الفوتوغرافيا بين النقد و الانتقاد ..
بحكم علاقاتي الشخصية مع الكثير من المصورين المحترفين أو المبتدئين أو ما بينهما، أرى أن إيمان المصور يتقلب بين جنة النقد و جحيم الانتقاد، لذا سأقوم بنقاش هذا الموضوع من وجهة نظري المتواضعة، لكن دعوني ابدأ مقالتي هذه، بشرح الفرق بين هذين المصطلحين الجدليين لغويا.
“النقد يكون بطرح نقاط متعلقة بالشيء المراد نقده سواء على السلب أو الإيجاب و تكون لغة الخطاب بناءة و ودودة، اما الانتقاد فهو ذكر الشيء المراد نقده و التركيز فقط على الامور السلبية و تكون لغة الخطاب هدامة و تحمل نوعا من التشفي -إن صح التعبير-”
هذه التعريفات اللغوية تنطبق على هذين المصطلحين في جميع مجالات الحياة و الفنون، و لكننا إذا أردنا اسقاطهما على عالم الفوتوغرافيا لرأينا العجب العجاب.
اذا حللنا بعض حالات النقد المزعومة في عالم التصوير لوجدناها تتميز بدونية الانتقاد و لا ترتقي لسمو النقد، فمن يرى صورتك -إلا ما رحم ربي- يبدأ بمهاجمتك مباشرة مستخدما جميع أسلحته من مصطلحات فوتوغرافية و عبارات تكوينية و جمل تحطيمية عما يتعلق بعلم الضوء و فيزيائية العدسات و تشريح العين مما قد سمع بالصدفة أو مما قد تم مهاجمته به من قبل …!!!
و هذا مما يسبب الصدمة للمصور و يجعله متخوفا من عرض أعماله مرة أخرى خوفا من أن يتم قتله فوتوغرافيا بإحدى تلك الأسلحة الانتقادية الرائجة.
و الحق يقال أن بعض مخضرمي المصورين يتقنون النقد البناء بل يحترفونه، و أنا هنا لست بصدد ذكر الأسماء فالأعلام كثيرون في هذا المجال. لكنني بصدد تسليط الضوء على تجاربهم النقدية و كيف وصلوا لهذه المرحلة من القدرة على النقد البناء.
هذه الأسماء غالبا هي من متذوقي الفن عموما و التصوير الضوئي خصوصا، و لقد وصلوا مراحلا متقدمة جدا من الفهم لتكوين الأعمال و طرق الإضاءة و طرق إيصال الفكرة عن طريق الصورة. فتراهم يتأملون عملك لثوان طويلة بل لدقائق قبل أن ينطقوا بحكمهم بذكر إيجابيات العمل و من ثم البدء بذكر سلبياته بطريقة راقية و دون تجريح و ينهون تعليقهم بما يمكن أن يجعل عملك أكثر قوة و تأثيرا، و كل ذلك ليس بلغة التنظير بل بلغة الدارس العارف الفاهم لحيثيات العمل و المراد منه.
لذا فلنحتفي بهؤلاء النقاد المميزين بأسلوبهم المميز في تحليل الأعمال و لنحتذي بهم، و الأهم من ذلك أن نحاول اتباع أسلوبهم الفريد في إيصال الفكرة دون تحطيم أو تدمير المتلقي، بل لا أبالغ حين أقول أننا يجب أن نتعلم أسلوبهم السحري في تحفيز المصور على إعطاء أفضل ما عنده و الخروج بأعمال أقوى و أكثر تميزا.
فلنتعلم كيف ننقد، لا كيف ننتقد ….!!!
أخوكم / ملهم الرومي،
مسؤول اللجنة الإعلامية،
نادي صقور الإمارات للتصوير الضوئي.