولى لمشروعه الخاص وتحقيقاً لهاجس راوده بإضافة شيء لفن الرسم , نلاحظ من خلال لوحاته أنه نجح في تطوير ذاته بابتكار تقنيات جديدة , فيظهر الفرق واضحا بالتقنيات بين أول لوحة وأخر لوحة باكتسابه خبرة واحتراف في استخدام ِتقنيات الرسم.
وقد تميز المعرض بالحضور اللافت من كافة المستويات الثقافية طيلة أيام العرض وخصوصا من طلاب الكليات المختلفة …